
يلعب الطقس خلال فصل الصيف، دوراً في إثارة بعض المشكلات الصحية، وتعتبر درجات الحرارة المرتفعة والرطوبة العالية والتعرض للشمس والأشعة فوق البنفسجية، من العوامل التي تؤدي إلى عواقب خطِرة للأشخاص الذين يعانون الأمراض المزمنة، كما يزيد انتشار الآفات والفيروسات في الموسم الحار، وتتزايد معدلات الاضطرابات النفسية وتغير المزاج، وفي السطور القادمة يسلط الخبراء والاختصاصيون الضوء على مجموعة من هذه الآفات وكيفية إدارتها والحماية من المضاعفات والمخاطر المحتملة.
يقول د.كريم الدليمي، استشاري طب الكلى: تزداد مشكلات الكلى في فصل الصيف بسبب زيادة احتمالية التعرّق وفقدان السوائل من الجسم، ما يؤدي إلى تراكم الأملاح، وتشكل الحصوات أبرز هذه الآفات، وكذلك التهابات المسالك البولي، ويعتبر التعرّض لأشعة الشمس الحارقة بالنسبة للمرضى المصابين بالقصور الكلوي المزمن أو الذين يجرون عملية غسيل كلى بشكل دوري عن طريق الدم أو عن طريق البطن، من العادات الخاطئة للغاية وخاصة عندما تكون الرطوبة عالية، لأنه قد يعرضهم للوفاة بحسب الدراسات الحديثة.
ويتابع: يؤدي التعرق الشديد وفقدان السوائل الكثيرة إلى تعريض الكلى للجفاف، وبالتالي قصور مؤقت في وظائف الكلى، لمن يعانون من داء السكري والضغط أو من يستخدموا الأدوية الكثيرة والمسكنات، حيث تعد المسكنات من الأدوية غير الصديقة للكلى وعندما يكون لدى المريض جفاف، فإن المسكنات التي تزيد من الضرر في عمل وظائف الكلى.
عادات ضارة
يوضح د.الدليمي، أن هناك بعض العادات السيئة التي يمارسها الأشخاص خلال فصل الصيف، كالتمارين الرياضية العنيفة تحت أشعة الشمس المباشرة على الشواطئ وبدون تعويض السوائل، ما يؤدي إلى تهشم العضلات، وبالتالي التأثير سلباً في وظائف الكلى، ولذلك ننصح بعدم التعرض لأشعة الشمس في أوقات الظهيرة ومراعاة تعويض السوائل المفقودة بكميات مناسبة مع ضرورة عدم المبالغة في شرب السوائل من قبل مرضى القصور الكلوي المزمن، حتى لا يصابوا ب«التحميل المفرط للسوائل».
آفات وفيروسات
يؤكد د.فتحي الجوراني، استشاري الطب الباطني والشيخوخة، ضرورة اتخاذ الاحتياطات المناسبة، والاهتمام برطوبة الجسم، واستخدام وسائل الحماية من أشعة الشمس، وغسيل الأيدي بانتظام، وطلب العناية الطبية على الفور عند التعرض لمشكلات فصل الصيف التي تحدث نتيجة ارتفاع درجة الحرارة الشديد، ومنها:
– يتسبب التعرض الطويل للطقس الحار إلى الجفاف، وارتفاع درجة الحرارة، وضربة الشمس، ما يزيد من نسبة خطر حدوث النوبات، الإغماء، والغيبوبة.
– تؤدي زيادة درجة الحرارة إلى كثافة أشعة الشمس فوق البنفسجية، ما يؤثر في الجسم والبشرة، ومعدل الإصابة بسرطان الجلد.
– تنمو البكتيريا وتتكاثر بشكل أسرع في الطعام بسبب الطقس الحار والرطب، ما يؤدي إلى التسمم الغذائي.
– يرتفع عدد حبوب اللقاح خلال فصل الصيف، ما يتسبب بتفاقم الربو والحساسية، ما يؤدي إلى الإصابة بالصفير والسعال ومشاكل الجهاز التنفسي الأخرى.
– تتفشى العدوى الفيروسية مثل «نوروفيروس» و«الروتا» نتيجة زيادة السفر، والوجود في الأماكن العامة والازدحام.
– تزداد لدغات القراد خلال أشهر الصيف، وداء «لايم» وهو مرض شائع ينقله القراد، ويؤدي إلى الحمى والتعب وآلام المفاصل.
– تزيد نسبة الجلطات الدموية في الصيف نتيجة الجفاف وانخفاض الحركة وممارسة الرياضة.
الإرهاق الحراري
تذكر د.شيبرا باتيل أخصائية الطب الباطني أن الاستمتاع بالشمس من الأمور التي يتطلع إليها الكثير من الناس في فصل الصيف، لكن إذا كان الشخص مصاباً بداء السكري، فقد يكون من الصعب التحكم في مستويات السكر في الدم في الطقس الحار عند التعرض للأشعة والحرارة لفترات طويلة، وخاصة ممن لا يتبعون أسلوب حياة نشطاً، حيث يزيد معدل التعرق، ويحدث الجفاف مع عدم شرب كمية كافية من السوائل.
وتتابع: في حالة حدوث ضرر في الأوعية الدموية والأعصاب بسبب مرض السكري، يمكن أن يحصل انخفاض في التعرق، وقد يصبح هذا الأمر خطِراً مع ارتفاع درجات حرارة الطقس، ما يؤدي إلى الإرهاق الحراري وتعرض الشخص لضربة شمس، وهنا يجب توفير الرعاية الطبية الطارئة.
وتؤكد د.باتيل، أن درجات الحرارة المرتفعة تُحدث تغيراً في طريقة تعامل الجسم للأنسولين، حيث يتم امتصاصه بسرعة أكبر من موقع الحقن في الطقس الدافئ ويزيد من خطر الإصابة بنقص سكر الدم، كما يعاني المصابون بالجفاف من انخفاض تدفق الدم إلى الجلد، وبالتالي انخفاض امتصاص الأنسولين من موقع الحقن.
احتياطات الحماية
تنصح د.باتيل، بعدم ممارسة التمارين الرياضية بشكل مفاجئ، حتى لا يتعرض المريض لخطر متزايد للإصابة بنقص سكر الدم، وتناول كمية كافية من الماء والمحافظة على رطوبة الجسم، استخدام واقي الشمس لحماية البشرة، وارتداء الملابس القطنية وأحذية مناسبة وفحص القدمين في نهاية اليوم، تجنب تناول الكحول والقهوة وغيرها من المشروبات التي تحتوي على الكافيين والمشروبات التي تحتوي على السكر، فحص مستويات السكر في الدم بشكل متكرر، وتخزين أدوية مرض السكري بشكل صحيح. لا تترك الأنسولين أو أجهزة قياس السكر أو الأشرطة في السيارة أو في مكان غير مكيّف، لأن الحرارة المرتفعة تُغير تعامل الجسم مع الأنسولين.
ضغط الدم
يوضح د.خالد دبوس، أخصائي الطب الباطني، أن ضغط الدم يميل إلى الارتفاع في الطقس البارد بسبب انقباض الأوعية الدموية، حيث يحاول الجسم الاحتفاظ بالحرارة، والعكس صحيح في الطقس الحار، وعادة ما يكون ضغط الدم أقل، ويؤدي التعرض للحرارة والتعرق إلى خفض كمية السوائل في الجسم، ما يقلل من حجم الدم، وبالتالي الإصابة بالجفاف، ما يتعارض مع قدرة الجسم على التهدئة ويحدث إجهاداً للقلب، ويتعرض بعض الأشخاص لخطر أكبر للتأثر بالرطوبة، بما في ذلك الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 50 عاماً، وأولئك الذين يعانون زيادة الوزن. ويتابع: وكذلك البالغون ممن يعانون مشاكل القلب والرئة والكلى والذين يتناولون مدرات البول والمهدئات وأدوية ضغط الدم، كبار السن الذين يتبعون نظاماً غذائياً قليل الملح أو منخفض الصوديوم، والمصابون بأمراض في الدورة الدموية.
نصائح وقائية
يشير د.دبوس إلى أن هناك بعض الطرق التي تحد من تفاقم انخفاض ضغط الدم في الصيف، وأهمها الحفاظ على رطوبة الجسم عن طريق شرب الماء لتعويض السوائل المفقودة من خلال التعرق، يجب أن تكون درجة حرارة الماء باردة وليست جليدية، تبلل الرسغين والصدغين في الطقس الحار لإعادة تنشيط الانعكاسات العصبية التي تؤدي إلى زيادة الضغط، وضع واقي الشمس عند الخروج من المنزل وارتداء ملابس خفيفة مصنوعة من أقمشة تسمح بمرور الهواء، وشرب القهوة التي تساعد على رفع ضغط الدم بفضل مفعولها المضيق للأوعية، وتناول مكملات من الأملاح المعدنية مثل المغنيسيوم والبوتاسيوم إذا لزم الأمر وحسب إرشادات الطبيب.
اضطرابات
يجلب الموسم الحار معه مجموعة فريدة من المخاطر على الصحة العقلية، حيث يعاني بعض الأشخاص الاضطراب العاطفي الموسمي، ما يؤدي إلى ظهور أعراض الاكتئاب في فصل الصيف، والأسباب الكامنة وراء ذلك غير واضحة. علاوة على ذلك، قد يتغير الروتين اليومي جذرياً، ما يزيد من التوتر وتقليل ساعات النوم نتيجة السهر، أما المراهقون، فيواجهون أكبر مخاطر تطوير العادات السيئة خلال هذه الفترة، لأنهم يميلون إلى البقاء في المنزل معظم الأيام، وبالتالي انخفاض النشاط البدني، ويمكن أن يقضي معظمهم الوقت ملتصقين بأجهزتهم الإلكترونية، ما يُشكل خطراً على صحتهم الجسدية والنفسية، بحسب أخصائية الصحة النفسية نائلة الموسوي.
وتلفت إلى أن التخطيط وترتيب المهام والأنشطة خلال فترة الصيف من أفضل الطرق التي تحد من الضغط النفسي الذي يمكن أن ينجم عن الروتين، كما يفيد تقليل وقت استخدام الشاشات الإلكترونية في تحسين الصحة البدنية، بالإضافة إلى الحفاظ على رطوبة الجسم.