
تحقيق: راندا جرجس
يشهد فصل الصيف ارتفاعاً شديداً في درجات الحرارة، ويُعد الأطفال الصغار أكثر الفئات تعرضاً لأضرار أشعة الشمس، خصوصاً عندما تكون هناك ظروف اضطرارية للخروج من المنزل في وضح النهار، أو عند التواجد في بيئة حار لوقت طويل بسبب اللعب أو ممارسة الأنشطة البدنية، ما يؤدي إلى الإصابة بالعديد من المشكلات والأمراض التي تهدد صحتهم وأبرزها الجفاف، العدوى، الفيروسات، الحروق، الطفح الجلدي، وضربة الشمس وغيرها.. وفي السطور التالية يقدم الخبراء والاختصاصيون مجموعة من النصائح لحماية الصغار من تبعات الموسم الحار.
تقول د. إيمان قطب، أخصائية الأمراض الجلدية إن الطفح الجلدي من المشكلات الشائعة لدى الصغار في فصل الصيف، ويحدث نتيجة ممارسة الأنشطة الخارجية التي تؤدي إلى التعرّق المفرط والطفح الحراري والحروق الشمسية والتهاب البشرة والجروح وعضات الحشرات، والسباحة وركوب الدراجات الهوائية والإقامة في معسكرات صيفية، كما تستهدف الصغار ممن يعانون التهاب الجلد التأتبي.
وتتابع: يرافق جروح الطفح الجلدي ظهور بقع حمراء أو بثور، وعلى الأغلب تنتشر على الرقبة أو الإبطين أو الأفخاذ مع إحساس بالحكة، وكذلك الأكزيما التي تكون على هيئة بقع متقشرة مُسببة للحكة على الوجه لدى الأطفال الأكبر سناً، ويتم التشخيص بالفحص السريري الشامل، وتحتاج بعض الحالات لإجراء فحص للدم والجلد.
تنصح د.إيمان قطب بتجنب خروج الصغار أو الوقوف تحت أشعة الشمس خلال ساعات منتصف اليوم، من 10 إلى 4 عصراً، ويمكن استخدام مظلة لتفادي أشعة الشمس في الحالات الاضطرارية، كما يجب ارتداء قبعة لحماية الوجه من الحرارة، وملابس تغطي الجسم للحماية، ووضع واقي الشمس لحماية الأطفال من الأشعة فوق البنفسجية الطويلة والقصيرة قبل 15 إلى 30 دقيقة من موعد الخروج من المنزل، مع إعادة تطبيقه كل ساعتين، والحرص على إبقاء بشرة الطفل رطبة، كما ينبغي عدم مشاركة المناشف أو الأسرّة أو الملابس الأخرى مع الآخرين لتجنب انتقال العدوى.
وتضيف د.إيمان قطب: يجب تناول الأطفال حمية غذائية متوازنة، مليئة بالفاكهة والخضار وشرب كميات كافية من الماء لكونه العنصر الأكثر أهمية لبشرة صحية، مع ضرورة تجنب المشروبات الغازية واستبدالها بعصائر الفواكه الطازجة الخالية من السكر المضاف.
خطورة الجفاف
تذكر د. نسرين باري، أخصائية طب أطفال، أن الصغار هم الفئة الأكثر عرضة للإصابة بالجفاف، لأنهم يقضون فترات طويلة خارج المنزل، وينخرطون في أنشطة بدنية مرتبطة باللعب خلال موسم الصيف وارتفاع درجات الحرارة، وزيادة الرطوبة، كما يفضلون المشروبات المليئة بالسكريات على الماء، وربما تتسبب بعض الأمراض أيضاً في الجفاف مثل الحمى، وأمراض الجهاز الهضمي، أو نتيجة تناول أدوية معينة كمدرّات البول التي تؤثر في توازن السوائل في الجسم.
تلفت نسرين باري إلى أن هناك العديد من الفيروسات التي تستهدف الأطفال خلال فصل الصيف، وتزيد من فرص الإصابة بالجفاف، مثل فيروس الروتا والنورو شديدة العدوى، التي تنتشر طوال العام في مناطق استوائية، وينجم عنها التهابات المعدة والأمعاء (كالتقيؤ والإسهال)، وكذلك الفيروسات المعوية مثل: الكوكساكي والإيكو، التي تتسبب بأمراض مختلفة مثل التهابات الجهاز التنفسي الخفيفة ومرض اليد والقدم والفم، وفيروس جدري الماء، وفيروس نظير الانفلونزا 3، الذي يؤدي إلى أمراض الخنّاق، والتهاب القصيبات، والالتهاب الرئوي أو الزكام.
توضح د.نسرين باري أن أعراض الإصابة بالجفاف تتنوع بحسب حدتها، وتتراوح بين العطش، وجفاف الفم والشفاه، وقلة التبوّل، وظهور بول داكن اللون، والتعب والوهن وزيادة العصبية، وجفاف البشرة، والشعور بالدوخة والدوار، والصداع وتسارع ضربات القلب.
وتتابع: يتم التشخيص عن طريق رصد عدد من المؤشرات الحيوية، مثل: زيادة ضربات القلب وانخفاض ضغط الدم، وتورّم الجلد (تناقص مرونة الجلد)، وجفاف الأغشية المخاطية، ويمكن إجراء فحوص للدم، كاختبار اللوحة الاستقلابية الأساسية، لتقييم مستويات الكهارل.
وتضيف: يجب تشجيع الأطفال على شرب كميات كافية من الماء، وتجنب مشروبات الصودا، أو التي تحتوي على السكر أو الكافيين، وشرب عصائر الفاكهة الطازجة والمشروبات الغنية بالالكتروليتات، والخروج للعب في الأوقات الأكثر برودة خلال اليوم، واستخدام الشمسية أو القبعة لتقليل التعرض للشمس، وارتداء ملابس خفيفة وفضفاضة، والانتباه لعلامات المرض لا سيما الحمى والتقيؤ والاسهال لكونها تزيد من خطر الاصابة بالجفاف.
ضربة الشمس
يذكر د. نيكليش نين، أخصائي طب الأطفال، أن الرضّع والصغار والأطفال حتى سن الخامسة، هم الأكثر عرضة للإصابة بضربة الشمس نظراً لتعرضهم للجفاف بسهولة، حيث تتسم بشرتهم بأنها رقيقة، ما يجعلها تفقد الماء بسرعة أكبر مقارنة بالبالغين في ظل درجة حرارة عالية، ونظراً لعدم قدرة الصغار على التعبير عن حاجتهم للماء بطريقة ملائمة، فقد يزيد هذا الأمر من فرص إصابتهم بضربة الشمس في حال عدم حصول أجسامهم على الترطيب اللازم قبل وأثناء التعرض لأشعة الشمس.
ويضيف: تتمثل أبرز أعراض ضربة الشمس الشائعة عند الأطفال بارتفاع درجة حرارة الجسم، والضعف الشديد وعدم قدرته على المشي من دون دعم، والدوخة والتقيؤ بشكل متكرر، واحمرار الجلد في بعض الأحيان، وغياب التعرّق، وتسارع دقات القلب والتنفس السريع.
ويوضح د.نين أن تشخيص ضربة الشمس وتقييم حدة الضرر يتم عن طريق الفحص السريري والتاريخ العائلي والتعرّف إلى الأعراض، وفحص درجة حرارة المستقيم للحصول على قراءة دقيقة لحرارة جسم الطفل، وإجراء اختبار للدم لمعرفة مستوى الشوارد (الصوديوم والبوتاسيوم)، نظراً لأهميتها في تحسين عمل الأعضاء الحيوية في الجسم كالدماغ والكلى والقلب، بالإضافة إلى اختبار وظائف العضلات.
ويشير إلى أن اللعب في الخارج لفترة طويلة من دون الحصول على الترطيب اللازم من خلال شرب كميات كافية من السوائل يزيد من خطورة الإصابة بضربة الشمس عند الأطفال، بالإضافة على عدم ارتداء ملابس ملائمة للوقاية من الأشعة الضارة، وبعض الأمراض الجلدية التي تُصيبهم بسبب طبقة الجلد الواقية المتغيرة لديهم، ومن العوامل الأخرى اللعب داخل أماكن ضيقة في أجواء حارة من دون تكييف مناسب للهواء، أو التعرّض المفاجئ لبيئة حارة.
ينوه د.نين إلى أن ضربة الشمس من الأمراض المهددة للحياة، ومن أبرز مضاعفات ضربة الشمس نقص مستوى الصوديوم في الدم، وتشنجات العضلات، والجفاف وفي حال اشتداد الحالة فقد تؤدي إلى ضرر دائم للأعضاء الداخلية للطفل والإعاقة والوفاة، ولذلك يجب التدخل الفوري، وخفض حرارة جسم الطفل بشكل فوري من خلال وضعه في مكان مكيّف وبارد ونزع جميع الملابس عنه، وإعطائه السوائل، وفي حال عدم استجابته أو عدم قدرته على شرب الماء، يجب نقله إلى قسم الطوارئ، ووضع أغطية باردة على جسمه وإعطاؤه السوائل عن طريق الوريد.
ويضيف: يجب الاهتمام بارتداء الطفل ملابس فضفاضة وخفيفة قبل الخروج من المنزل، وعدم السماح له باللعب خارجه خلال فترة منتصف النهار في موسم الصيف، والحرص على تشجيعه لشرب كميات كافية من الماء.
أسباب الحروق
تشير د. سارة آرون، أخصائية طب الأطفال، إلى أن بشرة الصغار تتميز بأنها أكثر حساسية من الكبار، لأن آليات الدفاع الطبيعية لديهم لم تتطور بشكل كامل، ويزيد خطر الإصابة بالحروق الشمسية لذوي البشرة الفاتحة والشعر الأشقر، ومن لديهم نمش أو تاريخ عائلي للإصابة بسرطان الجلد، وتزيد فرص حدوث الحروق بسبب اللعب في الخارج والسباحة لفترات طويلة تحت أشعة الشمس خلال الصيف، من دون وضع واق للبشرة من الأشعة فوق البنفسجية، إلى جانب وجود تاريخ عائلي، وتناول بعض الأدوية.
وتوضح د. سارة آرون أن أعراض الحروق الناجمة عن التعرض لأشعة الشمس تتمثل في الاحمرار وتورم البشرة، والبثور والحكة، وتقشر البشرة بعد مدة تتراوح ما بين 3 إلى 8 أيام من الحروق، أما الأعراض الحادة فقد تصل إلى الإصابة بالحمى، والدوخة والتقيؤ ونوبات البرد والضعف والجفاف.
الكمادات الباردة
ترى د. سارة آرون أن الكمادات الباردة هي الأفضل لحالات الحرق الشمسي الخفيفة، وفي حال كان الطفل يعاني من الحمى أو الألم، يمكن الاستعانة بالأدوية الموصوفة من قبل الطبيب، ويمكن تطبيق مرطب موضعي أو كريم الهيدروكورتيزون أو مسكن ألم موضعي على الجزء المحروق من البشرة.
ويجب إبقاء الطفل داخل المنزل حتى التعافي، وتشجيعه على شرب كميات كافية من السوائل لعدة أيام للمحافظة على ترطيب الجسم، والبقاء بعيداً عن أشعة الشمس في منتصف النهار خلال الفترة من 10 صباحاً إلى 2 ظهراً، وارتداء القبعة والملابس القطنية الخفيفة أثناء الخروج خلال النهار.