سادت توقعات وسط المحللين والمتابعين، على مدى أعوام، بأن شركة «أبل» ربما سترغب في شراء شركة «ديزني»، التي تبلغ قيمتها السوقية ما يقرب من 150 مليار دولار، بينما تقارب قيمة «أبل» 3 تريليونات دولار.
وجاءت هذه التوقعات من أن العلاقات بين الشركتين ظلت قوية، منذ أمد بعيد، حيث أصبح ستيف جوبز، المؤسس الشريك ل «أبل»، أكبر مساهم فردي في «ديزني» عقب استحواذ الأخيرة على شركة بيكسار، التي كانت مملوكة آنذاك لجوبز، مقابل 7.4 مليار دولار، عام 2006.
كما أعطت هذه الصفقة جوبز مقعداً في مجلس إدارة «ديزني»، وعززت الصداقة الوثيقة بينه وبين الرئيس التنفيذي للشركة بوب إيجر، الذي أقر في كتاب يروي قصة حياته بعنوان: «رحلة العمر»، المنشور في 2019، باعتقاده أن شركتي ديزني وأبل ربما كانتا ستندمجان، لو امتد العمر بجوبز الذي توفي عام 2011. ومنذ تولي إيجر منصب الرئيس التنفيذي حافظ على علاقة ديزني مع جوبز.
منفعة متبادلة
يمكن وصف بيع ديزني لأبل بأنه مثل حكاية من حكايات ديزني؛ بدأت في حياة البطل جوبز، ولكنها تواصلت بعد وفاته، ورغم أنها نهاية البطل، إيجر، الذي ما زال على قيد الحياة، إلا أنه قد يرى في عملية الاستحواذ طريقة مثلى لتحويل ديزني إلى شركة إعلامية حديثة، لاقترانها مع شركة التكنولوجيا الأكثر نجاحاً في التاريخ. وربما تكون العلامة التجارية الشهيرة لديزني المناسبة للعائلات، متوافقة مع شركة أبل، حيث تجتذب المستهلكين في جميع أنحاء العالم.
وبعيداً عن أن أبل لا تفضل عمليات الاندماج والاستحواذ، فإنها لا تمتلك أية كفاءة أساسية في إدارة المتنزهات الترفيهية أو بيع أنواع المنتجات الاستهلاكية التي توفرها ديزني. وبالطبع أنها لا تريد أن تكون في مجال تلفزيون الكابل الذي في طريقه، لأن يصبح شيئاً من الماضي.
وفي حين انخرطت أبل في امتلاك حقوق الألعاب الرياضية، وإنشاء محتوى مكتوب ل «أبل TV+» إلا أن الأعمال صغيرة للغاية، مقارنة بصنع وبيع الأجهزة لدرجة أنها في الأساس غير مادية للشركة.
فمن ناحية يؤدي شراء ديزني إلى تعزيز تلك الشركات الوليدة، ما قد يساعد على التخلص من أجهزة أبل وفي زيادة إيرادات الاشتراكات، ويمكن لأبل شراء ديزني لإنتاج محتوى لسماعات الواقع المعزز الخاصة بها، والتي من المحتمل أن تكون قسم النمو الرئيسي التالي للشركة، ولكن ربما لا يكون هذا سبباً كافياً لإجراء عملية استحواذ.
الموافقات التنظيمية
حتى لو سيطرت على تيم كوك، الرئيس التنفيذي لأبل، فكرة امتلاك ديزني والامتيازات المرتبطة بها، فإن الأمر غامض في ما يتعلق بموافقة الجهات التنظيمية على الصفقة؛ والتي لن توافق على الأرجح. ففي ظل إدارة لينا خان للجنة التجارة الفيدرالية، والتي حاولت اتخاذ إجراءات صارمة ضد عمليات الاستحواذ الكبيرة على التكنولوجيا، يجعل احتمال سماح الحكومة الأمريكية لأبل بزيادة هيمنتها على الاقتصاد العالمي احتمالاً ضئيلاً.
وربما يكون للشركتين، أبل وديزني، حق رفع دعوى قضائية للحصول على الموافقة، حيث إنه ليس لديهما الكثير من التداخل، ولكن العملية ستكون مستهلكة للوقت وفوضوية، ما يؤدي إلى عدم اليقين. وحتى في حال الموافق، فإن الاتفاقية تعني أن ثقافة ديزني يجب أن تمتزج مع ثقافة أبل.
ورسخ عهد بوب تشابيك قوة ثقافة ديزني الحالية، وأظهر كيف أن تغيير مواقف الموظفين وتوقعاتهم ليس بالأمر السهل، وإن دمج الثقافتين المتميزتين والراسختين يبدو وكأنه مقدمة لكارثة محتملة. وهناك أدلة دامغة على أن عمليات اندماج وسائل الإعلام الكبيرة، تمثل تدميراً هائلاً للقيمة كما حدث في حالة استحواذ «ايه أو ال» على تايم وارنر، واندماج شبكة سي بي إس وفياكوم