
بارك صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بمرور عام على وصول مسبار الأمل الإماراتي العربي إلى مدار كوكب المريخ «الأحمر».
ودون سموه عبر «تويتر»: «قبل عام من اليوم وصل مسبار الأمل لكوكب المريخ.. وصل العرب لأول مرة في تاريخهم للكوكب الأحمر.. ووصلت طموحات شعبنا لآفاق جديدة.. قبل عام من اليوم تمكن مجموعة من الشباب العربي الإماراتي من تحطيم حواجز وهمية بأننا لا نستطيع أن ننافس العالم في الفضاء.. كل عام وشباب العرب بألف ألف خير».
ويخلّد التاريخ الإماراتي التاسع من فبراير يوماً للفخر والاعتزاز بإنجاز وصول مسبار الأمل إلى المريخ لتصبح الدولة، الأولى عربياً والخامسة عالمياً التي تحقق هذا الإنجاز، متوجةً بذلك الخمسين عاماً الأولى منذ تأسيسها بحدث تاريخي وعلمي غير مسبوق على مستوى المهمات المريخية السابقة، حيث تستهدف المهمة المريخية الاستكشافية تقديم بيانات علمية لم يتوصل إليها الإنسان من قبل عن الكوكب الأحمر.
ونجح «مسبار الأمل» عند الساعة 7:42 مساء التاسع من فبراير 2021، في الدخول إلى مدار الالتقاط حول الكوكب الأحمر، منجزاً بذلك أصعب مراحل مهمته الفضائية، بعد رحلة استغرقت نحو سبعة أشهر في الفضاء، قطع فيها أكثر من 493 مليون كيلومتر، ليشكل وصوله إلى الكوكب الأحمر استعداداً لبدء مهمته العلمية من خلال توفير ثروة من البيانات العلمية للمجتمع العلمي في العالم علامة فارقة في مسيرة الإمارات التنموية المتسارعة، وليكون هذا الإنجاز احتفالاً يليق باليوبيل الذهبي لقيام الاتحاد، مُلخصاً قصته الملهمة، في دولة جعلت ثقافة اللامستحيل فكراً ونهج عمل وترجمة حية على الأرض، وأصبح احتفال الإمارات بالذكرى الخمسين لتأسيسها مقترناً بالوصول للمريخ، فيما وضع ذلك مسؤولية كبيرة أمام الأجيال القادمة التي ستبني عليه في الخمسين عاماً المقبلة.
ومثل نجاح مسبار الأمل في الوصول إلى مداره حول المريخ إنجازاً عربياً وإسلامياً، تحقق بعقول وسواعد أبناء وبنات زايد وقادته الكوادر الوطنية من العلماء والمهندسين، ليضع الدولة في مصاف الدول التي وصلت لعمق الفضاء، فيما سطر هذا الإنجاز فصلاً جديداً في سجل إنجازات الإمارات في مجال علوم الفضاء على مستوى عالمي، ويدعم جهود الدولة في بناء اقتصاد معرفي مستدام قائم على الصناعات التكنولوجية المتقدمة.
لحظات حاسمة
من جهتها، بدأت اللحظات الحاسمة لمرحلة الدخول إلى مدار الالتقاط حول الكوكب الأحمر عند الساعة 7:30 مساء 9 فبراير بتوقيت الإمارات، مع قيام مسبار الأمل ذاتياً، وفقاً لعمليات البرمجة التي كان فريق العمل قد أجراها مسبقاً قبل إطلاقه، ببدء تشغيل محركاته الستة للدفع العكسي «دلتا في» لإبطاء سرعته من 121 ألف كيلومتر إلى 18 ألف كيلومتر في الساعة، مستخدماً نصف ما يحمله من وقود، في عملية استغرقت 27 دقيقة، وانتهت عملية حرق الوقود عند الساعة 7:57 مساء ليدخل المسبار بأمان إلى مدار الالتقاط، وعند الساعة 8:08 مساءً تلقت المحطة الأرضية في الخوانيج إشارة من المسبار بنجاح مرحلة الدخول إلى مدار المريخ، لتكتب دولة الإمارات اسمها بحروف بارزة في تاريخ المهمات الفضائية لاستكشاف الكوكب الأحمر.
أول صورة
وبنجاحه في إنجاز مرحلة الدخول إلى مدار الالتقاط حول المريخ، يكون مسبار الأمل قد أنجز أربع مراحل رئيسية في رحلته الفضائية منذ إطلاقه في 20 يوليو 2020 من مركز تانيغاشيما الفضائي في اليابان على متن الصاروخ «إتش 2 إيه»، وهي بالترتيب: مرحلة الإطلاق، ومرحلة العمليات المبكرة، ومرحلة الملاحة في الفضاء، ومرحلة الدخول إلى المدار تبعتها مرحلة الانتقال إلى المدار العلمي، وأخيراً المرحلة العلمية، حيث بدأ المسبار مهمته الاستكشافية الخاصة برصد وتحليل مناخ الكوكب الأحمر.
وأرسل مسبار الأمل في 14 فبراير 2021 أولى صوره التي التقطها للكوكب الأحمر وفقاً للخطط الزمنية الموضوعة، مدشناً بذلك بداية مرحلة جمع 1000 غيغابايت من البيانات الجديدة عن كوكب المريخ بهدف استخدامها لإحداث نقلة نوعية في العلوم العالمية وقطاع الفضاء، ويعتبر استقبال الصورة الأولى للمريخ مؤشراً على كفاءة المسبار وأنظمته الفرعية وأجهزته العلمية وجودتها، والتواصل السلس والفعال مع مركز التحكم.
مدار علمي
وأعلن مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ «مسبار الأمل» 29 مارس 2021، انتقال مسبار الأمل من مدار الالتقاط إلى المدار العلمي، بعد نجاح المناورة الأولى عبر تشغيل محركات دفع المسبار التي استمرت لمدة 8.56 دقائق، وبذلك استقر المسبار في مداره النهائي حول المريخ لإنجاز مهمته العلمية.
وكشف المشروع في 30 يونيو 2021 عن الصور الأولى من نوعها التي تبين صورة شاملة لظاهرة الشفق المنفصل في الغلاف الجوي للمريخ أثناء الليل باستخدام الأشعة فوق البنفسجية البعيدة، فيما ستسهم هذه الصور الاستثنائية غير المسبوقة في إثراء معارف العلماء والباحثين عند دراسة التفاعلات بين الإشعاع الشمسي والمجال المغناطيسي للمريخ وغلافه الجوي.
دفعة أولى
وأطلق «مسبار الأمل» الدفعة الأولى من البيانات العلمية في 9 أكتوبر 2021 التي تم جمعها في الفترة الممتدة بين 9 فبراير و22 مايو 2021 تضمنت صوراً فريدة للمريخ ترصد ملاحظات غير مسبوقة حول سلوك غازات الغلاف الجوي للكوكب الأحمر والتفاعلات التي تحدث بينها، فيما تُظهر الملاحظات التي تم التقاطها بواسطة المقياس الطيفي بالأشعة ما فوق البنفسجية لمسبار الأمل اختلافات كبيرة في وفرة كل من الأكسجين الذري وأول أكسيد الكربون في الغلاف الجوي العلوي للمريخ في الجانب النهاري من الكوكب.
ونشر مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ في 7 فبراير وقبيل يومين من الاحتفال بالذكرى الأولى حالياً من وصول مسبار الأمل بنجاح لمداره العلمي، الدفعة الثانية من البيانات العلمية، والتي تم جمعها في الفترة ما بين 23 مايو إلى 31 أغسطس 2021، وجاء نشرها عبر مركز المعلومات ضمن الموقع الإلكتروني للمشروع، لتكشف عن معلومات مهمة وغير مسبوقة ستساعد المجتمع العلمي العالمي على استحداث نماذج علمية أكثر دقة للغلاف الجوي للمريخ، وتسهم في فهم أعمق لتغيراته، فيما يتم إتاحة ونشر دفعات جديدة من البيانات كل 3 أشهر للاستفادة منها لكل المختصين والمهتمين بعلوم الفضاء واستكشافه حول العالم، وتضمنت الدفعة الثانية 76 جيجابيت من المعلومات والصور والبيانات العلمية التي جمعتها الأجهزة العلمية التي يحملها «مسبار الأمل» على متنه خلال الأشهر الأولى لبدء مهمته العلمية حول الكوكب الأحمر.
وتستمر مهمة المسبار سنة مريخية كاملة (687 يوماً أرضياً)، بحيث تمتد حتى أبريل 2023، لضمان أن ترصد الأجهزة العلمية الثلاثة التي يحملها المسبار على متنه كل البيانات العلمية المطلوبة التي لم يتوصل إليها الإنسان من قبل حول مناخ المريخ، وقد تمتد مهمة المسبار سنة مريخية أخرى، إذ تطلب الأمر ذلك، لجمع المزيد من البيانات وكشف المزيد من الأسرار عن الكوكب الأحمر.