أكد رؤساء ومدراء الدوائر والجهات الحكومية في إمارة الشارقة، أن رؤية الشارقة لمسيرة التحول الرقمي تجاوزت مجرد كونها خياراً أو قراراً ينتظر الوقت الملائم حتى يتم البدء بتنفيذه فهي استثمار طويل الأجل في الحاضر والمستقبل له نتائجه الراسخة والعميقة على مجتمعات ومنظومات الدول الاقتصادية، وأشاروا إلى أن الرقمنة عملية متواصلة من التطوير التي تشمل التقنيات والأدوات وقواعد البيانات ووظيفتها على حد سواء.
وأجمع رؤساء ومدراء الدوائر الحكومية على أن العنصر البشري سيظل هو العامل الرئيس والحاسم في التنمية والتقدم والتطور، وأوضحوا أن الاهتمام الذي توليه الدولة بالمواهب والكفاءات البشرية عبر السياسات والتشريعات والمبادرات، يشكل قاعدة راسخة لمستقبل يتسم بالمزيد من الازدهار والتنافسية في جميع المجالات.
جاء ذلك خلال جلسة حوارية بعنوان “نكست تيك – أسباب نجاح التحوّل الرقمي”، نظّمتها مساء أول من أمس الأحد، شركة سحاب للحلول الذكية في مركز الجواهر للمناسبات والمؤتمرات، استعرضت فيها وعبر حوار مفتوح جمع نحو 50 شخصية رسمية من مختلف الجهات الحكومية في الإمارة، راهن ومستقبل مسيرة التحوّل الرقمي في إمارة الشارقة والدولة، وسلّطت الضوء على أهم التحديات والفرص التي تواجهها، كما ناقشت العديد من المحاور مثل أهمية الحلول الرقمية، والأمن السيبراني، وآلية التحوّل الرقمي، وكيفية تحقيق التكامل والانسجام بين القطاعات في مسيرة التحولّ وغيرها من المحاور.
وحضر الجلسة التي جاءت برعاية ودعم اللجنة العليا للتحول الرقمي في الشارقة، وقدّمها أمين الزرعوني، المدير التنفيذي لشركة سحاب للحلول الذكية، حضور كلّ من الشيخ فاهم بن سلطان القاسمي رئيس اللجنة، والشيخ سعود بن سلطان القاسمي، وسعادة أسماء راشد سلطان بن طليعة أمين عام المجلس التنفيذي لإمارة الشارقة، وسعادة العقيد سامي خميس النقبي، مدير عام الدفاع المدني في الشارقة.
كما حضر سعادة الدكتور المهندس خليفة مصبح الطنيجي، رئيس دائرة الإسكان في الشارقة، وسعادة مروان بن جاسم السركال، الرئيس التنفيذي لهيئة الشارقة للاستثمار والتطوير “شروق”، وسعادة حسين المحمودي، الرئيس التنفيذي لمجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار، وعدد من ممثلي القطاعين الحكومي والخاص، الذين قدّموا مجموعة من المداخلات المهمة التي أضاءت على العديد من القضايا المتعلّقة بأسباب نجاح عملية التحول الرقمي في الشارقة، ووضعت جملة من الأفكار والمقترحات التي تمهد نحو الارتقاء بواقع هذه المسيرة.
الشراكة مع القطاع الخاص تدعم التحول
وأوصى المشاركون بالجلسة بضرورة تعزيز الاستثمارات المشتركة مع القطاع الخاص لتطوير البرامج والمنصات وتقديم الحلول الرقمية التي تُعنى بإيجاد بيئة متطورة وآمنة ومستقرة للخدمات التي تتيحها للجمهور، موضحين أن الوصول إلى حوكمة رقمية باستخدام المعلومات تتطلب مشاركة القطاع الخاص الذي يلعب دوراً بما يتعلق بتقديم الاستثمارات، بينما تتولى الحكومة تشريع القوانين ووضع السياسات التي تسهم في توفير بيئة تحمي البيانات وتشتمل على أنظمة أمن وحماية متطورة تواكب كلّ هذه التطورات وتدعمها.
الشيخ فاهم بن سلطان القاسمي: مسيرة التحول مدعومة بسياسات تحفيزية وقطاعات نامية وتعاون بين الجهات
وفي مداخلة له خلال الجلسة قال الشيخ فاهم بن سلطان القاسمي، رئيس اللجنة العليا للتحوّل الرقمي في الشارقة: “نمتلك اليوم خطة طموحة للتحول الرقمي مدعومة بسياسات تحفيزية وقطاعات متنوعة نامية قابلة للمزيد من التطور الرقمي، إلى جانب تعاون مختلف الجهات والقطاعات في الإمارة وتوافقها على الخطوط العامة التي تشكل مستقبلها الاقتصادي والاجتماعي”.
وتابع رئيس اللجنة العليا للتحوّل الرقمي في الشارقة: “نسعى وخلال السنوات المقبلة لأن تكون إمارة الشارقة جزءاً من بوابة رقمية للدولة، لأننا نستمد رؤيتنا الطموحة من قيادتنا التي تولي حكومة الشارقة الكثير من الاهتمام ما يضاعف من مسؤوليتنا نحو تعزيز الاستثمار في جودة حياة الناس ومستوى العلاقات بين المجتمع ومؤسساته”.
وحول تأسيس منصة الشارقة الرقمية قال الشيخ فاهم القاسمي: “بعد ما حققناه من منجزات بما يتعلّق بالوصول إلى واقع رقمي متطور، وعندما أطلقنا المنصة التي تعتبر هوية رقمية للإمارة تساءلنا هل نخدم من خلالها مواطني الشارقة وحسب، وكانت الإجابة لا، فاستخدمنا مصطلح الهوية الرقمية لأن لدينا مواطنون ومقيمون في إمارات أخرى لهم استثماراتهم في الشارقة، ومن المهمّ أن نعمل بتشاركية ونوسّع حدودنا، لأن هذه المنصة تخدم الجميع.”
وتابع الشيخ فاهم القاسمي: “عندما نعمل من أجل الغد ننظر لتاريخ منجزاتنا وما حققناه خلال مدة زمنية قياسية، لندرك أن النجاح وليد الطموح والمثابرة، وما ينتظرنا في مسيرة التحول الرقمي هي المنجزات التراكمية التي ستعكس نتائجها الإيجابية على جودة الحياة الاجتماعية والممارسات الاقتصادية يوماً بعد يوم.”
الشيخ سعود بن سلطان القاسمي: تحول في الخدمات والارتقاء بنوعيتها
من جانبه قال الشيخ سعود بن سلطان القاسمي: “التحول الرقمي يعزز الروابط بين الجهات الحكومية في الشارقة ويوحد نوافذ الخدمات المقدمة للجمهور، الأمر الذي يرسخ مفهوم الهوية الرقمية والمدن والمجتمعات الذكية ويجعل من دولتنا نموذجاً عالمياً لها”.
وتابع الشيخ سعود بن سلطان القاسمي: “وفّرت مقومات الذكاء الاصطناعي خدمات لم تكن موجودة من قبل ما يجعلنا أمام امكانية متواصلة لتطوير الخدمات التي كانت تقدّم في السابق، ولا يجب أن نتوقف عند تحويلها من ورقية إلى الكترونية وحسب، فالتحول الرقمي هو ارتقاء بنوعية الخدمات وجودة حياة السكان.”
العقيد سامي النقبي: نسعى نحو السبق وليس المواكبة
ومن ناحيته أكد سعادة العقيد سامي خميس النقبي، مدير عام الدفاع المدني في الشارقة، أن في زمن تسارع التطورات على الصعيد التقني والرقمي، يجب السعي نحو السبق وليس المواكبة فقط.
وقال النقبي: “تتسم الحياة بالتحولات السريعة التي تشهدها كافة القطاعات، هذه التحولات تتم بيد وعقول المبتكرين والمبدعين الذين يفكرون بشكل غير تقليدي، ونحن في دولة الإمارات العربية المتحدة، نحظى بقيادة وضعت الابتكار والإبداع على رأس أولوياتها وسنت من أجلها السياسات والتشريعات وأطلقت المبادرات والبرامج، الأمر الذي يتطلب منا الاستثمار في هذه البيئة المحفزة وتعزيز منجزاتنا من أجل خدمة مجتمعنا اليوم وأجيالنا القادمة أيضاً”.
مروان بن جاسم السركال: استثمار طويل الأجل بعوائد تراكمية مستدامة
بدوره قال سعادة مروان بن جاسم السركال، الرئيس التنفيذي لهيئة الشارقة للاستثمار والتطوير “شروق”: التحول الرقمي ليس مجرد خيار بل هو منهج وممارسة ضرورية في مختلف دول العالم وتشمل كافة القطاعات بدون استثناء، وهو في الوقت ذاته استثمار طويل الأجل بعوائد تراكمية مستدامة، لأنه يحدث تغيير نوعي في بيئة العمل ومستوى الحياة والخدمات المقدمة للمواطنين وشبكات الخدمات اللوجستية المقدمة للمستثمرين وأصحاب الأعمال.
وتابع السركال: “كشفت لنا مرحلة وباء كورونا تحولاً كبيراً نحو التكنولوجيا والحلول الرقمية في كافة القطاعات، ولعل أبرزها كان قطاع التعليم الذي شهد استجابة سريعة من قبل المؤسسة والطلبة والمعلمين على حد سواء. نستنتج من هذا أن التحول الرقمي وتبني المزيد من الحلول الذكية يعني الحفاظ على كفاءة العمل في القطاعات الحيوية مثل التعليم كما ذكرنا والصحة والخدمات واستمرار منظومة العمل “.
خليفة مصبح الطنيجي: التحوّل الرقمي هو التوجّه الأكثر حداثة في مجتمعنا
من جانبه قال سعادة المهندس الدكتور خليفة مصبح الطنيجي، رئيس دائرة الإسكان في الشارقة:” التحول الرقمي هو التوجه الأكثر حداثة في مجتمعنا والذي سيؤدي بالنتيجة إلى توسع في القطاعات القائمة واستحداث المزيد منها وتوفير المزيد من الوظائف ذات المهارات غير التقليدية، إلى جانب أن الخريطة الاجتماعية ستشهد توسعاً وارتقاءً في الوقت ذاته، وهو ما يؤكد أن عملية التحول قد تكون فكرة واحدة لكن نتائجها شاملة”.
وأضاف رئيس دائرة الإسكان في الشارقة:” لعل أحد النتائج الشاملة لعملية التحول الرقمي التي يجب الإشارة لها هنا، هي ما تفرضه من تطوير مستمر لعملية التعليم والارتقاء بالكفاءات البشرية، فالتقدم الذي ننشده يتم على مسارين لا يمكن فصلهما وهما المسار البشري والمسار التقني”.
أمين الزرعوني: التحول الرقمي والحلول الذكية روافد أساسية للاقتصاد الوطني
وقدّم أمين الزرعوني، المدير التنفيذي لشركة سحاب للحلول الذكية عرضاً شاملاً أدار من خلاله الجلسة، حيث تناول العديد من المحاور التي وضعت على طاولة النقاش مثل التحوّل والجهوزية، والأمن السيبراني وتحقيق الاستدامة والتكامل والانسجام بين القطاعات في مسيرة التحول وغلق الفجوات وغيرها من المحاور المهمة.
وأكد المدير التنفيذي لشركة سحاب للحلول الذكية أن تنظيم الجلسة يهدف إلى مساندة القطاعات الخاصة والحكومية ودعمها في التوجه نحو اقتصاد متطور يعزز من مكانته التنافسية في الأسواق العالمية، لافتاً إلى أن القطاعين الحكومي والخاص شركاء في مسيرة التنمية الشاملة في دولة الإمارات العربية المتحدة الحاضنة للكوادر البشرية المبدعة والمبتكرة.
وتناول الزرعوني في العرض التقديمي الحديث عن جملة من المواضيع، حيث قال:” كشفت الدراسات أن فرق تكنولوجيا المعلومات تقضي أكثر من ثلث وقتها في مشاريع التكامل الرقمي، وتكلف عمليات الدمج المخصصة للمؤسسات الكبيرة إجمالي 3.5 مليون دولار لكل منها في العمالة السنوية، ومع تسارع المبادرات الرقمية، ظهر التكامل كعامل حاسم في تحديد نجاح وسرعة التحول الرقمي عبر الصناعات، وهذه الأرقام تعني أن التحول الرقمي والحلول الذكية تعتبر روافد أساسية للاقتصاد الوطني، والدخل الوطني، وبالتالي فهي عامل رئيسيّ لمسيرة التنمية والتقدم الاجتماعي”.
وأكمل المدير التنفيذي لشركة سحاب للحلول الذكية: “استمرار التقدّم في مسيرة التحول الرقمي يرسخ مكانتنا على خريطة اقتصادات ومجتمعات العالم، فهذا الواقع بات شرطاً للبقاء وليس للمنافسة فقط، نظراً للتحولات السريعة في أنماط العمل والحياة بشكل عام، فالمؤسسات التي ستُحقق النجاح في العالم الرقمي ستكتسب خمس سمات رئيسة وهي الذكاء والقدرة على التواصل والانضباط والتركيز والتمكين والمواءمة إضافة إلى الانفتاح والشفافية، وهذه هي عوامل نجاح وبقاء المؤسسات في المستقبل القريب”.