أكد المهندس أحمد محمود محمد، مدير إدارة التراث العمراني والآثار في بلدية دبي، والمهندس رشاد بوخش، رئيس جمعية التراث العمراني في الدولة، أن التراث العمراني يشكل مفتاحاً مهماً لقراءة التاريخ، مشيرين إلى أن التراث العمراني في الإمارات العربية المتحدة واجه مجموعة من التحديات والإشكاليات، تمثلت في تأثير التطور العمراني على الأماكن التاريخية، ومستوى الوعي المجتمعي حيال المحافظة على هذا التراث، الذي اعتبراه بمثابة “كنز للأجيال المقبلة”.
جاء ذلك خلال جلسة بعنوان “الإشكاليات والتحديات التي تواجه التراث العمراني”، ضمن فعاليات الدورة الـ 18 من “أيام الشارقة التراثية”، التي تقام في ساحة التراث بمنطقة قلب الشارقة حتى 10 أبريل المقبل.
وأكد المهندس أحمد محمود محمد، خلال الجلسة التي أدارتها هنيدة الخالدي، الخبيرة المعمارية لمعهد الشارقة للتراث، على أهمية الحفاظ على التراث والأماكن التاريخية واستغلالها بطريقة مثلى، وقال: “التراث يمثل ذاكرة الإنسان الذي عاش في المكان، ومن هنا تأتي أهمية المحافظة عليه، كونه يمثل الخيط الذي يربطنا بالماضي، وبالهوية الوطنية، والمكان أيضاً”.
وقال: “هناك جهود بذلت لحماية هذه المواقع، حيث تم تجميد بعض المناطق القديمة في دبي مثل حي الفهيدي والشندغة، لمدة من الزمن، تلاها عملية ترميم شاملة للمنطقة، كما أصبح لدينا لجان للمحافظة عليها، وتم وضع معايير صارمة تفرض عدم هدم أي مبنى تاريخي، وهذا بلا شك ساهم في حماية هذه المباني”.
وأضاف: “أصبحت المباني التاريخية تشكل مصدراً مهماً للسياحة، ولذلك فمن المهم جداً قبل البدء بترميم أي مبنى تاريخي، إعداد دراسة تبين طبيعة الاستخدامات التي سيشهدها المكان وتحديد احتياجاته، وكيفية توظيفه مستقبلاً، بحيث يتجاوز مجرد قيمته كمبنى أثري وتاريخي إلى كونه مصدراً للدخل، وهذه العملية واحدة من الإشكاليات التي تواجه التراث العمراني، خاصة أثناء القيام بالترميم”.
من جانبه، تطرق المهندس رشاد بوخش، إلى أهمية رفع مستوى الوعي بالمحافظة على التراث العمراني والأماكن التاريخية، مستعرضاً عدداً من التجارب التي مرت بها المناطق القديمة بالإمارات، وعلى رأسها منطقة الشندغة التي تعرضت إلى الهدم قبل أن يتم إعادة بنائها من جديد، وفق التصاميم التي كانت عليها سابقاً.
وقال: “إن مستوى الوعي المجتمعي حيال المحافظة على المباني التاريخية شهد ارتفاعاً في المجتمع الإماراتي خلال السنوات الأخيرة، حيث جاء من الإيمان بأهمية هذا الإرث التاريخي، والذي يكشف مدى تجذر علاقتنا بالتاريخ، والظروف التي مرت بها هذه المنطقة، والتي يمكننا أن نقرأها من طبيعة التصاميم والزخارف التي تميزت بها البيوت والمناطق القديمة”، ونوه بوخش إلى أن قناعة صنّاع القرار في الدولة بأهمية وجود هذه المباني وضرورة المحافظة عليها، ساهم كثيراً في رفع نسبة الوعي المجتمعي.
وتطرق بوخش إلى الدور الذي يلعبه التراث العمراني في عملية قراءة التاريخ، حيث قال: “التراث العمراني جزء أساسي من تراث وحضارة أي دولة، وأهميته تكمن في كونه يمثل مفتاحاً لقراءة التاريخ، واكتشاف ودراسة تفاصيل تاريخ الدولة والأحداث التي تكالبت عليها، ويتم ذلك من خلال طبيعة النقوش والزخارف، وفلسفة وطريقة البناء والتي تختلف من فترة لأخرى، ومن حضارة لأخرى، حيث يمكننا ذلك من تحديد العمر الزمني لهذا المكان أو الموقع”، مشيراً إلى أن طبيعة المباني القديمة الموجودة في الإمارات، وتصاميمها ساهمت في معرفة واكتشاف أسرار المكان، إلى جانب الطبيعة والظروف البيئية التي عاشها الناس في ذاك الوقت.