
راندا جرجس
يعتبر تسوس الأسنان بين الصغار من أكثر المشكلات الشائعة في مرحلة الأسنان اللبنية، ما يؤدي إلى مضاعفات على المدى البعيد، وخاصة لدى الذين لم تنبت أسنانهم الثابتة، وتنجم هذه الحالة عن عدم الحصول على «الفلورايد» بكمية كافية، أو تناول الوجبات الخفيفة وشرب المشروبات المحلاة بشكل متكرر أثناء النهار، ما يعطي مجالاً للبكتيريا الموجودة في الفم لإنتاج حمض «اللاكتيك» الذي يهاجم طبقة المينا، وفي السطور القادمة يسلط الخبراء والاختصاصيون الضوء على هذا الموضوع وطرق الوقاية والعلاج.
يقول د. أبهيجيش شاندران، طبيب الأسنان، إن الأحماض التي تنتجها بكتيريا الفم، وتتغذى على السكريات الطبيعية ونشويات مطبوخة، والتي تعمل على إذابة الكالسيوم من الأسنان نتيجة بقائها لفترة طويلة، وبالتالي تحدث الإصابة بالتسوس في الطفولة المبكرة، كما تصيب الرُضع بسبب عدم تنظيف فم الطفل بعد الرضاعة أو استعمال الزجاجة في شرب اللبن.
ويضيف: يرافق مشكلة التسوس العديد من الأعراض، وأبرزها بقع بيضاء على سطح الأسنان، التجويف المبكر وترسيب الطعام، الآلام وتورم الوجه، الحساسية تجاه بعض الأطعمة، وسوء التغذية نتيجة عدم القدرة على المضغ.
ويلفت د. شاندران إلى أن جميع الأطفال معرضون للإصابة بتسوس الأسنان، ولكن يزيد خطر الإصابة نتيجة بعض العوامل، مثل: ارتفاع مستوى البكتيريا في الفم، اتباع نظام غذائي غني بالسكريات والنشويات، عدم الحصول على الكمية الكافية من مادة الفلورايد، سوء نظافة الفم، نقص تدفق اللعاب عن المعدل الطبيعي.
ويذكر د.شاندران أن الإصابة بالتسوس في مرحلة الأسنان اللبنية، تؤثر سلباً في صحة الأسنان فيما بعد، حيث إن البكتيريا التي تكمن في تجاويف الفم عند الطفل، وتُترك دون علاج لفترة طويلة تتسبب في مشكلات تستمر حتى بعد التبديل وفي الأسنان الدائمة، ويمكن أن تتطور التجاويف العميقة في الأسنان اللبنية عبر العظم الأساسي وتخلق بيئة حمضية حول الأسنان الدائمة الناشئة.
مضاعفات واضطرابات
تشير د. ريم الزنفلي طبيبة الأسنان والتجميل، إلى أن التسوس من أهم المشكلات الفموية التي تسبب تلفاً وتكسراً أو فقدان الأسنان، ويؤدي إلى حدوث مضاعفات شديدة أخرى، مثل: التورم حول السن، كيس الصديد الذي ينجم عن العدوى البكتيرية، الخراج الذي يؤدي إلى حالات عدوى أكثر خطورة لأجزاء أخرى من الجسم، والفجوات الواضحة وظهور البقع البنية والسوداء على سطح الأسنان.
وتضيف: تظهر مشكلة التسوس بين الأطفال على شكل آلام مفاجئة، تتسبب في الشعور بألم عند مضغ الطعام، ويرافقه تحسس حاد عند شرب المشروبات الباردة أو الساخنة، ويعتبر اضطراب التغذية الناجم عن الألم وفقدان الوزن من أبرز المضاعفات الشائعة التي تنجم عن هذه الحالة.
وتنصح د.ريم الزنفلي بضرورة الالتزام ببعض التدابير الطبية والمنزلية للوقاية من الإصابة بتسوس الأسنان واكتشافه لدى الأطفال في وقت مبكر، وأهمها زيارة الطبيب المختص بشكل دوري وإجراء الفحوص المنتظمة للفم واللثة والأسنان، والتنظيف الدوري من الجير، والحد من تناول السكريات والحمضيات مثل الحلويات والصودا والكربوهيدرات المكررة، واستبدالها بالأطعمة التي تحافظ على صحة الأسنان، وتجنب المأكولات التي تلتصق في تجاويف الأسنان لفترات طويلة، مثل رقائق البطاطس أو الحلوى أو البسكويت، غسل الأسنان مرتين على الأقل يومياً بمعجون يحتوي على مادة الفلورايد، ويمكن استعمال الخيط السني الطبي للتنظيف بعد تناول الطعام مرة واحدة يومياً، واستخدام المادة الوقائية التي توضع على سطح المضغ للأسنان الخلفية لغلق التجاويف والشقوق، وتسمى «الختام السني» حيث إنها تميل إلى جمع الطعام لحماية المينا من التسوس.
غذاء صحي
ترى د. سارة الكثيري، أخصائية التغذية السريرية، أن النظام الغذائي السليم يلعب دوراً أساسياً في مرحلة نمو الأسنان والحفاظ على صحتها عند الصغار، حيث إن ضعف الأسنان يكون ناجماً في بعض الأحيان عن نقص أنواع من الفيتامينات والمعادن، لذا من المهم أن تكون الوجبات التي يتناولها الطفل متوازنة لضمان أنها تغطي احتياجاته من العناصر الهامة لتعزيز صحة الجسم.
وتلفت إلى بعض النصائح التي تساهم في توفير تغذية متوازنة لدعم تطور الأسنان وتجنب التسوس، وتعتمد بشكل أساسي على توفير تشكيلة متنوعة من الوجبات التي تحتوي على العناصر الغذائية الأساسية مثل البروتينات، ألياف، الفيتامينات والمعادن مثل الفوسفور والكالسيوم لأنها تساعد على تقوية الأسنان وتعزيز نموها بشكل صحي، ويجب تجنب السكريات والأطعمة التي تحتوي على مستويات عالية من السكر، ويُفضل استبدالها بالفواكه الطازجة بدلاً من الحلويات والمشروبات المحلاة مثل العصائر الجاهزة، وتشجيعهم على الحفاظ على أسنانهم عن طريق غسلها بشكل منتظم وباستخدام معجون مناسب لعمرهم.
5 عناصر معززة
تشير د. سارة الكثيري إلى أن الحصول على العناصر الأساسية كالفيتامينات والمعادن من أهم الطرق التي تعزز وتدعم صحة وقوة الأسنان، ويجب إعطاؤها للطفل بشكل متوازن في الوجبات اليومية، وهي كالآتي:
1. يتوج الكالسيوم قائمة العناصر المهمة لصحة ونمو الأسنان بشكل صحي، وتتكون منه طبقة المينا، ولذلك يجب الحرص على تناول الحليب والألبان والزبادي والأجبان التي تحتوي على نسبة عالية من الكالسيوم كجزء من نظامهم الأساسي، ويمكن الحصول أيضاً عليه من المحاصيل الأخرى الطازجة أو المطبوخة، مثل: فول الصويا والتين، الشوفان، البروكلي، الخضراوات الورقية، والكرنب.
2. يوصي خبراء التغذية بالحصول على فيتامين «د» من البيض والأسماك الدهنية واللحوم الحمراء، والحليب المدعم، والحبوب، والخبز، لأنه يساعد على امتصاص الكالسيوم من الطعام ونقله من الأمعاء إلى العظام والأسنان، أي أنه يلعب دوراً مهماً في زيادة كثافة العظام، يمكن للجسم أن يصنع فيتامين «د» بشكل طبيعي عند التعرض لأشعة الشمس مدة 15 دقيقة يومياً.
3. يلعب البوتاسيوم دوراً دفاعياً، إذ يعمل مع المغنيسيوم على منع الدم من أن يصبح حمضياً جداً، وهي حالة تسبب تسرب الكالسيوم من العظام والأسنان للدم، كما يساعد البوتاسيوم على تعزيز وتسريع شفاء أنسجة اللثة، ولذلك يجب أن يشتمل النظام الغذائي للطفل على البوتاسيوم لدعم كثافة العظام، عن طريق الموز، والخضراوات الورقية الداكنة، والبطاطس، والأفوكادو.
4. يعمل الفوسفور على تقوية العظام ومينا الأسنان، ويُوجد بشكل أساسي في الحبوب، مثل: العدس وفول الصويا وبذور اليقطين والفواكه المجففة.
5. يعتبر فيتامين «C» من العناصر الضرورية للحفاظ على صحة الأوعية الدموية والأنسجة الضامة المحيطة بالأسنان واللثة، علاوةً على ذلك فهو يعزز المناعة ما يقلل فرص الإصابة بعدوى الأسنان، وتُعد الفواكه والخضراوات من المصادر الرئيسية لفيتامين «ج»، خاصة الخضراوات الورقية والكيوي والفلفل الأحمر.