لا تقتصر البنوك على حفظ الأرصدة المالية، والمقتنيات الثمينة، مثل: المجوهرات، والدم، والبويضات فحسب، وإنما أصبح منها ما هو مخصص للاحتفاظ ببصيلات الشعر؛ ليتم استنساخها واستخدامها في وقت لاحق لعلاج تساقط الشعر، حال الإصابة به في المستقبل. علماء بريطانيون قاموا بتجميد البصيلات، بينما نجح اليابانيون في إنتاج بصيلات الشعر معملياً، ما يمثل بارقة أمل جديدة للاستمتاع بشعر صحي كثيف، مهما بلغنا من الكبر، عملاً بمقولة: «خذ من شبابك لهرمك».
نجحت شركة «Hair Clone»، البريطانية، في التوصل إلى تقنية جديدة، تحافظ على كثافة الشعر مدى الحياة، إذ تعالج تساقط الشعر بالاعتماد على تجميد بصيلاته، وحفظها لاستخدامها في وقت لاحق، عندما يبدأ الشعر في الانحسار، والتساقط، والترقق. وتعد هذه التقنية هي الأولى من نوعها في العالم، وهي تشبه «بوليصة تأمين»، للحماية من تبعات التقدم في العمر، تحت مسمى «العلاج بالخلايا» (Cell Therapy)، بوصفه أحد الأركان الرئيسة في «الطب التجديدي» (Regenerative Medicine).
تجميد البصيلات
يتم إجراء هذه العملية؛ حينما يكون المرء بمرحلة عمرية يتمتع فيها بشعر صحي كثيف؛ كي تكون البصيلات في أقوى حالاتها، وتشمل العملية أخذ عينة صغيرة من جلد مؤخرة الرأس للبالغين، الذين تتجاوز أعمارهم 18 عاماً، على أن تسمح هذه العينة بجمع حوالي 120 بصيلة، ويتم حفظ الجريبات الشعرية بالتجميد (Cryopreservation) في درجة حرارة -180 درجة مئوية (-292 درجة فهرنهايت)، ما يعني توقف الزمن بالنسبة لها، وعدم تطورها، أو بلوغها مرحلة الشيخوخة، ثم يتم حقنها عند الحاجة إليها في فروة الرأس؛ لمضاعفة كثافة الشعر.
خلايا فريدة
تحتوي البصيلات على خلايا فريدة من نوعها، تسمى «الحليمة الجلدية» (Dermal Papilla)، أو الأدمية (نسبة إلى طبقة الأدمة، التي تقع مباشرة تحت سطح البشرة)، وهي التي تزود الشعر بالإمداد الدموي والغذائي، الذي يحتاج إليه في أطوار نموه. وتتمركز هذه الخلايا عند قاعدة جريب الشعرة، وتعمل مع خلايا سطح الجلد على التحكم في تكوين جذع الشعرة. ومع التقدم في العمر، يفقد المرء أعداداً كبيرة من تلك الحليمات، وبالتالي يترقق الشعر، ويتساقط. هنا، يأتي دور التقنية الجديدة بحقن المزيد من الحليمات الفتية النشطة داخل البصيلات؛ فتعاود النمو بقوة. وتكمن أهمية حفظ الخلايا بالبنوك – في سن مبكرة – في أن الخلايا الأصغر عمراً تنمو بصورة أفضل عند استزراعها، لكونها لم تشهد – بَعْدُ – التدهور الذي يلحق بمثيلتها المتقدمة في العمر.
على الطريقة اليابانية
في الشرق الأقصى، نجح علماء من جامعة يوكوهاما الوطنية اليابانية، وعلى رأسهم الطبيب الأشهر Junji Fukuda جونجي فوكودا، في استنساخ بصيلات شعر مكتملة النمو تماماً في المختبر، وهي خطوة على طريق الألف ميل، حيث لاتزال هذه التقنية في باكورة المسيرة. وكان العلماء قد افترضوا، سابقاً، أنه في حالة الصلع الكامل، تختفي البصيلات تماماً من فروة الرأس؛ لذا لا يمكن تجديدها. لكنهم اكتشفوا خطأ هذه الفرضية لاحقاً، حيث توجد خلايا جذعية في فروة الرأس الصلعاء تنمو منها البصيلات بشكل طبيعي. وقد يساعد جزيء – تم اكتشافه مؤخراً، هو «SCUBE3» – في تنشيط هذه الخلايا، وإعادة نمو الشعر.
والفكرة الأساسية لاستنساخ الشعر، هي أن خلايا بصيلات الشعر السليمة، أو الحليمات الجلدية، يمكن استخلاصها من مناطق ليست صلعاء، ولا تعاني تساقط الشعر، ويمكن تكاثرها أو استنساخها بطرق زراعة مختلفة. ويمكن حقن الخلايا الجديدة مرة أخرى في فروة الرأس الصلعاء، حيث تنتج شعراً صحياً. وفي عام 2015، نجحت التجارب الأولية في إنتاج بصيلات جديدة لشعر الإنسان، لكن الشعر نما في اتجاهات مختلفة، ما أعطى مظهراً غير طبيعي. ولحل هذه المشكلة، استخدم العلماء أعمدة مجهرية مطبوعة ثلاثية الأبعاد؛ لمساعدة البصيلات على النمو لأعلى، وفي اتجاه واحد. ومع ذلك، لاتزال هذه التقنية في مرحلة البحث، وليست متاحة للاستخدام العام أو التجاري.
ثلاث آليات
يعمل الفريق الياباني، الآن، على تطوير آليات ثلاث، هي: (1) إعادة تنشيط نسيج بصيلات الشعر في فروة الرأس، عن طريق زرع خلايا ذات مواصفات وطبيعة خاصة، لإعادة تنشيط الشعر الخامل، بالإضافة إلى زيادة سُمك الشعر الموجود. (2) حقن أو زرع أنسجة خلوية محضرة بالمختبر في فروة الرأس، وحث أنسجة بصيلات الشعر الجديدة على النمو. (3) تحضير وزرع أنسجة البصيلات، التي تحتوي على شعر من خلايا مستزرعة.