تحقيق: راندا جرجس
الغدة الدرقية إحدى الغدد الصماء في جسم الإنسان، وعلى الرغم من صغر حجمها فإنها تلعب دوراً محورياً في تعزيز أداء الوظائف والأجهزة الحيوية، وهي تقع في منتصف الجزء السفلى من الرقبة، وتتمثل وظيفتها في إفراز الهرمونات الأزمة بالكمية الكافية لتحديد معدل الطاقة لدور الخلايا وتنظيم عملية الاستقلاب، ولذلك، فإن حدوث أي خلل في الدرقية يؤدي إلى مشكلات مختلفة، منها نقص إنتاج الهرمون أو الإفراط في نشاط الغدة أو وجود كتل وأورام سرطانية في الأنسجة، وتعد اضطرابات المناعة الذاتية والتاريخ العائلي أبرز أسباب الإصابة، وتستهدف هذه الحالة النساء وخاصة قبل مرحلة سن الأربعين، بما يتراوح بمعدل 5 إلى 8 أضعاف مقارنة بالرجال، وفي السطور القادمة يتحدث الخبراء والاختصاصيون عن هذا الموضوع تفصيلاً.
وأضافت: يتم تشخيص الإصابة بفرط نشاط الغدة الدرقية عن طريق الكشف السريري، والفحص بالموجات فوق الصوتية، واختبار امتصاص اليود المشع، ويشتبه في وجود عقيدات حميدة أو عقيدات سامة عندما تكون نسبة اليود مرتفعة.
وذكرت د.هالة يوسف، أن اضطراباً في المناعة الذاتية، وداء «جريف»، يعد من أكثر الأمراض الشائعة التي تسبب الإصابة بفرط نشاط الغدة الدرقية، كونها تؤدي إلى تحفيز الأجسام المضادة في الدرقية، وبالتالي إفراز الكثير من الهرمونات، وتنتشر هذه الحالة على الأغلب بين السيدات قبل سن الأربعين وعادة ما يكون هناك تاريخ عائلي لهذه الاضطرابات، وتشمل العوامل الأخرى: التهاب الدرقية الذي يحدث نتيجة العدوى أو مشكلة الجهاز المناعي، وينجم عنها تضخم الغدة وتسرب الهرمونات وحالة القصور، إضافة إلى العقيدات من الكتل والأنسجة التي تنتج كمية زائدة من الهرمونات.
وأشارت إلى أن مضاعفات فرط نشاط الغدة الدرقية، تتسبب بحدوث مضاعفات القلب والأوعية الدموية والعصبية العضلية، ويعتمد تحديد الخيار المناسب للمريض بحسب مؤشرات ودلالات الإصابة وحجم الغدة، والرغبة في الحمل من عدمه لدى النساء، وتشمل طرق التداوي: وصف الأدوية المضادة للغدة الدرقية، اليود المشع، والتدخل الجراحي واستئصال الغدة الدرقية.
قصور الغدة
وأوضح د. سدير جميل أخصائي الطب الباطني، أن قصور الغدة الدرقية يحدث نتيجة خلل وظيفي وفشل القدرة على إفراز ما يكفي من الهرمونات، إضافة إلى بعض المشكلات المرضية الأخرى مثل: أمراض المناعة الذاتية الذي يعد السبب الأكثر شيوعاً لهذه الحالة، والمعروف باسم «التهاب الغدة الدرقية هاشيموتو»، وينجم عن إنتاج الجهاز المناعي لأجسام مضادة تهاجم أنسجة الجسم، ويعد إجراء جراحة الغدة الدرقية عاملاً آخر، حيث يؤدي إزالة جزء كبير من الدرقية إلى تقليل أو وقف إنتاج الهرمونات، كما يسهم تناول عدد من الأدوية الموصوفة لتصحيح فرط النشاط في حدوث خفض الإنتاج وقصور الغدة.
وأكد د.جميل أن علامات قصور الغدة الدرقية تختلف بحسب حالة المريض، وتعتمد على شدة نقص الهرمون، ويرافقها على الأغلب مجموعة من الأعراض تتمثل في: التعب والإعياء، الإرهاق والخمول، الإمساك، تساقط الشعر، زيادة الوزن، ضعف وآلام وتيبس العضلات، تصلب وتورم المفاصل، بحة في الصوت، ضعف الذاكرة، عدم انتظام الدورة الشهرية لدى النساء، اضطرابات نفسية، ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم، تباطؤ ضربات القلب، جفاف الجلد، زيادة الحساسية للبرد، تضخم الدرقية، ويمكن أن تحدث مضاعفات شديدة مع تطور الحالة، كالاعتلال العصبي المحيطي الوذمة المخاطية، والعقم، وتشمل خيارات علاج قصور الغدة الدرقية على تناول الهرمون الاصطناعي «ليفوثيروكسين» بشكل يومي لتعويض النقص ورفع مستوى إنتاج الهرمون.
أورام خبيثة
أشار د. ثامر العيسى استشاري الغدد الصماء، إلى أن الغدة الدرقية تُصاب في بعض الحالات بالأورام الخبيثة في الخلايا، وتظهر على شكل عقد أو تكور سرطاني على سطح الدرقية أو في باطنها، وعلى الأغلب لا يرافق الإصابة أعراض محددة في البداية، لكن يرافق تطور المرض ملاحظة تضخم في الغدة، أو اكتشاف العقد والورم أثناء فحوص الأشعة المقطعية أو السونار أو عند إجراء الرنين المغناطيسي، ولتأكيد التشخيص يتم عمل فحص الخلايا من خلال أخذ عينة سائلة من العقد المشتبه فيها.
وأكد د.العيسى، أن سرطان الغدة الدرقية لا توجد له أسباب معلومة حتى الآن، لكن يمكن أن يزيد وجود الطفرات الجينية في الحمض النووي الناجم عن التوارث العائلي من فرص الإصابة، كما يعد الأشخاص الذين يتعرضون للعلاج الإشعاعي للأورام الخبيثة الأخرى من الفئات المستهدفة بالمرض.
ويرى د.العيسى، أن أفضل الخيارات العلاجية للأورام الخبيثة التي تصيب الغدة الدرقية، هو التدخل الجراحي واستئصال الورم السرطاني، وربما تتطلب بعض الحالات وصف العلاج بمادة اليود المُشع التي تلعب دوراً فعالاً في قتل الخلايا السرطانية الباقية بعد الجراحة، ويتبعها استخدام جرعات معتدلة من هرمون «الثيروكسين» الذي يستخدم للتداوي لمرضى خمول الغدة، وتجدر الإشارة إلى أن سرطان الغدة الدرقية يعد من أكثر أنواع السرطانات شفاء، ويصل معدة النجاة منه إلى 98% في الحالات غير المتقدمة.
4 نصائح تعزز الأداء
تلعب الغدة الدرقية دوراً مهماً في رفع مستوى كفاءة أنشطة الأجهزة الحيوية في الجسم مثل: الجهاز التنفسي، الجهاز الهضمي، كما تعزز أداء الجهاز العصبي، لأنها من أهم الأعضاء التي تسهم في تنظيم عملية التمثيل الغذائي، ولذلك تعرضها للاضطرابات أو الخلل الوظيفي كقصور إنتاج الهرمون أو فرط نشاط الغدة، يمكن أن يتسبب بالعديد من المشكلات المرضية التي تؤثر في الصحة العامة للإنسان، ولذلك يوصي خبراء الصحة بالحرص على الالتزام بمجموعة من العادات الصحية التي تعزز أداء الغدة الدرقية:
1- يعزز الحصول على المعادن الداعمة مثل: السلينيوم والزنك واليود الموجودة في منتجات الألبان كالزبادي والجبن وحليب الأبقار، أداء صحة الغدة الدرقية، وتوازن إنتاج الهرمونات، كما يسهم الغذاء المتوازن وتناول الأطعمة الصحية في تنظيم هرمونات الغدة الدرقية، وينصح أخصائيو التغذية باتباع حمية غذائية غنية بالحبوب الكاملة، البذور مثل بذور الكتان والشيا، لبقوليات، الخضراوات والفواكه، المأكولات البحرية وخاصة الأسماك الدهنية مثل التونة والسلمون، والزيوت الصحية مثل زيت الزيتون والمكسرات.
2- تقلل ممارسة التمارين الرياضية مستويات هرموني الأدرينالين والكورتيزول مقابل زيادة هرمون الإندورفين، ما يحسن المزاج العام وبالتالي تعزيز صحة الأجهزة الحيوية، كما تلعب دوراً محورياً في زيادة وصول الدورة الدموية لكل أعضاء الجسم وتتضمن أيضاً الغدة الدرقية.
3- يوصي خبراء الصحة بتجنب الضغط العصبي وممارسة تمارين التنفس والتأمل، وخاصة في وقت الصباح، للتخلص من التوتر والاضطرابات النفسية اللذان يتسببان في حدوث خلل واضطراب في هرمونات الغدة الدرقية، وانخفاض كفاءتها، ما يؤدي إلى ارتفاع مستويات هرمون الكورتيزول في الدم، وبالتالي خلل في الغدة الدرقية كالفرط أو القصور.
4- تؤدي منتجات العناية الشخصية والعطور القاسية أو المصنوعة من الزيوت الأساسية، ومزيلات العرق التي تحتوي على مواد كيميائية في بعض الحالات إلى تعطيل عمل الغدد الصماء، ما يتسبب باختلال هرمونات الغدة الدرقية ويجعلها غير مستقرة، وينصح الخبراء بضرورة اختيار المستحضرات المناسبة للبشرة الحساسة، والخالية من مواد «الفثالات والبارابين» لمرضى الدرقية.