الشارقة،أحمد الشناوي
تابع جمهور وعشاق مسرح الشارقة الصحراوي فى ثاني ليالي المسرح، مسرحية “جزيرة الجوري”، البحرينية، ضمن عروض الدورة الثانية لمهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي، والتي قدمتها فرقة “مسرح أوال”.
جزيرة الجوري مأخوذة أساساً عن نص “جويرة” للكاتب عقيل سوار، والمسرحية عموماً تتناول تيه وضياع الزوجين “حليمة ومنصور” إثر هبوب عاصفة رملية قوية، فمن خلف ربوة رملية عالية، تنطلق أصوات سيوف وغبار وإضاءات متنوعة، أجواء رعب وفوضى وعنف وخوف، فضاء بعيد عن الأمن والأمان والطمأنينة.
يمثل العمل الطموح والحلم المشترك باتحاد الخليج، وهو رسالة مباشرة تؤكد أهمية التلاحم والتكاتف والوحدة، كما أن الخطاب الذي تقدمه المسرحية هو إيقاظ الهمم من أجل الارتباط بالقضايا المصيرية، وصرخة للالتئام والاتحاد والتكاتف لمواجهة الإرهاب والتخريب.
وفي إطار البرنامج الثقافي للمهرجان استضاف مجلس المسامرات في موقع المهرجان ندوة فكرية تحت عنوان “المسرح والصحراء”، جاءت في محورين: الأول: المسرح والصحراء الفرجة والفضاء والثاني تحت عنوان “المسرح الصحراوي: أي موضوع وأي شكل؟.
أدار الندوة وقدم لها الفنان الإماراتي مرعي الحليان الذي استهل حديثه مستعرضاً سلسلة من البرامج تنظمها إدارة المسرح بدائرة الثقافة والإعلام، ليؤكد على الطابع المتعدد لهذه البرامج واهدافها المهمة ومنها إشاعة الثقافة المسرحية واستحداث فضاءات جديدة للفعل المسرحي. وهو ذكر في هذا الباب انشطة عدة، مثل “مهرجان خورفكان المسرحي” الذي ينظم على مدار يوم كامل على الساحل الشرقي للإمارة، إضافة إلى “مهرجان الشارقة للمسرحيات القصيرة” و”مهرجان المسرح الثنائي” وسواها.
وحول مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي، ذكر الممثل والمخرج الإماراتي أنه يمثل فاتحة لمشروع مسرحي يتسم بالخصوصية، مشيراً إلى أن مجتمعات الصحراء “ثرية بالمحكيات والأساطير والقيم التي يمكن أن تشكل مادة غنية للاشتغال الدرامي.. شخصية الانسان الصحراوي المتسم بالعفة والنبل والكرم وعلاقته بالطبيعة من حوله بالرمل والسماء والشمس والنجوم والتيه والخيل.. كلها عناصر ثرة للعمل الدرامي والجمالي”.
وتحدث الحليان عن الجماليات المبهرة التي تداخلت فيها الكثبان الرملية والإضاءة وتشكيلات مجموعة المؤدين في عرض الافتتاح ” داعش والغبراء” تأليف صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة وإخراج محمد العامري، وقال إنها لا يمكن ان تتجلى بهذا البهاء إلا في فضاء كهذا.
من جانبه قال الباحث الجزائري أحمد شنيقي عن حداثة التجربة المسرحية العربية مقارنة بالأوربية، وقال إنه ينظر للمسرح كفن أغريقي وليس أوروبياً، مشيراً إلى أن تجربة المسرح والصحراء هي بمثابة استكمال لما بذل في وقت سابق من طرف مسرحيين أمثال عبد القادر علولة وروجيه عساف والطيب الصديقي وعبد الكريم برشيد وسواهم، ممن دعوا إلى خصوصية عروبية لهذا الفن الوافد، وقال أن معظم هؤلاء درس في الغرب ولكنهم حين عادوا أرادوا أن يؤسسوا لتجربة مسرحية عربية وأغلبهم انقطع عن دعوته في وقت لاحق ولم يواصل في مشروعه، ملمحاً إلى أن هذا الانقطاع يمكن فهمه بأكثر من طريقة ولكن على وجه الخصوص يمكن النظر إليه كدليل على أن الأمر لا يقتصر على مجرد دعوة انما يحتاج إلى تجارب عملية.
وركزت مداخلة الباحث المصري جمال ياقوت على إبراز الابعاد البصرية المميزة لموقع المهرجان، وقال إنه استمتع بمشاهدة عرض الافتتاح، وذكر أن استخدام التقانة الحديثة في بناء مشاهد مسرحية ودرامية فوق رمل الصحراء ليس بالأمر السهل فهو يستلزم جهداً خاصاً ووعياً جمالياً متقدماً.
وتحدث ياقوت عن أهمية دراسة التجربة بشكل أكاديمي فهي يمكن أن تقدم اضاءات أو طرق عمل مستقبلية تضيف إلى التجربة وتزيدها عمقاً، مشيراً إلى أن لأي مجتمع، صحراويا كان أو مدنياً، أسئلته وشواغله الاجتماعية التي يمكن للمسرح أن يقاربها ويناقشها، ولكن ما كحكم أو رهان هو الشكل الذي ستأتي عليه هذه المقاربة فمن الطريقة التي نستخدمها تكتسب التجربة هويتها وخصوصيتها.