أوضح الكاتب والروائي المصري أحمد مراد أن وجوده في قائمة الكتب الأكثر مبيعاً سببها بحث الناس عن الرواية التشويقية التي يفتقدها الوسط الثقافي العربي، مشيراً إلى أن هذا النوع من الروايات غيّر تاريخ الأدب حول العالم وساهم في إيجاد حالة جديدة ومتطورة على صعيد بنية العمل الروائي الذي يعتمد على الخيال كمحرّك له.
جاء ذلك خلال جلسة حوارية أقيمت (عن بعد) عبر منصة (الشارقة تقرأ) ضمن فعاليات الدورة الـ 39من معرض الشارقة الدولي للكتاب، أدارها الإعلامي مصطفى الأغا، وتحدث خلالها الروائي المصري عن الرواية وعلاقتها بالسينما، ودور الخيال في صناعة القيمة الفكرية والجمالية للعمل الإبداعي.
وفي مستهلّ الجلسة أشار الإعلامي مصطفى الآغا إلى أن معرض الشارقة الدولي للكتاب حقق مكانة مرموقة على صعيد المشهد الثقافي العربي والعالمي، وبات اليوم منصة استثنائية تستقطب حولها نخبة الأدباء والمثقفين والمبدعين، موضحاً أن الجهود التي تبذلها هيئة الشارقة للكتاب ضاعفت من حضوره وأثره على الحِراك الثقافي العربي والعالمي على حدّ سواء.
وفي بداية اللقاء تحدّث الروائي المصري عن مبادرة “أنا أقرأ” التي أطلقها مؤخراً بهدف الكشف عن مواهب 20 كاتباً واعداً في مجال القصة القصيرة خلال فترة الحجر الصحي، موضحاً أن هذه المبادرة أصدرت مختارات من نصوص الكتّاب جُمعت تحت عنوان “ليالي الكون”، مشيراً إلى أنه سبق وكتب عن الوباء في رواية 1919 عندما تناول الإنفلونزا الاسبانية لافتاً إلى أنه سيكتب عن كورونا يوماً ما عند اكتمال التجربة.
وتطرق مراد في حديثه عن فنّ الرواية الذي وصفه بأنه مسؤولية كبيرة وارتباط وثيق مع الشخصيات، حيث قال: “أن تقوم بالعمل على موضوع رواية أنت معني به منذ بدايته وحتى نهايته يضعك في علاقة قوية مع مضمون الحكاية والحبكة، وبالنسبة لي الرواية فنّ وتجربة نقلت خلالها كل ما يجول في خاطري على الورق، ولم أكن أعلم في البداية أنني سأنشر رواية، وكتبت دون أن أدري ذلك، لكن صدور روايتي الأولى وحضوري في قائمة الكتب الأكثر مبيعاً كان له بالغ الأثر على نفسي”.
وتابع: “أمر مهم أن يصل كتابك للقراء، لكن الأهم هو استمرارية هذا الحضور. القيمة ليست بالمنتج وحسب بل في النوعية التي يمتلكها والأفكار والموضوع، كما أن رغبة الناس في البحث عنك غاية مهمة، لذا يجب أن يبقى الكاتب حاضراً في أعماله وما يقدمه من إبداعات”.
وأضاف: “الكاتب يمرّ بمرحلتين على صعيد الشهرة الأدبية، الأولى هو بيعه للرواية بناءً على عنوانها فقط دون أهمية لكاتبها، والثانية هي أن يبيع العمل معتمداً على إسمه وحسب، وهذه تشكّل خطورة كبيرة كونها تسبب حالة من الارتخاء وتجعل الكاتب في أحيان كثيرة يقدّم أعمالاً بسيطة”.
وعن علاقة السينما بالنص الروائي، قال مراد: “أنا في أعمالي لا أكتب من أجل السينما، وإذا فعلت ذلك سأخسر كثيراً، وفي ذات الوقت لا أضع حداً لكتابتي وفق رؤية ومنظور المنتجين، لهذا بالنسبة لي هناك جمهور للكتاب وجمهور للسينما، ولا أنكر أن السينما تسهم في انتشار الرواية بشكل كبير، لكنني أكتب الخيال وإن كان بمقدور السينما أن تترجمه فهذا أمر جيد”.
وتابع: “عالم السينما يتغير كلّ يوم، ويمكن أن أصنع فيلماً دون رواية، الفكرة هي جوهر العمل السينمائي، وأنا لديّ مشكلة مع الأفلام التي لا تحقق دهشة، فروّاد السينما يبحثون بالدرجة الأولى عن المتعة سواء في الأفلام التي تطرح أفكاراً معقدة أو مبسّطة، وإن لم يجدوها لن يكملوا متابعة الفيلم، وهذا أيضاً ينطبق بصورة أو بأخرى على العمل الروائي”.
وعن الدور الذي يلعبه الخيال في رواياته وعلاقته مع الطب النفسي، قال مراد: “الخيال له أرض، والموهبة تكمن في تغيير التفاصيل، وكلّ شيء في حياتنا يمكن أن يتّخذ دوراً في الرواية، ولا أنظر للتاريخ باعتباره تاريخاً بل قصّة حصلت في زمن آخر”.
وتابع: “أذهب لثلاثة أطباء نفسيين، واحد منهم أتعامل معه بشكل شخصي، والآخرين استشيرهم في كتابة شخصياتي وصفاتهم وخصوصيتهم، نحن نقوم بعمل تحليل للدم والكبد والكلى وغيرها من الأعضاء لكننا ننسى أهم جزء من الإنسان وهو النفس، التي يجب الاهتمام بها ورعايتها”.