حين ينقطع اتصالنا بالإنترنت، أو تنفد بطاريات هواتفنا، نشعر بأن الحياة توقفت، ونتساءل باستهجان: كيف كان آباؤنا وأجدادنا يعيشون قبل عشرات السنين، وينعمون بحياتهم من دون كهرباء حتى؟
إجابات كثيرة يمكن الحصول عليها، فالكثير من المشاغل كانت تمضي وقتهم وتشغلهم، لكن ماذا عن الأطفال الصغار، أولئك الذين لا يملكون سوى اللّهو واللعب، فما كان يسليهم، وبماذا كانوا يلعبون ويمضون ساعات النهار؟
جناح الألعاب الشعبية المخصص للأطفال في “أيام الشارقة التراثية 18” يجيب عن هذه الأسئلة، فما أن يدخل الزائر لهذا الركن في ساحة التراث بقلب الشارقة، حتى يشعر بأنه عاد بالزمن إلى خمسين عاماً مضت، فهناك أطفال يرتدون أثواباً تقليدية إماراتية ويمارسون ألعاباً غريبة، لا تنتمي إلى ألعاب جيل اليوم، ألعاب يصنعونها بالقماش، وأخرى يفترشون الأرض ليمارسوها، وأخرى يتحلقون حول بعضهم ويؤدونها.
واحدة من هذه الألعاب، تفتح نافذة واسعة على علاقة الإماراتي ببيئته، وكيف شكلت مصدر عيشه في كل شيء حتى في اللّعب، إذ تجلس فتاتان متقابلتان على الأرض ويحملن في أيديهن كومة من القواقع الصغيرة والمصقولة، ويبدأن برميها في الهواء ومحاولة جمعها على ظهر أكفهن.
بالوقوف عند هاتين الفتاتين، تنكشف قوانين هذه اللعبة، إذ تروي إحداهن للزائرين: “هذه لعبة اسمها (الصقلة)، نلعبها بالقواقع، وبعد أن نجمعها ونرميها في الهواء، نحاول أن نثبتها على ظهر يدينا، ثم على إحدانا أن تختار واحدة من القواقع التي تريد أن تبقيها على يدينا، ومن ثم نبدأ بإنزال باقي الصدف بحذر حتى لا تسقط القوقعة المراد بقائها، حيث سنخسر إذ سقطت”.
تتجلى في هذه اللعبة علاقة الإنسان الإماراتي مع الطبيعة، فالصدف يتحول إلى حجارة لسكان الجبال، واللاعبان يصبحون أربعة، وقد تضاف إليه حفرة في الأرض يلتقط منها اللاعبون الحجارة أو القواقع، ويخرجون إحداها، حتى تنتهي، وهكذا، فيما هي اللعبة ذاتها تظهر في العديد من بلدان المنطقة العربية بأسماء وأشكال أخرى ولكن في مبدأ اللّعبة ذاته القائم على التقاط الحجارة.
– انتهى –