حينما نسمع عن قصص شركات «يونيكورن»، مثل كريم وكيتوبي وسوق دوت كوم ودوبيزل و«جي أند تي إكسبرس» نجدها دائماً ملهمة ومدهشة، إذ إن تحويل شركة ناشئة صغيرة إلى شركة تُقدر بمليارات الدولارات يعد حلماً يتمناه الكثيرون، ولكن كيف يرى رواد الأعمال الجدد في دبي السبيل لتحقيق هذا الحلم الكبير؟
عادة يستخدم مصطلح «شركات يونيكورن» للإشارة إلى الشركات الناشئة أو الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تحقق قيمة سوقية تقدر بمليار دولار أو أكثر، وتعد شركات يونيكورن نادرة ليس على مستوى الإمارات فحسب وإنما على مستوى العالم أيضاً، وغالباً ما تكون محط اهتمام كبار المستثمرين ورأس المال المغامر/الجريء.
كانت شركة «كريم» للنقل التشاركي، أولى الشركات العربية التي وصلت إلى نادي يونيكورن، حينما وصلت قيمتها إلى مليار دولار في سنة 2016، لتنضم إليها لاحقاً «سوق. دوت كوم» للتجارة الإلكترونية، وشركة «كيتوبي» المتخصصة في المطابخ السحابية، إلى جانب قصة نجاح شركة «جي أند تي إكسبريس» الصينية للتوصيل والخدمات اللوجستية، وكذلك منصة دوبيزل وبوروبرتي فايندر.
ما يجمع هذه الشركات هو دبي والبيئة الاستثنائية التي تقدمها الإمارة للشركات الناشئة من مرحلة التأسيس إلى النمو والنجاح، ولا سيما أن أحد مستهدفات أجندة دبي الاقتصادية D33 إطلاق برنامج دعم نمو 30 شركة في القطاعات الجديدة لتكون شركات يونيكورن عالمية في السنوات المقبلة.
«البيان» استطلعت آراء عدد من الشركات الناشئة في دبي والتي تنشط في مجالات مختلفة من قطاع تكنولوجيا الفنادق والميتافيرس إلى الفينتك، للتعرف إلى أبرز الاستراتيجيات والمفاتيح التي يمكن أن تساعد على تحقيق النمو وبناء شركة ناجحة قادرة على تحقيق تقييم سوقي هائل، فضلاً عن التحديات التي تواجه حلم يونيكورن.
بيئة داعمة
قال فيليب بحوشي، المؤسس والمدير التنفيذي لشركة «ماغنيت MAGNITT»: لقد رأينا شركة يونيكورن كريم تحتفل بالذكرى السنوية العاشرة لتأسيسها في وقت سابق من هذا العام، والشركات مثل كريم هي النماذج الصحيحة للشركات الناشئة المصممة والرشيقة والمرنة.
وأضاف بحوشي إنه لأمر رائع أن نرى دولة الإمارات، وهي بوتقة تنصهر فيها الثقافات، تعطي الشركات الناشئة المحلية التي يمكنها النمو والتوسع في جميع أنحاء المنطقة هذا الدفع والزخم.
ولفت بحوشي إلى أن التحديات التي تواجه الشركات الناشئة لا تزال كما هي بغض النظر عن البيئة الاقتصادية، إلا أنها تصبح أكثر صعوبة في الأوقات الصعبة مالياً، ولا سيما مع استمرار الفيدرالي الأمريكي بسياسته المتشددة لمكافحة التضخم ما أثر سلباً على حجم تمويلات رأس المال الجريء في الفترة الماضية.
وأضاف إن التوسع والوصول إلى الأسواق الجديدة يعدان اليوم من أكبر التحديات للشركات الناشئة، وخاصة مع اختلافات في القوة الاقتصادية عبر المنطقة، وإن القدرة على زيادة حجم السوق الخاص بك عبر الوصول إلى مناطق جغرافية جديدة أمر صعب للغاية فيكون تمويل المشروع أصعب، ولا تزال المنافسة على المواهب تمثل تحدياً، وعلى الرغم من المؤشرات الاقتصادية التي تسلط الضوء على تباطؤ الاقتصادات، فإن تكلفة المعيشة وجاذبية الإمارات أدتا إلى المنافسة في المواهب وزيادة الأجور، ولقد أصبح هذا تحدياً رئيساً للاحتفاظ بالمواهب إلى جانب اكتساب مواهب جديدة.
قيمة مضافة حقيقية
وقالت مارك شهوان الشريك المؤسس والمدير التنفيذي لمنصة ثروة، التي تتخذ من مركز دبي المالي العالمي مقراً لها، إن ثروة تطبيق ومنصة مالية انطلقت في فبراير من سنة 2018 عبر دبي، وتسهل المنصة الاستثمار في الأسواق العالمية، وتسمح للعميل بالاستثمار في الأسهم وصناديق المؤشرات المتداولة، وشراء العملات الرقمية وبيعها، والادخار والاستثمار على المدى البعيد، إلى جانب العديد من المنتجات المالية الأخرى.
وقال شهوان إن مجمل التمويل الذي حصلت عليه المنصة حتى اليوم يبلغ 25 مليون دولار، وذلك عبر جولات تمويلية متعددة، فبدأنا مع جولة (seed round) في سنة 2017، ثم انتقلنا إلى (Series A)، وآخر جولة كانت (Series B) بدعم من شركة مبادلة فكان المستثمرون الرئيسون (lead investor )، إلى جانب شركاء آخرين كالصندوق المالي التابع لمركز دبي المالي العالمي، وصندوق كيبكو من الكويت، وصندوق 500 غلوبال، وصندوق شروق.
وعن رؤيته لتحول الشركة الناشئة إلى يونيكورن، قال شهوان إن هناك عدة عوامل تسهم في نمو تقييم الشركة، وأهمها مرحلة البداية والانطلاق التي تتمثل في ثلاث نقاط رئيسة وهي الوقت والجاذبية وفريق العمل، وطبعاً يجب أن يكون هناك التمويل المناسب لتتمكن الشركة من النمو والتوسع وإيصال المنتج إلى السوق.
وأضاف شهوان يجب أن يكون لديك فريق عمل لديه مهارات تكمل بعضها بعضاً وخاصة في مرحلة البداية، إذ يجب أن يكون لدى المؤسسين قاعدة متينة لأخذ الشركة في الاتجاه الصحيح واتخاذ القرارات السليمة، كما أن المنتج أو الخدمة يجب أن يكون عليه طلب في السوق ونكون قادرين على حل مشكلة حقيقية قائمة، ومن ثم يأتي النمو بشكل تدريجي، فيجب التركيز على خلق علامة تجارية قوية بهدف الاحتفاظ بالعملاء وعدم تسربهم إلى أول منافس في السوق.
وتابع شهوان هنا في دبي يجب على الشركة الناشئة أن تعطي قيمة مضافة حقيقية وتفهم السوق وتفهم العميل وطريقة تفكيره، ونحنا في ثروة موجودون على الأرض، ولدينا فريق لخدمة العملاء يعرف السوق والتحديات التي يواجهها العميل، كما أننا مرخصون من قبل السلطات التنظمية في الإمارة ما يعطي العملاء رسائل مطمئنة.
وذكر شهوان أن الإمارات وخاصة دبي تقدم كل الدعم للشركات الناشئة، وتمثل الإمارة فرصة قوية للشركات كون الحكومة ملتزمة وتركز على خلق نظام بيئي يدعم الابتكار المالي والابتكار عموماً، لافتاً إلى أن دبي تبرز اليوم عبر عقليتها المتجهة دوماً نحو النمو، وعند الحديث عن الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية يجب أن نشير إلى العديد من الحوافز في الإمارة مثل المناطق الحرة المصممة لجذب هذا النوع من الاستثمارات والشركات، والحوافز الضريبة، والمسرعات والحاضنات وصناديق الاستثمار الحكومية والخاصة، كل هذه الأفكار داعمة للشركات الناشئة لتسهل الانطلاق والقيام بالأعمال التجارية بطريقة سلسة.
وأشار شهوان إلى أن أبرز التحديات التي تواجه الشركات الناشئة دخول الشركات العالمية الكبيرة وقدومها إلى السوق، على الرغم من أن طبيعة السوق حرة ومفتوحة ولكن يبقى ذلك تحدياً للشركات المحلية.
ولفت شهوان أيضاً إلى قضية التمويل ولا سيما حينما نتحدث عن أحجام التمويل الكبيرة عند مستويات التقييم العالية، فتحصل العديد من الشركات على التمويل في مرحلة الانطلاق من صناديق رأس المالي المخاطر، ولكن حينما تنمو الشركة وترتفع قيمتها تنخفض نسبة الشركات التي تدفع الشيكات الكبيرة، ولم يكن عدد الصفقات أو حجم التمويلات في الفترة الماضية ممثلاً لإمكانات السوق.