أكد عدد من الخبراء والأدباء، ضرورة أن تكون الشخصيات الكرتونية نابعة من واقع الأطفال، وأن تحاكي زمانهم وتعيش تفاصيل حياتهم، مشددين على أهمية أن تراعي مؤلف كتب الأطفال الفروقات بين الأعمار، ومستوياتهم والشريحة التي ينتمون إليها.
جاء ذلك خلال ندوة أدبية حملت عنوان “شخصيات محببة”، أقيمت ضمن فعاليات النسخة العاشرة لمهرجان الشارقة القرائي للطفل، المقامة حالياً في مركز اكسبو الشارقة، وتستمر حتى 28 ابريل الجاري، حيث شارك في الندوة التي أدارتها هالة الكيلاني، كلٌ من الباحث السعودي فرج الظفيري، والكاتبة الهندية ميرا ناير، والكاتبة الأميركية تامي تشارلز.
وبعد استعراضه لتطور صناعة الشخصيات الكرتونية المحببة للأطفال تاريخياً، قدم الباحث السعودي فرج الظفيري، بعضاً من ملامح تجربته بالقول: “خلال مسيرتي في أدب الأطفال ابتكرت العديد من الشخصيات الكرتونية للأطفال، وأبرزها شخصية “جبلي” التي دأبت على القيام بالكثير من المغامرات الطريفة، وكذلك قدمت شخصية “شعلان” النابعة من البيئة الصحراوية القروية، واشتهرت هذه الشخصية بكرمها وحسن الضيافة”.
وأوضح أن الشخصيات الكرتونية، حتى تكون محببه لدى الأطفال، يجب أن تراعي ثلاث عناصر خلال ابتكارها أو الكتابة عنها، الأول هو المبالغة من حيث الحركة والانفعالات، والعنصر الثاني هو السخرية الفنية، أما العنصر الثالث فهو المفاجأة، الذي يعد من أهم عنصر في القصص الفكاهية، إذ يجب أن تنتهي القصة نهاية غير متوقعة.
وأشار الظفيري إلى أنه يجب على مؤلف قصص الأطفال أن يراعي طبيعة الفئة التي يستهدفها، لأن الكتابة للأطفال تختلف عن طريقة الكتابة لليافعين والمراهقين، حيث أن لكل واحد منها عالمه الخاص، ولذلك يجب على الكاتب أن يراعي في أسلوبه الخصائص النفسية للفئة المستهدفة.
وفي رده على سؤال كيف يمكن للشخصية الكرتونية أن تكون محبوبة، قال: “يجب أن تكون الشخصية حاملة لإحدى سمات المجتمع، وأن تكون نابعة منه، ولا بأس أن يكون فيها بعض الخيال، لأن ذلك يعزز من حب الأطفال لها، كما يجب أن تعانق أساليب الكتابة المختلفة”.
أما الكاتبة الهندية ميرا ناير، فأكدت أن دخولها إلى عالم الكتابة، جاء لشعورها بأهمية هذا المجال وحاجة الأطفال إلى من يدخل عالمهم وأن يعكس الواقع الذي يعيشونه. وقالت: “خلال بداياتي ابتكرت شخصية “مايا” وهي فتاة هندية تقليدية، تعيش حياة عصرية، وتفكر بطريقة حضارية، وحاولت أن أقدم من خلالها جملة من الرسائل الاجتماعية، وأن أبين واقع الأطفال، وحاولت أن أمنح هذه الشخصية بعض المشاعر الإنسانية مثل الخوف والفرح والحزن والغضب وغيرها، حتى أستطيع أن أبين كيف يكون عالم الأطفال، كما أردت من خلال ذلك أن تكون شخصياتي ممتعة للأطفال”.
وأضافت: “بالنسبة لي استفدت كثيراً من تجربة والدي وأجدادي في القراءة، حيث كانوا يروون لي الكثير من القصص التي يقرأونها في الصحف، وهو ما ساعد في تنمية خيالي وبالتالي قدرتي على الكتابة، والتي أحاول من خلالها أن أمنح الأطفال الفرصة لمعاينة الواقع والمساهمة في حل مشكلاته”.
وأشارت ميرا إلى أن ابتكارها لهذه الشخصية كان نابعاً من الواقع، وقالت: “يمكنني القول إن شخصية “مايا” هي مزيج من ملامح ابنتي وبنات أخواتي وإخوتي، وقد وضعت فيها كل ذكرياتي في الطفولة، وحاولت أن أمنحها فرصة العيش في داخل المجتمع الذي تربيت فيه”.
من جانبها، أشارت الكاتبة الأميركية تامي تشارلز، إلى أن الشخصية التي ابتكرتها، تشبه إلى حد كبير شخصية “مايا” التي ابتكرتها زميلتها ميرا ناير، وقالت: “نشأت في بيت مثقف، لدرجة أنني كنت أعتبر الكتب جزء من ألعابي، ومع مرور الوقت أردت أن أصبح مؤلفة كتب أطفال، بحيث أقدم من خلال الكتابة شخصيات جديدة تختلف تماماً عن تلك التي أقرأ عنها أو أعايشها”.
وتابعت: “معظم الشخصيات التي ابتكرتها تشبه إلى حد ما تلاميذي، وأحاول دائماً أن أجعل منها مرآة يمكن للطفل أو القارئ أن يرى نفسه فيها، ولذلك أحاول دائماً أن أضبط مستويات القصة التي أقدمها لهم، بحيث تتناسب مع طبيعة الواقع الذي يعيشونه”.
وأشارت إلى أن طبيعة الحياة التي يعيش فيها الأطفال اليوم، تفرض علينا ضرورة تقديم شخصيات جديدة تستطيع أن تخرجهم من العوالم الافتراضية التي يعيشون فيها.