دخلت الحرب التي تشنها دولة الاحتلال ضد قطاع غزة شهرها الثاني، فيما عمل جيش الاحتلال على توسيع نطاق العمليات البرية، ودفع بالمزيد من قواته إلى قطاع غزة، حيث يترافق ذلك مع استمرار عمليات القصف العشوائي على الأحياء السكنية في مدينة غزة وشمالها، ما يوقع يوميا مئات الشهداء، جلّهم من الأطفال والنساء.
كما واصلت قوات الاحتلال عمليات استهداف مناطق وسط وجنوب القطاع، من خلال تدمير مربعات سكنية بالكامل وقتل من فيها.
يأتي ذلك، في وقت تتواصل فيه المأساة الإنسانية بالقطاع، حيث يزداد الضغط على المنظومة الصحية المنهارة، والتي تعاني من نقص شديد في إمدادات الدواء والمستلزمات الطبية، وتواجه خطر التوقف بشكل كامل، بسبب نفاد الوقود لتشغيل مولدات الطاقة، بعد أن اضطرت المشافي لتشغيل المولدات الثانوية، واقتصار وصول الطاقة للأقسام المهمة.
وبسبب الحصار الإسرائيلي على غزة الذي يمنع وصول الوقود، وعدم موافقة سلطات الاحتلال على تدفق المساعدات الطبية والإنسانية من معبر رفح الفاصل عن مصر إلا بكميات قليلة، توقف العمل في 16 مشفى بالقطاع ما بين حكومي وخاص وأخرى تابعة لمؤسسات خيرية، كما توقف العمل في عشرات مراكز الرعاية الطبية.
يترافق هذا مع شح إمدادات الطعام التي يعاني منها ليس فقط السكان المتواجدون في مناطق غزة وشمالها، بل أيضا مناطق وسط وجنوب القطاع أيضا.
وفي مراكز الإيواء، تستمر الأزمة الإنسانية حيث تشهد تكدسا كبيرا، ويقدر عدد النازحين بأكثر من 1.4 مليون فلسطيني من أصل أكثر من مليوني مواطن في قطاع غزة، ومن ضمن العدد الكلي للنازحين هناك نحو 700 ألف يقيمون في “مراكز الإيواء” والباقي يقيمون إما في ساحات المشافي أو في ساحات عامة وآخرين عند أقارب لهم.
صعوبة الوصول للدواء والغذاء
وفي هذا السياق، أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أن ما يجري مشاهدته في قطاع غزة، “لم نشهده منذ تواجدنا الدائم في عام 1967”.
وأكدت اللجنة أن مستشفيات غزة على حافة الانهيار التام، وقالت إن الأطباء منهكون، فيما هناك شح في المستلزمات الطبية والوقود.
وأشارت إلى أن العمليات الجراحية تتم في هذا الوقت بسبب الحرب دون تخدير، لافتا إلى أنها تجرى في ممرات المستشفيات.
ووصفت اللجنة الوضع الإنساني في قطاع غزة بـ”الكارثي”، وقالت إنه “يزداد سوءا كل لحظة”، مؤكدة أن المدنيين يتحملون التكلفة الإنسانية الباهظة خاصة النساء والأطفال.
وأشارت إلى عمليات تدمير البنى التحتية للمياه والمياه العادمة، حيث خرج معظمها عن الخدمة مما ينبئ بكارثة بيئية.
وقالت إن الحصول على نقطة ماء نظيفة للشرب أو رغيف خبز في غزة يعد “رحلة محفوفة بالمخاطر وتستمر لساعات”.
وأشارت إلى وجود 60 طنا من المساعدات، تقف على أقرب نقطة من معبر رفح، بانتظار الدخول إلى القطاع، بالتعاون مع الهلال الأحمر المصري والهلال الأحمر الفلسطيني.
وشددت على وجوب حماية المستشفيات والأطقم الطبية وسيارات الإسعاف، وقالت: “المستشفيات يجب أن تكون أماكن لإنقاذ الحياة وملاذا آمنا لمن نزح إليها، ولا يجب أن تتحول إلى ساحات دمار وموت”.
وأكدت أن العائلات الفلسطينية تشتت شملها، وأن الأمهات يوزعن أبناءهن على مراكز النزوح لتزيد فرص نجاتهم.
ورغم هذه النداءات المطالبة بعدم التعرض للمشافي والمنظومة الصحية، واصلت قوات الاحتلال هجماتها ضد مشافي غزة، وتسبب القصف بدمار واسع طال أجزاء كبيرة وواسعة في مستشفى الطب النفسي الوحيد في قطاع غزة ومستشفى العيون.
وبسبب شح الوقود وتواصل الحرب، أعلنت بلدية مدينة غزة، عن إجراء تقليصات أخرى على خدمة جمع النفايات، وهو أمر يزيد من المخاطر الصحية التي تصيب السكان.
والجدير ذكره أن أكد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا”، كان قد أشار إلى أن تقديرات برنامج الأغذية العالمي، تشير إلى أن الإمدادات الغذائية في متاجر قطاع غزة لن تكفي إلا لبضعة أيام أخرى.
وأضاف: “لم يبق سوى عدد قليل من المخابز عاملة في القطاع بسبب الدمار المستمر ونقص الدقيق والوقود”.
وفي هذا الوقت، بدأت البضائع تنفد من المحال التجارية، حيث تخلو أرفف العرض من البضائع.
ويشتكي السكان الذين يواجهون صعوبة في الحصول على مياه الشرب، ومن نقص المواد الأساسية مثل الدقيق والبقلوليات وكذلك المعلبات.
ويؤكد السكان أن تحضير الطعام عند الكثير منهم بات أمرا صعبا، بسبب نفاد أسطوانات غاز الطهي من المنازل، وعدم سماح سلطات الاحتلال بإدخال أي كميات من الوقود.
مليونا رهينة
من جانبها، أكدت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، اليوم الإثنين، أن “المجتمع الدولي أمام اختبار أخير لما تبقّى له من مصداقية بشأن تحمّل مسؤولياته، وقدرته على إجبار إسرائيل على وقف حربها المدمرة على قطاع غزة، وحماية المدنيين، وتحرير أكثر من مليوني فلسطيني تختطفهم كرهائن، وهم إجمالاً مئة ألف ضعف أسرى الإسرائيليين في قطاع غزة”.
وأعربت الوزارة، في بيان صحافي، اليوم، عن “أسفها عندما تتحدث بعض الدول عن العمل من أجل إطلاق سراح الإسرائيليين، يتم تجاهل قضية تحرير مليونين وأربعمئة ألف فلسطيني تختطفهم دولة الاحتلال، وتنتقم منهم، وتتعامل معهم كأقل من البشر، من خلال القصف العشوائي المدمر الذي يطال كل مكان في قطاع غزة دون استثناء، وتستهدف المدنيين بالأساس، ما يخلق حالة غير مسبوقة من الذعر والخوف لدى المواطنين خاصة النساء والأطفال وكبار السن”.