توقع بنك ستاندرد تشارترد أن يتجاوز حجم التمويل المستدام في دولة الإمارات 500 مليار دولار بحلول عام 2032، وذلك بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ نحو 17 % خلال العقد المقبل، مع إمكانية خلق أكثر من مليون فرصة عمل في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي بحلول عام 2030.
وقال علي العلاوالة، المدير العام رئيس الخدمات المالية الإسلامية «صادق» في ستاندرد تشارترد لدولة الإمارات رئيس الخدمات المصرفية الإسلامية للأفراد والخدمات المصرفية الخاصة والأعمال لمجموعة الخدمات المصرفية الإسلامية، في تصريحات خاصة لـ«البيان»: «في المشهد الديناميكي الذي يتقاطع فيه التمويل الإسلامي والمستدام، تبرز الإمارات بقوة بوصفها مركزاً رائداً في هذا المجال، حيث تقود اليوم حصة جديرة بالملاحظة في المجال المزدهر للتمويل المستدام، وذلك بفضل حصتها التقريبية بنسبة 6 % من إجمالي سوق التمويل المستدام عالمياً».
نمو ملحوظ
وأضاف العلاوالة: «نتوقع أن تحقق الإمارات نمواً ملحوظاً في هذا القطاع ليتجاوز قيمة 500 مليار بحلول عام 2032، ما يعكس معدل نمو سنوي مركب (CAGR) يبلغ نحو 17 %، والذي من المتوقع أن يعزز الموقف الرائد في القطاع المصرفي في المنطقة».
وتابع: «لا تؤكد هذه الأرقام والسيطرة الإحصائية الهائلة التزام الإمارات بالمواصفات المالية المستدامة فحسب، بل تضعها أيضاً كلاعب مهم في التحول الاقتصادي العالمي الأوسع».
وأفاد العلاوالة أن هذه الحصة المهمة في القطاع المالي في الدولة تعكس المشهد العالمي الأوسع نطاقاً، حيث يقدر حجم سوق التمويل المستدام بـ5 تريليونات دولار، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 30 تريليون دولار بحلول عام 2032، كما يؤكد مؤتمر COP28 الذي تم اختتامه مؤخراً في الإمارات الحاجة الملحة للحماية البيئية على المستوى العالمي، مشيراً إلى أن حصة الإمارات المتزايدة في التمويل المستدام تزيد الحاجة الملحة لاتخاذ المزيد من الإجراءات على مستوى الاستراتيجية والتعاون الوثيق.
الإمكانات الاقتصادية وفرص العمل
وأوضح العلاوالة أنه وراء الاعتبارات البيئية هناك فرصة اقتصادية كبيرة، حيث إن الاستثمارات في القطاعات الرئيسية مثل الزراعة والبناء والطاقة والنقل والمياه وإدارة النفايات لديها القدرة على إضافة 1.8 تريليون دولار في إجمالي الناتج المحلي الإجمالي العالمي، كما يتطلب التوسع في مبادرات التمويل المستدام مهنيين ماهرين في مختلف المجالات، بما في ذلك التمويل والعلوم البيئية وإدارة المشاريع والمزيد.
وتابع: «ومع ريادة الإمارات في هذا القطاع، هناك طلب متزايد على الأفراد ذوي الخبرة في الممارسات المستدامة، والتمويل المتوافق مع الشريعة، ودمج هذين المجالين».
وقال العلاوالة: «نظراً لأن الإمارات تقف على رأس المساعي العالمية للتمويل المستدام، فإن الآثار الاقتصادية واسعة، وتتجاوز الحدود، كما أن تقارب كل من التمويل الإسلامي والتمويل المستدام لا يضع الإمارات كقائد فحسب، بل يؤكد أيضاً الحاجة الملحة للجهود التعاونية في مواجهة التحديات العالمية، فمع وجود حصة قوية في سوق التمويل المستدام، فإن الإمارات على وشك التأثير على التغيير الإيجابي من الناحيتين الاقتصادية والبيئية، وتوجيه صناعة التمويل الإسلامي نحو مسار نمو مميز».
الدور الحيوي للتمويل الإسلامي
وذكر العلاوالة أن تقاطع التمويل الإسلامي والتمويل المستدام يقدم فرصة اقتصادية غير مسبوقة للإمارات، إذ إن التمويل الإسلامي، مع الأصول المقدرة على مستوى العالم بقيمة 4.5 تريليونات دولار، يحمل إمكانات هائلة للمساهمة بشكل كبير في الاستدامة وفي تحقيق أهداف الحياد المناخي.
وأضاف: «إن المشاركة الحالية في الممارسات المستدامة في قطاع التمويل الإسلامي، التي تبلغ قيمتها 100 مليار دولار فقط بين عامي 2010 و2020، تؤكد الإمكانات غير المستغلة في انتظار إطلاق العنان».
وتابع: «يجب أن تكون هناك آلية لإنشاء Bankable Nature Solution (BNS) حلول التحديات البيئية التي تولد في الوقت نفسه عائداً مقبولاً على الأموال المستثمرة؛ إذ إن لذلك تأثيراً بيئياً واجتماعياً إيجابياً، وفي الوقت نفسه يقدم قيمة تجارية، مثل هذه المشاريع لديها تدفق إيرادات يمكن التنبؤ به من خلال رأس المال الخاص، وبالتالي فإن بناء (BNS) في المشاريع يمثل فرصة هائلة للتمويل الإسلامي».
وذكر العلاوالة أنه من المشجع أن بعض العمل الجيد قد بدأ بالفعل في هذا المجال. في الآونة الأخيرة، أعلنت WWF International، جامعة عجمان، وEmirates Nature-WWF عن برنامج التمويل الإسلامي العالمي (GIFP) «لتعبئة رأس المال الإسلامي للمناخ والطبيعة والتنمية».
وأضاف: «تقوم GIFP أيضاً بتشكيل اتحاد من أصحاب المصلحة والشركاء في الصناعة لتوسيع نطاق التمويل المختلط ودمج دعم التمويل الإسلامي للمناخ والطبيعة والتنمية».
وأوضح: «لقيادة هذه المبادرة، تم إنشاء لجنة استشارية تشمل أيضاً ستاندرد تشارترد، إلى جانب خبراء الصناعة الآخرين، وتم الإعلان عن هذه المبادرة الأولى من نوعها خلال COP28 في دبي، حيث سيعمل الأعضاء معاً للتركيز على تأمين التمويل للحلول المالية البيئية (BNS)، وسيساعد ذلك أيضاً في معالجة المخاطر المتزايدة على سبل عيش المجتمعات في البلدان الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي، وسيساعد على تقديم التنمية الاقتصادية الإيجابية للطبيعة والمناخ».
مبادرة جيدة
وقال العلاوالة: «كانت هناك مبادرة جيدة أخرى تم تنفيذها مؤخراً في نوفمبر من العام الماضي، عندما أصدرت سلطة الشريعة العليا (the Higher Shariah Authority ) (HSA) في البنك المركزي الإماراتي قراراً بشأن اعتماد «توجيه المبادئ المتعلقة بالتمويل الإسلامي المستدام»، والهدف من ذلك هو أن المؤسسات المالية الإسلامية في البلاد، من خلال جهودها الفردية والجماعية، ينبغي أن تسعى جاهدة لجعل التمويل الإسلامي العلامة التجارية ووجه التمويل المستدام في الإمارات، أي مزيد من التآزر والتكامل بين معايير الشريعة والاستدامة.
ويوضح هذا القرار 10 مبادئ توجيهية حول مواضيع مثل وضع خطة نمو مدتها 5 سنوات للتمويل الإسلامي المستدام، وإنشاء حساب الاستثمار في الاستدامة، وتحسين اتخاذ القرارات من خلال تبني الحد الأقصى القانوني للمشروعات حول الاستدامة، وما إلى ذلك.
وأشار إلى أن مؤتمر «كوب28» وفر فرصة للتفكير في الدور الذي يمكننا وينبغي أن نؤديه لحماية البيئة، في حين أن هناك تداخلاً كبيراً بين التمويل المستدام والإسلامي، فإن هذا يضع أيضاً المزيد من الضغط والمسؤولية في صناعة التمويل الإسلامي لترقى إلى مستوى التحدي.