مع النمو الكبير الذي شهدته رياضات التزلج بفضل أولمبياد بكين الشتوية، قد نكون أمام تحول كامل في رياضة التزلج على الجليد والتزحلق على الثلج (سكي)، بدعم من صانعات «الثلج الاصطناعي أو الزائف» التي كانت تتطور أخيراً، موفرة لمنتجعات التزلج، من فنادق ومطاعم وغيرها، القدرة على مزاولة الأعمال التجارية طوال فصل الشتاء بغض النظر عن المناخ المتغير وأنماط الطقس الغامضة، فما هي آفاق هذا التحول؟
يفيد موقع وكالة «بلومبيرغ» أن الصين شهدت نمواً هائلاً في رياضات التزلج، ويعود ذلك في جانب كبير منه إلى الألعاب الأولمبية، فمنذ عام 2015، وهو العام الذي منحت فيه بكين استضافة ألعاب 2022، نما عدد منتجعات التزلج الصينية بنسبة 40% إلى ما يقرب من 800، وتم تركيب ما يقرب من 400 من صانعات ثلج مستقلة في بكين لتهيئة الظروف المثالية لكل مكان من أماكن السباق، في ظل تغير المناخ وأنماط الطقس التي تزداد غموضاً.
يقول مايكل ماير، مدير شركة تكنوالبين في آسيا، والتي تعد أكبر شركة في العالم لصانعات الثلج، أن 95% من فعاليات الاتحاد الدولي للتزلج على الثلوج، تجري على ثلوج اصطناعية. وفي بعض الأحيان، يمكن أن تكون هناك ظروف تجعل هذا الثلج من صنع الإنسان مختلفاً من مكان إلى آخر. ففي جبال يانكينغ خلال سباق التعرج، طار العديد من الناس عن مسارهم، ذلك لأن جبال يانكينغ جافة وباردة جداً، بحيث قد يصبح الثلج مضغوطاً جداً. وعادة ما يجري توفير عامين من المناسبات التجريبية حتى يتمكن الرياضيون من التزلج والتزحلق من أجل التعرف على المسار.
وبالنسبة لآلات صناعة الثلج، قال ماير إن هذا العمل مقتصر على فئة متخصصة جداً، ولا توجد مساحة كبيرة لبروز منافسين. ففي أنحاء العالم هناك ما يقرب من ثلاث إلى أربع شركات دولية فقط تعمل في المجال مع بروز بعض التصنيع في آسيا، على الرغم من أن هذا يعد نشاطاً تجارياً عالمياً إلى حد كبير، مشيراً إلى أن عملية صنع الثلج متشابهة جداً في جميع منتجعات التزلج وما يجري استخدامه في جبال الألب هي الآلات المستخدمة نفسها في جانغجياكو بالصين، وقد يكون الفرق في شدة المنحدرات، ففي منتجعات التزلج بجبال الألب يمكن أن يصل الفارق في الارتفاع حوالي ألفي متر، في حين قد يصل إلى حوالي 300 أو 400 متر في الصين، لكن في منطقة يانكينغ حيث تزدهر الرياضات الشتوية توجد جبال أعلى من ذلك بكثير.
وأخيراً، طورت شركة «تكنوالبين» نظاماً آلياً بالكامل يحتاج إلى عامل واحد في المكتب لتشغيله، وقد تم استخدام أنظمة آلية لصانعات الثلج في أولمبياد الصين، بطلب من اللجنة الأولمبية الدولية والمنظمات الدولية الأخرى للرياضيين التي تريد الحصول على نفس جودة الثلج في جميع أماكن التدريب.
نظرة بيئية
وعن تأثيرها البيئي، قال ماير إن البحث جار عن حلول أكثر استدامة للموارد لصانعات الثلج؟ مشيراً في سياق ذلك، إلى أن شركته ليست مسؤولة عن توفير المياه، وكل الموارد التي تتضمنها، لكنها تقدم الأنظمة التي تتيح استخدام الموارد بطريقة أفضل وأكثر كفاءة.
ومما قاله: «لنفترض أنه لدينا بعض التغير في درجة الحرارة أثناء الليل، ومن ثم علينا تغيير كمية الماء التي نضعها في الماكينة. يمكن للنظام التلقائي القيام بذلك في أي وقت بطريقة مثالية: فنظامنا لا يستهلك الماء، نحن فقط ننقل المياه إلى أعلى الحبل، ثم نغيره من ماء إلى ثلج».
ثم قد يأتي الثلج مبكراً وأحيانا متأخراً، وفي بعض الأحيان ترتفع درجة الحرارة قليلاً. وما تقوم به شركته هو تأمين بيئة آمنة للاستثمار الاقتصادي، إذ يوجد في منتجات التزلج الكثير من الشركات المحلية، كالفنادق ومحلات الإيجار والمطاعم ومدارس التزلج، وجميع أنواع الأعمال الموسمية التي هي بحاجة للتأكد من أن منتجعات الثلج يمكن أن تفتح في وقت معين. فإذا جاء الثلج الطبيعي بعد الأعياد قد تفقد جزءاً كبيراً من أعمالها، وما تقوم به الشركة هو منح هذه الشركات بعضاً من شبكة أمان حتى تتمكن من إدارة أعمالها طوال فصل الشتاء بغض النظر عن المناخ المتغير.
وعما يحمله المستقبل بعد 50 عاماً في ظل تغير المناخ وموسم الثلج الأقصر، أكد ماير أن صانعات الثلج ستبدو مختلفة تماماً، لكنها ستظل مطلوبة، فيما الناس بالتأكيد سيرغبون في مواصلة التزلج، مرجحاً أن تتحول التقنية بحيث لن تكون هناك حاجة إلى كهرباء، أو ربما تصبح الطاقة الكهربائية مباشرة على آلة صانعات الثلج، وإذا كان الجو رطباً، قال: «يمكننا إخراج الرطوبة من السحاب حتى لا نضطر إلى ضخ المياه إلى أعلى الجبل».