
هل يجوز للمصوّر أن يستغل لحظة بكاء سيدة على منزلها المهدم؟ هل يعد ذلك أخلاقياً، وماذا عن التقاط صورة لعجوز يضربها مسلح بكعب بندقيته؟ بهذه الأسئلة بدأ المصوّر البريطاني من أصول باكستانية سهيل كرماني جلسة “أخلاقيات التقاط صور عن معاناة الآخرين” التي عقدت مساء أمس الجمعة ضمن فعاليات النسخة الخامسة من المهرجان الدولي للتصوير (اكسبوجر).
وجه سهيل كرماني هذه الأسئلة لجمهور جلسته، ليكشف حجم التباين في المواقف تجاه أخلاقيات المصوّر، إذ سرعان ما انقسم الجمهور بين مؤيد لالتقاط الصور ويعتبرها احترافية ومهنية، وبين معارض باعتباره عملاً لا اخلاقياً.
وأوضح كرماني أنه من الصعب وضع وصايا للمصورين في التعامل مع المواقف التي يمرون بها التي تضعهم أمام أسئلة أخلاقيات المهنة، مشيراً إلى أن هذا الاختلاف على هذه الأخلاقيات، يفتح الباب أمام مزيد من الأسئلة.
وتابع مخاطباً جمهور الجلسة من المصورين: “تخيل أنك أيها المصور على وشك التقاط صورة لحالة إنسانية تستدعي منك المساعدة قبل التقاط الصورة فماذا ستفعل؟ وكانت الإجابة المباشرة على هذا السؤال، ومن معظم المتداخلين من الجمهور، هي تقديم المساعدة أولا، ثم التقاط الصورة.
وفي المقابل فتح كرماني المجال أمام الجمهور للاستماع إلى وجهة نظر مغايرة تماماً، حيث قال أحد المصورين في رده على السؤال: “إن تعزية الحالة الإنسانية، ومواساتها، أو أخذ الإذن منها سوف يحرم المصور من الشحنة العاطفية التي ستكون قد اختفت ولن تعود، وأن تفسير الموقف الأخلاقي في مثل هذه الحالة هو تفسير نسبي، فقد يكون في التقاط الصورة واجب أخلاقي صرف، وقد يكون في مواساة الحالة واجب أخلاقي أيضاً”.
وأشار كرماني إلى أن النسبية تجاه مثل هذه المواقف كبيرة، فقد يكون التقاط الصورة أهم من المساعدة المباشرة، إذ يمكن أن تحرك هذه الصورة الحكومات والجهات المدنية المختلفة للتعاطف مع مثل هذه الحالات الإنسانية وتقديم المساعدة اللازمة لها وللمجتمع الذي تنتمي إليه.
واختتم كرماني جلسته محاولاً الوصول إلى صيغة مناسبة ومعيار واضح لأخلاقيات التصوير، عبر توجيه سؤال: “ماذا لو أن المرأة أو الحالة الإنسانية لم تسمح لك بالتقاط صورتها، وأجابت: أنا لا أريد أن أكون جزءًا من خطتك أيها المصور” وهنا برزت إجابات عديدة ومتنوعة، ذهبت في الحوار نحو مناطق أخرى، وتركت الإجابات معلقة حول ماهية وطبيعة الموقف الصائب في مثل هذه الحالات المتكررة في مناطق النزاع والصراعات السياسية في العالم، ليؤكد كرماني بذلك أن أخلاقيات التصوير لا يمكن أن تكون مهنية خالصة أو إنسانية خالصة، وإنما يجب على المصوّر التقدير وتوظيف حواسه وعقله كاملاً.