كشف التقرير السنوي للثروة العالمية الصادر عن شركة بوسطن كونسلتينغ جروب لعام 2024 تحت عنوان “حقبة الذكاء الاصطناعي التوليدي” أن صافي الثروة لدولة الإمارات العربية المتحدة بلغ 2.9 تريليون دولار أمريكي في عام 2023. حيث نمت الثروة المالية في الإمارات بنسبة 10% بين عامي 2022 و2023، مقارنة بنسبة نمو بلغت 8% في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا. وأشار التقرير إلى أنه، على المستوى العالمي، سجلت الثروة المالية نموًا بنسبة 7%، وذلك بعد تراجعها بنسبة 4% خلال عام 2022. ومن المتوقع أن تُولد ثروة مالية عالمية ضخمة تُقدر بنحو 92 تريليون دولار أمريكي على مدار السنوات الخمس المقبلة.
بروز دولة الإمارات العربية المتحدة كمركز عالمي رائد لإدارة الثروات
نمت الثروات العابرة للحدود عالميًا بنسبة 5.1% في عام 2023، لتصل إلى 13 تريليون دولار أمريكي، مسجلة زيادة بمقدار نقطة مئوية واحدة مقارنة بالعام السابق. وفي هذا المشهد المتغير، برزت الإمارات العربية المتحدة كأحد أبرز الدول الرائدة على الساحة العالمية. حيث تحتل الإمارات حاليًا المرتبة السابعة كأكبر مركز عالمي لإدارة الثروات، ومن المتوقع أن تتفوق على جزر القنال وجزيرة مان لتصل إلى المرتبة السادسة بحلول عام 2028. كما يتفوق معدل نمو الإمارات بشكل ملحوظ على المراكز الأوروبية التقليدية لإدارة الثروات العابرة للحدود، مثل سويسرا والمملكة المتحدة ولوكسمبورغ، مما يضعها في منافسة مباشرة مع مراكز عالمية رائدة مثل سنغافورة والولايات المتحدة.
يعكس هذا التحول تزايد الطلب على التنويع الجغرافي والنمو الكبير في الثروات ضمن أسواق الشرق الأوسط وآسيا. وفي الوقت الذي يُتوقع أن تحافظ فيه سويسرا على مكانتها كمركز رائد لإدارة الثروات، حيث تستحوذ على ما بين 15% و20% من الثروات الجديدة العابرة للحدود عالميًا حتى عام 2028، فإنها ستواجه منافسة قوية للحفاظ على الصدارة، مع بروز الإمارات كمنافس قوي وواعد في هذا المجال.
وذكر لوكاس ري، مدير مفوض وشريك، ورئيس قطاع المؤسسات المالية لمنطقة الشرق الأوسط بشركة بوسطن كونسلتينغ جروب: “قد تصبح دولة الإمارات سادس أكبر مركز عالمي لإدارة الثروات بحلول عام 2028. ويبرز هذا الصعود المحتمل الأهمية المتزايدة لدولة الإمارات في مشهد إدارة الثروات العالمي، بالإضافة إلى جاذبيتها لأصحاب الثروات الكبرى الباحثين عن فرص مالية متنوعة”. وأضاف: “تعكس هذه التوقعات الاتجاهات الأوسع نحو التنويع الجغرافي والنمو الملحوظ في الثروات على مستوى مختلف الأسواق. ومع استمرار تطور مشهد الثروات العابرة للحدود على الصعيد العالمي، نتوقع تغييرات جوهرية في ترتيب المراكز المختلفة لإدارة الثروات العالمية”.
ارتفاع الثروة المالية في دولة الإمارات العربية المتحدة
أوضح التقرير أن الثروة المالية في الإمارات تتمتع بآفاق مشرقة، حيث سجلت نموًا سنويًا بلغ 7.6% خلال الفترة من 2018 إلى 2023، لتصل إلى تريليون دولار أمريكي في عام 2023. وتشير التوقعات إلى استمرار هذا النمو القوي بمعدل سنوي يقدر بـ 7.3%، ليصل إجمالي الثروة المالية إلى 1.5 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2028. كما شهدت الأصول الحقيقية نموًا ديناميكيًا بمعدل سنوي قدره 9.1% خلال الفترة من 2018 إلى 2023، ومن المتوقع أن تواصل هذا الزخم بمعدل نمو سنوي يبلغ 8.5% لتصل قيمتها إلى 3.1 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2028. أما فيما يتعلق بالالتزامات المالية، فقد ظلت مستقرة تقريبًا عند مستوى 180 مليار دولار أمريكي، ومن المتوقع أن تحافظ على هذا النطاق لتصل إلى 240 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2028. وفي المقابل، يُتوقع أن تشهد صافي ثروة الإمارات، التي تضم الثروة المالية والأصول الحقيقية والالتزامات المالية، ارتفاعًا ملحوظًا من 2.9 تريليون دولار أمريكي في عام 2023 إلى 4.4 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2028.
يتسم مشهد الثروة المالية في الإمارات بتركيز كبير على الأفراد من أصحاب الثروات الفائقة، حيث يشكل الأفراد الذين تتجاوز أصولهم 100 مليون دولار أمريكي حوالي 29% من إجمالي الثروة المالية في الدولة، وتعادل هذه النسبة أكثر من ضعف المتوسط العالمي البالغ 14% للشريحة ذاتها. كما تتخطى هذه الحصة الكبيرة التي يمتلكها أصحاب الثروات الفائقة في الإمارات كلًا من المعدلات العالمية ونسبة منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا البالغة 23%. ويعكس ذلك المكانة المتصاعدة لدولة الإمارات كمركز عالمي رائد لجذب الأفراد ذوي الثروات العالية.
مستقبل إدارة الثروات
من جانبه، أوضح محمد خان، مدير مفوض وشريك في شركة بوسطن كونسلتينغ جروب: “تشكل الثروة المالية القابلة للاستثمار في أسواق دولة الإمارات العربية المتحدة نسبة 81%، ومن المتوقع أن ترتفع إلى 83% بحلول عام 2028، مما يفتح آفاقًا واسعة وفرصًا هائلة أمام جهات إدارة الثروات”. وأضاف: “مع وجود 41% من الأصول المحلية في صورة نقدية، تبرز حاجة ملحة لدى الجهات الرائدة في إدارة الثروات لتقديم حلول مخصصة تستهدف الشرائح غير المخدومة بشكل كافٍ. ويشمل ذلك تمكين العملاء من الوصول إلى خدمات متكاملة مثل الاستشارات، ومنتجات الإقراض، والاستثمارات البديلة التي تلبي احتياجاتهم المتكاملة. كما سنشهد توجهًا متزايدًا من الجهات الفاعلة في قطاع إدارة الثروات بدول مجلس التعاون الخليجي نحو استهداف العملاء الشباب، من خلال توسيع استخدام المنصات الرقمية واعتماد نماذج تفاعلية مبتكرة، خاصة مع انتقال الثروة إلى الأجيال القادمة”.
يُتوقع أن يُحدث الذكاء الاصطناعي التوليدي تحولًا جذريًا في قطاع إدارة الثروات، حيث يوفر طرقًا لتحسين تجربة العملاء وزيادة الكفاءة على امتداد سلسلة القيمة. وتبرز هذه التقنية بإمكانات استثنائية في استقطاب العملاء، وعمليات تسجيلهم، وتقديم خدمات الدعم، وتعزيز الكفاءة التشغيلية الداخلية. يمكن لتطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي أن تلعب دورًا محوريًا في تصميم عروض مخصصة تلبي احتياجات العملاء، وتسريع عمليات “معرفة العميل”، وتوفير دعم فوري للعملاء عبر تقنيات المحادثة الآلية، فضلًا عن تحسين مراقبة المعاملات من خلال الحد من الإشارات الخاطئة. وعلى الرغم من الفوائد المحتملة لهذه التقنية، لا تزال العديد من جهات إدارة الثروات في مراحلها الأولى من تبني الذكاء الاصطناعي التوليدي. وبينما أشار 85% من المؤسسات المالية المشمولة في الاستطلاع إلى أن هذه التقنية ستكون ذات تأثير جوهري، فإن 82% منها تفتقر إلى استراتيجية شاملة طويلة المدى وخطط تنفيذية قصيرة المدى لتطبيقها بفعالية.