
روى المصور الإيرلندي العالمي، فرانكي كوين بدايات علاقاته بفن التصوير، وقال: “كانت إيرلندا الشمالية بلادي تعيش واقعاً مضطرباً، الصراعات تملأ الشوارع والخطر يكمن في كل زاوية، ومن أجل حمايتي اشترى لي والدي كاميرا مستعملة بعدسة 22 ملم، وقال لي إذهب ومارس التصوير ولا تتورط في الصراع، فوثقت بهذه الكاميرا تاريخ الصراع الذي امتد لعشرات السنوات”.
وتابع كوين: “جزء كبير تحقق من أمنية والدي، فقد وفرت لي الكاميرا الحماية من طرفي الصراع، كل منهما اعتبرني محايداً ولست منحازاً للطرف الآخر”.
كوين الذي تحدث خلال جلسة حوارية بعنوان “مشروع الصورة” ضمن فعاليات المهرجان الدولي للتصوير “إكسبوجر” 2019، الذي ينظمه المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، قدم للمشاهدين ومن خلال صوره حكاية مفصلة عن بلفاست بشكل خاص وإيرلندا الشمالية بشكل عام، وتناول في جلسته تفاصيل الصراع اليومي وضحاياه وتداعيات الإضراب الشهير عن الطعام الذي خاضه المعتقلون السياسيون الإيرلنديون في ثمانينات القرن الماضي.
وأوضح كوين، أن بلاده بكاملها في تلك الفترة كانت تعيش حالةً قاسية من الجوع، وقدم من خلال صوره مشاهد تظهر بؤس الفقر في الأحياء الإيرلندية في تلك المرحلة وتوثق ملامح الناس في البيوت التي تفتقد لأدنى مقومات العيش.
وعن اختياره للتصوير باللونين الأبيض والأسود قال كوين: ” حاولت أن انسجم في صوري مع حالة بلادي التي لم تكن تحتمل الألوان في تلك المرحلة، حيث كل شيء كان مقسماً إلى جزئين إما بطريقة مادية عبر الحواجر الإسمنتية أو بالطريقة المعنوية التي أسست للصراع. “لقد شاهدت وحضرت أكثر من 84 جنازة لضحايا الصراع، فكيف يمكن أن أقدم صور الموت والحزن بالألوان”.
لم يكتف كوين بعرض الصور القاتمة في ألبومه، بل قدم لجمهوره مجموعة من الصور التي تتناول حياة الناس ولعب الأطفال في الشوارع، وقال: ” كانت هذه الحياة العادية تمضي بكل ثقة وسط إعصار من الأحداث، أذهلتني قدرة الناس على ابتكار العيش والفرح وسط كل الظروف”.
ووجه كوين نصيحة للمصورين قال فيها:” كمصور عليك أن تكون قريباً من الحدث، فأن تكون إلى جانب قضية معينة هو أن تعكس مدى قدرتك على الاقتراب والتماهي معها. لقد نزلت إلى الشارع وعشت كلّ تلك الظروف التي عاشها المتظاهرون ومشيت معهم، ووثقت حياة الناس، والكثير من الأحداث التي شكّلت مرحلة مهمة وحاسمة من تاريخ إيرلندا”.