
ودع المنتخب الوطني الأولمبي مبكراً، بطولة غرب آسيا الرابعة للمنتخبات تحت 23 سنة المقامة حالياً في العاصمة العراقية بغداد، بعد مستوى أقل كثيراً من المتوقع، والخسارة من منتخبي الأردن 1-2 والعراق 0-3، وهو الأمر الذي أعاد إلى الواجهة الجدل حول مستقبل منتخبات المراحل السنية في الدولة، خاصة وأن المنتخب الأولمبي أمامه محطة مهمة، وهي المشاركة في التصفيات الآسيوية خلال الفترة من 4 إلى 12 سبتمبر المقبل، والمؤهلة إلى نهائيات النسخة السادسة من كأس آسيا تحت 23 عاماً في قطر 2024، وينافس خلالها «الأبيض الأولمبي» في المجموعة السابعة مع منتخبات الهند، المالديف والصين المستضيفة للمجموعة، وهي واحدة ضمن 11 مجموعة تشارك فيها 43 منتخباً، وتستضيفها 11 دولة، ويتأهل منها إلى النهائيات، صاحب المركز الأول في كل مجموعة، إلى جانب أفضل 4 منتخبات حاصلة على المركز الثاني، لتنضم إلى منتخب قطر المضيف.
مستقبل
وعن المشاركة الأخيرة للمنتخب الوطني الأولمبي في بطولة غرب آسيا، تحدث عدد من خبراء ونجوم الكرة الإماراتية السابقين، ووضعوا 7 مقترحات في «روشتة» العلاج لمستقبل أفضل لمنتخبات المراحل السنية وفي مقدمتها «الأبيض الأولمبي»، المقترح الأول، إقامة معسكرات إعداد طويلة لمنتخبات المراحل السنية، مع زيادة عدد المباريات الودية، والثاني، إيجاد آلية من خلال الجمعية العمومية لاتحاد الكرة، وتجبر من خلالها الأندية على مشاركة لاعبي الرديف في مباريات الفريق الأول في إحدى المسابقات المحلية، والثالث، التفكير خارج الصندوق في تنشيط دوري الرديف وتطويره بما يضمن تطوير مستوى اللاعبين،
والرابع، الاعتماد على المدربين المواطنين في منتخبات المراحل السنية، وتحت مظلة خبير عالمي يتعاقد معه اتحاد الكرة بهدف صناعة أجيال جديدة للكرة الإماراتية، والخامس، تقليص أعداد اللاعبين المقيمين في الأندية، خاصة في فرق المراحل السنية، مع إيجاد صيغة قانونية للحد من التعاقد مع لاعبين من خارج الدولة، وقيدهم ضمن تلك الفئة، والسادس، وضع اتحاد الكرة اشتراطات الحصول على أفضل الدورات التأهيلية للعاملين في مجالي الإشراف الفني والتدريب، والمقترح السابع، تطبيق مبدأ المحاسبة للأجهزة الفنية على فترات، لضمان التنفيذ الجيد والناجح لبرامج التطوير.
رأي فني
يقول عنتر مرزوق رئيس أكاديمية شباب الأهلي: «نصف لاعبي المنتخب الوطني الأولمبي للأسف، لا يلعبون في الفريق الأول لأنديتهم، والنصف الآخر الذي يلعب، لا يشارك الوقت الكافي، وعادة ما يكون على مقاعد البدلاء أغلب الوقت، في ظل لائحة السماح لكل نادٍ بمشاركة 6 لاعبين أجانب ومقيمين لكل فريق في المباراة، ليتبقى 5 لاعبين مواطنين، ومنهم حارس مرمى، ما يعني 4 لاعبين فقط في تشكيلة الملعب، وعادة ما يكون الخط الأمامي الهجومي من المقيمين والأجانب».
وعن اقتراحات العلاج، قال: «كنا نعارض مهدي علي عندما كان مدرباً للمنتخبات الوطنية، لإصراره على إقامة معسكرات طويلة للاعبين الدوليين، ولكن الوضع الحالي، أثبت صحة موقفه، لأن نصف اللاعبين احتياطي في فرقهم، ولذا لا بدّ من العودة إلى فكرة منتخبات المناطق، وتنظيم تجمعات أسبوعية لمنتخبات المراحل السنية، وزيادة فترات الإعداد، وعدد المباريات والمشاركات في البطولات الودية، لتوفير الانسجام بين اللاعبين، وإكسابهم لياقة المباريات في ظل صعوبة إيجاد فرصة كافية للمشاركة في مباريات المحترفين بلوائحها الحالية، والتي تحتاج أيضاً، إلى تعديل دون النظر إلى الدول المجاورة، لأن ما يناسب الكرة السعودية لا يتناسب والكرة الإماراتية أو القطرية، ولكل دولة خصوصيتها الرياضية».
إعادة نظر
أكمل عنتر مرزوق، قائلاً: «هناك أمور أخرى تحتاج إلى إعادة نظر أيضاً، ومنها موضوع التجنيس، والذي أرى من وجهة نظري الشخصية أنه لن يضيف شيئاً للمنتخبات الوطنية، لأنه مشروط باللعب 5 سنوات داخل الدولة، وخلال تلك السنوات، لا ينافس اللاعب الأجنبي سوى في المسابقات المحلية، وهي لا تكفي لرفع المستوى، وعلينا البحث عن حلول أفضل، ومنها تقليص الأعداد الكبيرة من اللاعبين المقيمين المسجلين في أندية الدولة، وخاصة في فرق المراحل السنية، وليس مقبولاً أن يتم استقدام اللاعب المقيم من خارج الدولة، لأن ما يحدث الآن، يصبُّ في مصلحة الأندية، وليس المنتخبات الوطنية، ويتم من خلاله زيادة اللاعبين الأجانب بصيغة غير مباشرة، ثم تشكو الأندية من نقص الموارد المالية، كما لا بدّ من دعم المدرب المواطن، ليتولى القيادة الفنية لمنتخبات المراحل السنية، وفرض اتحاد الكرة على الأندية، اختيار المشرفين الفنيين والمدربين، من أصحاب الكفاءات العالية، والحاصلين على أعلى الشهادات المؤهلة لقيامهم بالعمل على أفضل صورة ممكنة».
إمكانات
من جانبه، طالب حسين غلوم لاعب الشارقة السابق والمنتخب الوطني في كأس العالم بإيطاليا 1990، بتطبيق مبدأ المحاسبة مع الأجهزة الفنية للمراحل السنية، وفي مقدمتها الجهاز الفني الحالي للمنتخب الوطني الأولمبي، بقيادة المدرب الإسباني دينيس سيلفا، مع تكرار خسارة الفريق نفسه أكثر من مرة، رغم توفير كافة الإمكانات للنجاح، وأشار إلى أن هناك خللاً في اختيارات وتشكيلة المنتخب الوطني في مباراتيه ببطولة غرب آسيا، مع عدم وجود أي حلول فنية لدى المدرب خلال سير اللقاء.
حلول
وواصل غلوم: «على اتحاد الكرة البحث عن حلول فنية ناجحة، والاعتماد على الكفاءات الوطنية التدريبية في القيادة مع احترامي للجميع، لأنه سيكون قادراً على التعامل مع اللاعبين ذهنياً، ليس مقبولاً أن يبقى المدرب في منصبه طوال تلك الفترة، رغم أنه لا يحقق أي نجاح، والموضوع هنا ليس تقييماً للنتيجة فقط، ولكن لمستوى أداء المنتخب، وللأسف هناك لاعبون يقدمون مع أنديتهم أفضل مما يقدمونه مع المنتخب».
وتابع: «لا أعرف إلى متى سيظل هذا الوضع قائماً، ومع كل تعثر لأي منتخب وطني، نتحدث عن مقترحات للإصلاح ولا يتم العمل بها، وإذا لم يتم تنفيذ حلول خارج الصندوق، ستظل المشكلة قائمة، وربما تتزايد، ونحن هدفنا مصلحة الوطن التي تفوق مصلحة الأشخاص والأندية، ولا بدّ من وقفة حاسمة مع الجميع سواء مسؤولين أو أجهزة إدارية أو فنية، بداية بمعرفة من المسؤول عن اختيارات المدربين، وصولاً إلى المسؤول عن اختيارات اللاعبين وتشكيلة المباريات، واللاعبين أنفسهم الذين لا يظهرون بشكل جيد مع المنتخبات الوطنية، رغم اختيار أغلبهم بفضل تألقه مع ناديه».
دعم
من جهته، شدد عبد الله موسى حارس مرمى منتخبنا الوطني في كأس العالم 1990، على ضرورة دعم المدرب المواطن، ومشاركة اللاعب المواطن في جميع فرق المراحل السنية في الأندية وصولاً إلى الفريق الأول، مع تغيير سياسة اتحاد الكرة، وتقليص أعداد اللاعبين الأجانب والمقيمين، بما يسمح بمشاركة أكبر للاعب المواطن في المباريات.
أوضاع
وقال موسى: «يجب أن تتم إعادة النظر في فئة اللاعب المقيم، وتعديل الوضع الحالي لأنه تحوّل إلى لاعب محترف يكلف الأندية ميزانيات ضخمة، ويؤثر بالسلب في مشاركة اللاعب المواطن، خاصة في فرق المراحل السنية، ولذا لا بدّ من تقليص أعداد اللاعبين المقيمين، ولا يسمح إلا بقيد المميز منهم في المراحل السنية الأعلى، والقادر بالفعل على تقديم الإضافة للكرة الإماراتية».
وأضاف: «الأندية الآن تتعاقد مع لاعبين أجانب وتسجيلهم في فئة اللاعب المقيم، وهو هنا يصبح مثله مثل المحترف الأجنبي ولكن بصيغة قانونية مختلفة، وهذا الأمر مكلف مالياً وفنياً، والأفضل منه الاستعانة باللاعبين من المقيمين بالفعل داخل الدولة مع عائلتهم، مع اختيار الأبرز منهم فعلياً، وتقليص عددهم تصاعدياً حتى الفريق الأول، لضمان اكتشاف أفضل المواهب».
كما طالب موسى، بالاستعانة بالمدربين المواطنين للعمل مع منتخبات المراحل السنية، وقال: «لدينا كفاءات تدريبية كبيرة، والموسم الماضي على سبيل المثال، حقق مدربون مواطنون النجاح، إذ تمكن حتا بقيادة المدرب الدكتور عبد الله مسفر، والإمارات بقيادة المدرب محمد جالبوت، من الصعود إلى دوري أدنوك للمحترفين، وحتى دبا الفجيرة ظهر بمستوى أفضل مع المدرب حسن العبدولي، رغم الهبوط، والمدرب المواطن يحتاج فقط إلى الثقة والدعم الإداري الكامل، وهو قادر بالفعل على النجاح».
أجيال
وأكد وليد سالم حارس مرمى منتخبنا الوطني والعين سابقاً، أن المدرب المواطن يحتاج إلى دعم أكبر من قبل اتحاد الكرة، وأنه من الضروري أن يتم الوثوق به لتولي قيادة منتخبات المراحل السنية، مع العمل تحت مظلة فنية شاملة ووفق مخطط موضوع ومدروس بعناية لخلق أجيال متتالية لتدعيم صفوف المنتخب الوطني الأول، وأشار إلى أن هناك وقتاً كافياً للاستعانة بمدرب مواطن لقيادة المنتخب الأولمبي في التصفيات القارية المقبلة.
وأكمل قائلاً: «بلا شك، هناك تطور كبير على الصعيد الفني وأشاد به الجميع في النسخة الأخيرة من دوري أدنوك للمحترفين، ولعب قرار زيادة عدد اللاعبين الأجانب والمقيمين إلى 6 لاعبين لكل فريق داخل أرض الملعب، دوراً رئيسياً مهماً، ولكن في المقابل، انعكس هذا بالسلب على المنتخبات الوطنية، خاصة المنتخبين الأول والأولمبي، مع تراجع مشاركة اللاعب المواطن، والذي أصبح يتنافس فقط على 4 بطاقات لدخول التشكيلة الرئيسية للمباريات».
وقفة
وأضاف: «الوضع الحالي يحتاج إلى وقفة تصحيحية وإعادة النظر من قبل المسؤولين لقرار زيادة الأجانب بشكل عام، واللاعب المقيم بشكل خاص، والذي أصبح انتشاره في الأندية كبيراً، ولم يعد قاصراً على الفريق الأول فقط، بل امتد إلى كافة فرق المراحل السنية، مع ملاحظة أن هناك فارقاً كبيراً بين اللاعب المقيم الذي يتم التعاقد معه من خارج الدولة، واللاعب المقيم مع عائلته داخل الدولة ومنذ سنوات، والأخير مطلوب إذا كان موهبة حقيقية وقادراً على صناعة الفارق، والأول مطلوب إعادة النظر في الاستعانة به، لأنه تحوّل إلى لاعب محترف إضافي».