بدايات شاقة:
لم يكن كريستيانو رونالدو دوس سانتوس أفيرو ابن أسرة غنية، أو معروفة في عالم كرة القدم، فوالده عمل بستانياً ومديراً للمعدات الرياضية لأحد الفرق المحلية البرتغالية المغمورة، فيما عملت والدته سابقاً طاهية في أحد المطاعم، وسكن مع أسرته في منزل متواضع كان سقفه من الصفيح.
ما إن بدأ رونالدو يتعلم المشي حتى تعلق بكرة القدم، فأهمل دراسته بشكل كبير، واشتكى منه معلموه كثيراً، لكن تفكير ذلك الطفل كان يذهب باتجاه واحد فقط هو «كرة القدم».
أدرك الوالد موهبة طفله الفذة، وأين يكمن سره بعيداً عن المدرسة؛ فضمه للنادي الذي يعمل به، وعندما بلغ العاشرة من عمره ذاع صيته بين أقرانه، الأمر الذي لفت نظر نادي ناسيونيال البرتغالي، الذي ضمه إلى صفوفه.
بعد عامين فقط من اللعب في صفوف ناسيونيال، بات رونالدو مطمعاً لأهم الأندية البرتغالية (سبورتينغ لشبونة)، الذي ضمه إلى فئاته العمرية. وشكل هذا نقطة تحول في تاريخه الكروي، كونه بات لاعباً بواحدٍ من الفرق الشهيرة في العالم. لكن مسيرة الدون كانت مهددة بالتوقف تماماً، بعد أن عانى تسارعاً في نبضات قلبه، واضطر إثرها لإجراء عملية عن طريق الليزر، تم خلالها كيُّ أحد شرايين قلبه؛ لتحل المشكلة، ويعاود تدريباته بعد ثلاثة أشهر.
أول راتب شهري:
عاد الفتى البرتغالي بعد التعافي من التدخل الطبي متألقاً، ومعبراً عن موهبة فذة ونادرة، وإصرار وعزيمة قل نظيرهما، ما لفت نظر خوسي فيغا، أحد أشهر وكلاء اللاعبين البرتغاليين فتعاقد معه، وجلب له عام 2001 أول عقد احترافي براتب شهري يقدر بـ2000 يورو، وشرط جزائي بلغت قيمته 20 مليون يورو.
بعد فترة قصيرة لم تتعد عاماً واحداً، لفت رونالدو نظر أشهر وكلاء اللاعبين في العالم، خورخي ميندز، الذي أقنع رونالدو بقدرته على تغيير حياته في حال وقع معه، وهو الأمر الذي تم فعلاً.
نقطة التحول:
مع بدء سطوع نجم رونالدو، انهالت عليه العروض من أندية عالمية، منها: فالنسيا وليفربول وبرشلونة، لكن أكثرها جديةً كان نادي أرسنال الإنجليزي، الذي كان يدربه الفرنسي أرسين فينغر، وكان النجم البرتغالي على بُعد خطوات من التعاقد مع أرسنال، لولا بعض الخلافات المالية في العقد، الأمر الذي استغله نادي مانشستر يونايتد لحسم الصفقة لصالحه، لتكتب وقتها صفحة جديدة في حياة رونالدو، خاصةً أنه جاء تعويضاً لواحد من أعظم أساطير النادي ديفيد بيكهام، الذي رحل وقتها إلى نادي ريال مدريد الإسباني، وهي الخطوة التي سيسير عليها رونالدو في فصل آخر من حياته.
وفي أول مباراة له مع اليونايتد، ظهر رونالدو حاملاً رقم أساطير النادي (7)، ما جعل الجماهير تعول عليه كثيراً، إلا أن موسمه الأول مع النادي الإنجليزي لم يكن كما يطمح اللاعب نفسه أو مدربه أو محبو اليونايتد. لكن هذا الأمر لم يمنع من استدعائه، للمشاركة ضمن صفوف منتخب البرتغال في اليورو، لأول مرة بتاريخه.
وبعد سنوات قليلة مع النادي الشهير، سطع نجم رونالدو، وبات واحداً من أهم اللاعبين في العالم، حتى إنه قاد النادي إلى الفوز بلقب الدوري بعد غياب أربع سنوات، وبعدها أحرز دوري أبطال أوروبا؛ لينال الحذاء الذهبي كهداف للدوريات الأوروبية، ويختم عامه ذلك بالفوز بالكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم، لأول مرة في مسيرته.
رحلة المجد.. وتقلبات الانتقال:
لا يمكن أن ينسى كل عشاق كرة القدم حول العالم عام 2009، الذي قدم فيه رونالدو إلى ريال مدريد الإسباني بصفقة قياسية في ذلك الوقت بلغت 94 مليون يورو، ليبدأ الصراع الأزلي بين نجم الريال كريستيانو رونالدو، ونجم برشلونة ليونيل ميسي، في منافسة أمتعت العالم كله.
مضت تسع سنوات مع ريال مدريد، حقق فيها رونالدو كل شيء، وحطم خلالها كل الأرقام القياسية، وفاز بكل الكؤوس الممكنة، وبات الهداف التاريخي للنادي الملكي، الذي نال رفقته أربع بطولات لدوري أبطال أوروبا، كما أنه بات الهداف التاريخي لدوري الأبطال، واستطاع نقش اسمه بحروف من ذهب؛ ليكون الأسطورة الأولى في تاريخ النادي الأكبر والأشهر في العالم، متفوقاً بذلك على أسماء كبيرة جداً مرت بالنادي، مثل: راؤول غونزاليس، وبوتراغينيو، وبوشكاش، وخوانيتو.
وفي عام 2018، فجر نادي يوفنتوس الإيطالي مفاجأة مدوية، بعد أن أعلن تعاقده مع الدون، الذي فاز معه بخمسة ألقاب محلية، لكنّ مسيرته مع «السيدة العجوز» لم تطل كما أريد لها، ليشهد عام 2022 مفاجأة أخرى، بإعلان عودته إلى ناديه الأم مانشستر يونايتد، إلا أن خلافاته مع مدربه تين هاغ، وهجوم رونالدو عليه في مقابلته الصحافية الشهيرة مع الصحافي بيرس مورغن، عجلت بفسخ عقده مع اليونايتد، وجاءت خلال مشاركته في مونديال كأس العالم بقطر، الذي خرجت منه البرتغال أيضاً، وسكب رونالدو الدموع كثيراً بعد خسارته أمام المغرب في مشهد يصعب نسيانه.
رونالدو العربي:
لا تتوقف المفاجآت في حياة رونالدو، فجاء انتقاله للعيش واللعب في الوطن العربي، وتحديداً لنادي النصر السعودي عام 2023، في صفقة وصفت بالأضخم في تاريخ كرة القدم، وأكبرها على الإطلاق، وفتح قدوم رونالدو للسعودية الباب على مصراعيه لكل نجوم العالم؛ ليصبح دوري روشن السعودي واحداً من أهم الدوريات العالمية، وتتناقل أخباره كل وسائل الإعلام في قارات العالم؛ فلحق به الفرنسي كريم بنزيما، وغيره نجوم كثيرون.
ألقاب لا تُحصى:
قد تطول السنوات كثيراً، وربما لن يأتي لاعب مثل رونالدو، فهو أكثر لاعب أوروبي حقق ألقاباً على الإطلاق، سواء على المستوى الفردي، أو الجماعي، كيف لا وهو الحاصل على خمس كرات ذهبية، وبـ29 جائزة وطنية وقارية، مسجلاً أكثر من 700 هدف في مسيرته الكروية، فهو الهداف التاريخي للمنتخبات الوطنية بـ128 هدفاً، و34 بطولة رسمية، واللاعب الوحيد الذي سجل في خمس نسخ مونديالية لكأس العالم.
علاقات عاطفية لم تدم طويلاً:
رغم أن رونالدو أقام، سابقاً، عدداً كبيراً من العلاقات العاطفية، منها علاقته بعارضة الأزياء البرازيلية جوردانا جاردال، التي توصف بأنها الحبيبة الأولى له، إلا أن هذه العلاقة لم تستمر طويلاً، وانتهت سريعاً عام 2003، ليرتبط بعدها لقرابة عام كامل بالمذيعة البرتغالية ميرشي روميرو، وتأتي بعدها الممثلة البريطانية جيما أتكينسون، لكن هذه العلاقة لم تدم لأكثر من أربعة أشهر.
وكانت الممثلة البرتغالية سورايا تشيفاس واحدةً من اللواتي عرفن بعلاقتهن العاطفية مع رونالدو، لكن انفصالهما جاء سريعاً، وقيل إن السبب كان خطف الممثلة الهندية بيباشا باسو قلب رونالدو، لكنها ككل علاقاته السابقة كانت علاقة سريعة لم تدم طويلاً. وقيل إنه كان على علاقة غرامية بالنجمة الشهيرة باريس هيلتون، ونجمة أفلام الواقع الأميركية كيم كارداشيان.
بعد ذلك، انتشرت أنباء ارتباطه بفتاة برتغالية تدعى لوانا بيليتي، إلا أن دخول عارضة الأزياء الروسية أرينا شايك حياة الدون عجل بنهاية هذه العلاقة.
ولم تكن أرينا شايك، كسابقاتها من الفتيات، إذ إنها استمرت في علاقة طويلة مع الدون، وشكلت جزءاً مهماً من حياته، ودام حبهما خمس سنوات، ظهرا خلالها معاً في كل الأماكن والمحافل، وشكل انفصالهما حديث العالم عام 2015، ولم يعلن الثنائي عن إنجاب أطفال خلال تلك الفترة.
جورجينا رودريغيز:
كان عام 2016 جوهرياً في حياة الدون، فهو العام الذي دخلت خلاله عارضة الأزياء الأرجنتينية الإسبانية جورجينا رودريغيز حياته؛ لتغيرها إلى الأبد، وتبقى معه حتى يومنا هذا، فهي التي قال رونالدو عنها: إنه وجد الحب والاستقرار معها؛ فأنجب منها طفلتين: الأولى «ألانا مارتينا» (12 عاماً)، و«بيلا إزميرالدا» (عامان)، كما أن أبناء رونالدو الثلاثة الآخرون: «رونالدو جونيور»، والتوأم: «إيفا»، و«ماتيو»، باتوا يعدون جورجينا بمثابة أم لهم
الأشهر في العالم:
دون أدنى شك، إن اللاعب البرتغالي يعد اليوم أشهر شخصية في العالم على الإطلاق، حتى إن منافسه الرئيسي في عالم كرة القدم، لا يعد منافساً له في الشهرة، إذ إن حساب رونالدو في «إنستغرام» هو الأكثر متابعة على الإطلاق، ويعد أول شخصية على وجه الكرة الأرضية تصل إلى أكثر من نصف مليار متابع على «إنستغرام»، إذ يتابعه اليوم 619 مليون شخص.
واستطاع رونالدو التفوق على نجمة برامج الواقع الأميركية، كيلي جينر، في سعر إعلان «إنستغرام»، بعد أن بلغت قيمة الإعلان في حسابه 1.87 مليون جنيه إسترليني.
ملخص الحياة:
يلخص رونالدو حياته بجملة اشتهر بها، عندما قال واصفاً نفسه: «أبتسم دائماً، فأنا رجل سعيد ومحظوظ؛ لأنني ألعب في نادٍ رائع، ولديَّ عائلة رائعة، وأربعة أولاد، وأنا بصحة جيدة، وأملك كل شيء». ومؤخراً، قال رونالدو إنه لا يعرف متى يعتزل، وإن جسده هو الذي يقرر ذلك، لكنه توقع الاستمرار حتى سن الأربعين.