نجحت دولة الإمارات في تحقيق إنجازات هائلة مكنتها من أن تكون ضمن الكبار عالمياً في سوق الهيدروجين الأخضر، واستحوذت صناعة الهيدروجين منخفض الكربون (الهيدروجين الأخضر) على نقاشات الجلسات المتخصصة في معرض ومؤتمر أبوظبي الدولي للبترول «أديبك» خلال الأسبوع الماضي، أتاح مشاركة خبراء ومسؤولين من 160 دولة رؤاهم حول أهم الاستثمارات والاستراتيجيات والابتكارات التي يشهدها قطاع الطاقة وسوق الهيدروجين العالمي، لاسيما بعدما أعلنت الدولة خريطة طريق تمهّد لها السبيل لريادة القطاع وتقديم الحلول الاستباقية لتحديات التغيّر المناخي.
وأكدت الدراسة أهمية إعداد استراتيجيات مستقبلية متكاملة في الإمارات لإنتاج الهيدروجين واستخدامه بما يعود بأثر إيجابي على زيادة إنتاج الطاقة النظيفة والمتجددة، وتقليل انبعاثات الكربون في الصناعات الثقيلة، ودعم قطاعات النقل والطيران والشحن البحري وغيرها من القطاعات كثيفة استهلاك الطاقة.
تفاؤل حقيقي
ويرى معالي المهندس عويضة مرشد المرر، رئيس دائرة الطاقة في أبوظبي، أن الهيدروجين الأخضر، وغيره من أنواع الهيدروجين منخفضة الكربون، تعد تطوراً مثيراً في قطاع الطاقة النظيفة، ويوفّر إمكاناً كبيراً في هذا الصدد.
وقال لـ«البيان»: «إن الإمارات تمتلك خططاً طموحة للحد من انبعاثات الكربون، وثمة تفاؤل حقيقي بقدرة الهيدروجين على المساعدة على تحقيق أهداف الحد من انبعاثات الكربون».
وأضاف: «يمكن للدولة الاستفادة من الاستثمار في الهيدروجين، ليس من الناحية البيئية فقط، بل من الناحية الاقتصادية والاجتماعية أيضاً، إذ يعمل الهيدروجين المنتج محلياً محركاً للابتكار والأداء الاقتصادي، ما يتيح إمكان التخلص من انبعاثات الكربون وتنويع الاقتصاد في السنوات المقبلة».
اغتنام الفرص
وتابع رئيس دائرة الطاقة في أبوظبي: «أجرينا تقييماً متعدد المعايير، وأخذنا في الحسبان العوامل الاقتصادية والبيئية والسياسية والتقنية، وخلصنا إلى أن دولة الإمارات تتمتع بوضع جيد لاغتنام فرصة الهيدروجين، والقيام بدور ريادي في سوق الهيدروجين منخفض الكربون المتنامي عالمياً».
وأكمل: «تعكف دائرة الطاقة على إجراء حوارات مع جميع الإدارات والمؤسسات والهيئات في أبوظبي للوصول إلى مشاركة إيجابية ونهج مشترك لدعم تطوير تقنيات الهيدروجين منخفض الكربون كما نعمل على صوغ «سياسة وإطار تنظيمي للهيدروجين» من شأنه أن يضع رؤية لنظامنا البيئي النموذجي المستهدف القائم على الهيدروجين.
مزايا تنافسية
وأكد محمد عبدالقادر الرمحي، مدير إدارة الأصول والخدمات التقنية في شركة «مصدر»، أن دولة الإمارات تتمتع بمزايا تنافسية تُمكّنها من أن تصبح واحدة من أكبر الدول المنتجة والمصدرة للهيدروجين منخفض الكربون والأقل تكلفة على مستوى العالم، حيث تتوافر الطاقة الشمسية بشكل هائل في مختلف إمارات الدولة بالإضافة إلى مساحات شاسعة تتناسب مع التقنيات الخاصة بتوليد الهيدروجين الأخضر فضلاً عن التكلفة المنخفضة للكهرباء التي يتم إنتاجها بالطاقة الشمسية.
وأوضح أن شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر» أسهمت بشكل فاعل في تعزيز الابتكار وتوظيفه لتنويع مزيج الطاقة على المستويين المحلي والعالمي في مسيرتها الممتدة على مدى أكثر من 15 عاماً، مضيفاً إن الهيدروجين يعد العنصر الأكثر وفرة في الكون، ويمكن استخدامه بديلاً عن مصادر الوقود التقليدية في العديد من المجالات.
وتابع قائلاً: «تعمل «مصدر» منذ أكثر من عقد على استكشاف فرص إنتاج وتوليد الهيدروجين، والفرص مواتية حالياً لتسريع جهود الاستثمار في هذه التقنية»، موضحاً أن من ضمن المبادرات النوعية المبتكرة التي تعمل «مصدر» على تطويرها لدعم الابتكار في مجال الهيدروجين الأخضر، تأسيس مشروع محطة تجريبية في مدينة مصدر، إحدى أكثر مدن العالم استدامة ومجمع البحث والتطوير الرائد في أبوظبي، لاستكشاف فرص تطوير الهيدروجين الأخضر والوقود المستدام.
7 مشاريع
وأكدت المهندسة نوال الهنائي، مدير إدارة طاقة المستقبل في وزارة الطاقة، أن الإمارات في طريقها لتحقيق طموحها إلى أن تكون رائدة عالمياً في مجال الهيدروجين منخفض الكربون مع أكثر من 7 مشاريع قيد التنفيذ بالفعل، تستهدف 25% من حصة السوق في أسواق التصدير الرئيسة، بما في ذلك اليابان وكوريا الجنوبية وألمانيا والهند، بالإضافة إلى زيادة نسبة الأسواق الإضافية ذات الإمكانات العالية في أوروبا وشرقي آسيا.
وبيّنت أن قيمة السوق العالمية للهيدروجين النظيف تقدر بما يتراوح بين 400 مليار وتريليون دولار، وسوف تكون وسيلة أساسية لجهود الإمارات المستمرة للانتقال إلى مصادر طاقة منخفضة الانبعاثات والاستفادة من فرص النمو الجديدة في الداخل.
وأوضحت أن الدولة تتمتع بالفعل بوضع جيّد يجعلها رائدة في مجال الهيدروجين النظيف مع مزايا تنافسية طبيعية لكل من الهيدروجين الأزرق والأخضر، لافتةً إلى أن الهيدروجين يعد وقود المستقبل وهو مجال تركيز الإمارات ونحن نقترب أكثر من مراجعة الاستراتيجية الوطنية للطاقة 2050 والعمل على الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين 2050 إذ من المتوقع الانتهاء منها نهاية العام الجاري.
«صفر كربون»
وترى المهندسة نسيبة المرزوقي، مدير إدارة الدراسات والبحوث والتطوير، الرئيس التنفيذي للابتكار في وزارة الطاقة والبنية التحتية، أن إعلان الإمارات عزمها على الوصول إلى «الصفرية الكربونية» بحلول عام 2050 دليل على اهتمام القيادة الرشيدة ورؤيتها المستقبلية للانطلاق عالمياً في الهيدروجين منخفض الكربون.
ونوّهت نسيبة بأن اهتمام دولة الإمارات بتطوير الاقتصاد الهيدروجيني مبني على التوجه الدائم للقيادة الرشيدة والاستعداد للمستقبل والقيام بدور ريادي عالمي، لافتةً إلى قيام وزارة الطاقة والبنية التحتية، ممثلة بإدارة الدراسات والبحوث والتطوير، بخطوات استباقية بهدف تحقيق أهداف الدولة والحفاظ على ريادتها، وأن الوزارة بصدد إطلاق مركز افتراضي للبحوث، يسعى إلى تطوير الدراسات والبحوث الداعمة لتحقيق آلية «الصفرية الكربونية».
المصدر