- ندوة نقدية تستحضر الاسهامات الثقافية لـ”الشناقطة”
- شعراء يودّعون قصائد الألم ويرفعون راية الأمل
اختتم مهرجان نواكشوط للشعر العربي فعاليات الدورة السابعة التي أقيمت تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بحضور سعادة عبد الله العويس رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، والاستاذ محمد إبراهيم القصير مدير إدارة الشؤون الثقافية في الدائرة، الأستاذ محمد البريكي مدير بيت الشعر في الشارقة، ود. عبد الله السيد مدير بيت شعر نواكشوط، وعدد من الشعراء والمثقفين والنقّاد.
وتواصلت الفعاليات على مدى 3 أيام بمشاركة أكثر من 14 شاعراً وشاعرة من موريتانيا والسنغال ومالي وغامبيا والوطن العربي.
وثمّن الشعراء المشاركون في مهرجان نواكشوط للشعر العربي، الدور الثقافي البارز الذي تقوم به الشارقة، معتبرين بيوت الشعر- إحدى تمثّلات مشروعها الثقافي الممتد- في الوطن العربي؛ منصة إبداعية تعيد للشعر مكانته، وأشادوا ببيت الشعر في نواكشوط واصفين إياه بـ”الحاضنة الثقافية للمبدعين الموريتانيين”.
وشهد اليوم الختامي للمهرجان ندوة نقدية حملت عنوان“النقد الأدبي في موريتانيا: قضاياه وإجراءاته” أدارها الدكتور الشيخ سيدي عبد الله، وحاضر فيها أربعة نقّادهم: د. فاطمة عبد الوهاب، د. أحمد أبو بكر، د. محمد محمود الزبير، د. أحمدو آكاه، بالإضافة إلى المقررين د. ابوه بلبلاه و أ. فاضل غي.
وسلطت الندوة الضوء من زوايا متعددة على تاريخ النقد الأدبي قديما وحديثا للنص الشعري في موريتانيا وإشكالاته.
الدكتورة فاطمة بنت عبد الوهاب قدّمت ورقة بعنوان: “الوعي النقدي في شروح الشناقطة للشعر (قراءة أولية في المربي على صلاة ربي)” وتحدثت عن اشتغال الشناقطة منذ بواكير نهضتهم الأدبية بالشعر العربي تذوقا وشرحا وتعليقا.
وقالت : “وقد وجه هذا الاشتغال أهداف مختلفة، وبغض النظر عن الأسباب والمرامي التي دفعت هذا الشارح أو ذاك إلى التصدي لشرح قصيدة أو ديوان بعينه، فقد خلّف مشغل الشرح ركاما من النصوص متنوعة الأحجام والرؤى والأدوات ومدونات الاشتغال.”
واستعرض الدكتور أحمد أبوبكر بحثه الذي تناول غياب الحديث أو البحث في نقد الشعر العربي القديم عند الموريتانيين، حيث عرض بحثا في هذا السياق تطرق فيه إلى أهم النصوص والدواوين الشعرية القديمة التي كانت منتشرة في المجال الموريتاني؛ بالإضافة إلى نماذج كثُرت شروح الموريتانيين لها وهي: لامية العرب، قصيدة بانت سعاد، ديوان الستة الجاهليين، ديوان غيلان، كما تطرق إلى بعض شروح الشواهد في إطار حديثه عن الإسهامات النحوية لدى الشناقطة في نقد الشعر. وختم ورقته البحثيةبذكر نماذج نقدية من الشروح الموريتانية للشعر .
بعد ذلك استمع الحضور إلى د. محمد محمود الزبير الذي قدم محاضرة بعنوان : “النقد وقضاياه عند الشناقطة في القرون 12- 13- 14هـ” حيث ناقش فيها موضوعا من مواضيع الثقافة الشنقيطية القديمة يتمثل في الخطاب النقدي، فنتساءل عن إشكال النشأة وقضايا المرجعية، وأخيرا قضايا نقدية واكبت فترة الوفرة في الإنتاج الأدبي.
وفي سياق تطرقه إلى موضوع النقد في موريتانيا رأى الدكتور أن الدخول إليه لا بد له من خطة بحثية تتوخى الإثارة والسؤال حول: نقد الشعر والسياق الثقافي القدي؛ وكذلك البحث حول أهم روافد النقد الأدبي عند الشناقطة؛ ثم القضايا النقدية التي أثيرت إشكالاتها عندهم.
وكانت آخر الورقات ضمن الندوة مع الدكتور أحمدو آكاه الذي أخذت محاضرته منحى البحث في النقد الحديث حيث كانت بعنوان ” النقد الأدبي الحديث في موريتانيا: القضايا والإجراءات من خلال كتاب الشعر الشنقيطي في القرن الثالث عشر للعلامة الدكتور جمال ولد الحسن نموذجا.
وأثار خلال محاضرته جملة من القضايا سواء على مستوى التنظير أو على مستوى التطبيق، من خلال بعض المقاربات النقدية التي أسهمت في تطوير المناهج النقدية وتطبيقها عمليا على الأعمال الأدبية الموريتانية وغيرها، ومن بين تلك الأعمال النقد الغربي والنقد العربي: نصوص متقاطعة، للأستاذ الدكتور محمد ولد بوعليبه، والنقد الأدبي في موريتانيا المناهج والقضايا، نقد الشعر نموذجا، للأستاذ الدكتور محمد الحسن ولد محمد المصطفى.
واختتمت فعاليات الندوة بمداخلات المقررين اللذين استعرضا على عجالة خلاصة البحوث التي تم تقديمها خلال الندوة؛ من خلال التركيز على أهم الإشكالات التي أثيرت والقضايا التي تمت دراستها.
وصاحب الندوة حفل التوقيع لديوان ” تراتيل النبض” للشاعر محمد محمود الساسي، الذي صدر لهذا العام ضمن مجموعة من الدواوين عن دائرة الثقافة في الشارقة.
كما شهد اليوم الختامي أمسية شعرية، واستمع الحضور إلى الشاعر أحمد بولمساك، الذي قرأ من قصائده نصا بعنوان ” الهروب” يقول فيها:
ذكرتك لم يبقَ منك بذهنيَ غير
التماعات طيف ضئيل
تأوبني في هزيع الدم المتموج
بالأسئله.
بدوره، قرأ الشاعر المغربي عمر الراجي مجموعة من نصوصه الشعرية من بينها قصيدة يقول فيها:
سمراء يا لغة الرؤى والماء سمراء مثل حقيقة الشعراء
عربية كالسحر، عيناك المدى والريق في الفم: برق سماء
ثاني الأيام
وشهد اليوم الثاني من فعاليات مهرجان نواكشوط للشعرالعربي أصبوحة شعرية أولى بمقر بيت شعر نواكشوط،والتي قدم من خلالها أربعة شعراء تجاربهم الشعريةمتعددة الأغراض.
وبدأت الأصبوحة الشعرية، التي أدارها الإعلاميالحسن ولد محمد، بقصائد للشاعر محمد محمود(ممود) بلبلاه. ومن ضمن القصائد التي ألقاهاقصيدة أهداها إلى صاحب السمو حاكم الشارقة، يقول:
عبق التحايا والتهاني الفائقه وفدا لبيت الشعر تعزف رائقه
هديت إليه من أخٍ يحدوهُ حبٌّ صادقٌ ودعتهُ رؤيا صادقه
جمعت لنا شنقيط من أرجائها تهوى عناقا دافئاً للشارقه
قد وثقت منا الصلات فأرضنا بمحامد الدكتور طُرّاً ناطقه
فبكم سمو الشيخ سلطانِ سليل محمدٍ القاسمي نلنا ثقه
بعد ذلك استمع الحضور إلى ضيف المهرجانالشاعر شيخنا أحمد التيجاني امبودج(السينغال)، الذي أنشد من قصائده:
منذ نوح والرمل يجري وأجري
والمسافات بيننا شوق نهر
كلما قيل:
من تحاول غيم،
زاد طولا غصن الحياة بفكري
ظمأ ما بداخلي ولأني
للصحاري أنحاز لا للبئر
ولأني أخشى الهبوط إلى
نفسي أسمي المجاز أحلى مقر
أما الشاعر أبوبكر المامي فقد قرأ قصائد منتجربته الشعرية، بدأها بقصيدته “آخِرُ مَا قَالَ لِيالْحُب“، التي يقول فيها:
قالَ لِي الْحُبُّ حِينَ تَسَمَّرْتُ في مَقْعَدِي
لَا تُغَادِرْ مَكَانَكَ وَابْقَ هُنَا
فلَنَا مَوْعِدٌ قَادِمٌ وَغَدٌ
سيَكُونُ هُنَا!
فَانْتَظِرْ شَامِخًا بَاذِخًا وَانْتَظِرْ
فَالْقَوَافِلُ والشّعْرُ
كَانَا هُنَا.
بدوره، قدم الشاعر محمد المختار محمد أحمد قراءةلبعض نصوصه الشعرية، من بينها قصيدته ” أقدار على حافة القطار“، التي يقول فيها:
هذا خيارُ الحُبّ مثلَ الطيْر طارْ وأنا وأنتِ نَسيرُ فيكَبِدِ القِطارْ
مَعَنا انتظارٌ في الجوانِحِ ناقعٌ ومَسافةٌ عطْشىكرغبةِ “شهْريارْ“
وَحَرارَتانِ تُرافقانِ طريقَنا فالْعشقُ حَار طعمُهوالطَّقْسُ حارْ !
مُتأَسْطِرانِ أنا وأنتِ كأنَّنا طَلَلٌ قديمٌ فَرَّ منقَدَرِ الْقِفارْ..
كما نظم على هامش النشاط الشعري حفل توقيع لديوانيينمن الدواوين الصادرة لهذا العام عن الدائرة، وهما: ديوان“التفاحة الزرقاء” للشاعر صلاح الدين الخو وديوان“مسافر في اقتباس الضوء” للشاعر حمن يوسف.
وشهدت أولى الأمسيات الشعرية ضمن فعاليات الدورةالسابعة، مشاركة خمسة شعراء من موريتانيا وماليوغامبيا، قدموا إبداعاتهم أمام حضور كبير ونوعي بمقربيت الشعر، وتميزت قصائد الأمسية بتنوع في أساليبالكتابة الشعرية وتعدد الخيارات الفنية.
واستمع الحضور في الأمسية، التي قدمتهاالإعلامية سلمى سوكو، إلى الشاعر عبد اللهالسالم المعلى، الذي قرأ قصيدتيه ” يا نجد يانجد“، التي يقول فيها:
ما أروع الشعر حين الشعر ينفجر كبسولة تحتهاالغايات تنهمر
وما أمر احتفالات الرحيل إلى منفى على جرحهالأعصاب تنتظر
وحبذا اللحظة الأولى لو اختلفت لما رأينا دليلالشعر ينتحر
ما أجمل الشعر عنقودا وكوب شذى ورعشة فيزوايا الروح تنعصر
بعد ذلك استمع الحضور إلى الشاعر لمرابط دياه الذي قرأ قصائد مثلت تجربته الشعرية، منضمنها قصيدة تطرقت إلى رسم لوحة شعرية عنالمحظرة:
اضرِبْ قِبابَك في رِحاب المَحظَرهْ حيثُ المجالسُوالجُموعُ مُوَقّرهْ
والعلمُ عِلمٌ والفضيلَة سيرةٌ في نفس أرْبَاب النُّهَىمُتجَذِّرَهْ
بادِرْ بها ما دُمتَ غضًّا يافعًا فلَرُبَّما قد أصبحتْمُتعذّرهْ
واصبِر على تحصيل علْمكَ لا تَكنْ جزِعًا فأسبابُالحياة مُقدَّرهْ
الشاعر المالي وضيف المهرجان علي كونتا قدم أمامجمهور نواكشوط تجربته الشعرية، وأنشد منقصائده قصيدة بعنوان ” معول في صدىالذات“، التي يقول فيها:
هو غــارق تيـهًا ومـكسور الخطى لم تـبـق مـنه سـوىثمالة نفسه
العـتـمة العميا تـطـارده حـلـمـــه لم ترض أن يُحيَمواسم شمسه
وعصى الرسول تحولت فـي كـفـه أفـعى تطــارد بؤسـهفـي بؤسـه
وخطاه رمـضـاء تـحاصـر روحـــه لا قـطـرة تـسـقيغـلالة كـأسه
بدوره، الشاعر قرأ الشاعر الغامبي محمد سنلاقصائد من إنتاجه الشعري من بينها قصيدة“زنجي في صمت الكبرياء، يقول فيها:
مِـنْ
ثُقـبِ
نَافِـذَةِ الإقـهَارِ قَـد جُــرَّا
فَتًـى
بِلاَ أَيِّ ذَنـبٍ عِــزُّه يَـعـرَى
مَـا ذَنـبُـه؟
فَجُفُونُ العَـينِ
جَـائـعَـةٌ
كأَنَّ مُنذُ اغتِصَـابِ
الـرُّوحِ لا تَكـرَى
يَأوِي إلى جَـبَلِ العِصـيَانِ مُبتَـعِـدًا
عَسَـى بِطُوفَـانِ نُـوحٍ يُغـرِقُ
الضُّــرَّا
يُحِيطُـهُ الأُفُـقُ الجَـورِيُّ
لاَ جِـهَـةٌ
يُطِـلُّ وَجـهُ انتِصَـارٍ كُلَّـمَا فَــرَّا
ثم ختمت الإلقاءات الشعرية بمشاركة الشاعرمحمد الولي المختار الذي افتتح إلقاءاته بنصشعري جاء فيه:
أنا متعب جدا، وهذا الملح لا يرتاح إلا فوق نزفمشاعري
ليت السماء تطير بي إذ كلما أحتاجه ضم الفضاءبخاطري
فالأرض أصغر من كآبة أدمعي ورعونة المعنى تقددفاتري
أمشي وأحمل دمعتي وبقية من خبز أمي وانتكاسةشاعر