أضفى توظيف المعلوماتية لمعطيات رقمية أدخلت العالم في ساحات وآليات ومفاهيم جديدة ومتجددة من الصراعات والتهديدات والحروب المعلوماتية والسيبرانية، فرضت على الدول بشكل عام والولايات المتحدة الأمريكية والصين بشكل خاص، تغيير الاستراتيجيات الأمنية والاقتصادية والعسكرية والسياسية وبالتالي إعادة النظر والسعي قدماً لإدراك القوة الإلكترونية في أبعادها الأمنية والعسكرية والمعايير المتعلقة بها.
يرى الكتاب أن الحداثة المعرفية تعد أحد نتاجات ثورة تكنولوجيا المعلومات التي تركت نقلة نوعية في حياة المجتمعات لتنطلق معظم شعوب العالم نحو عصر الإحلال الرقمي والإلكتروني، وفي هذا المجال اندمجت اللغات بأجمعها في لغة واحدة هي اللغة الإلكترونية الرقمية التي تمكنت من أن تكون جزءاً كبيراً من هوية الإنسان الحالي وأينما وجد.
قد يبدو من الصعوبة بمكان ما وضع إحاطة تامة لما آلت إليه ماهية المعلوماتية ونتاجاتها القوة السيبرانية في عصرنا الحالي باعتبارها إحدى تحولات القوة نظرا لتعاظم وتيرة الابتكارات التقنية والإلكترونية التي أضحت تضيف للبشرية وبشكل يومي كل ما هو جديد ومتطور في عالم تكنولوجيا المعلومات، حتى وصلت في عقدنا الحالي لأن تكون ثورة وجودية بالنسبة للأفراد، المؤسسات، الحكومات، المجتمعات، والدول، كل وفق تعاطيه مع القوة ذات النمط الجديد وهي القوة المعلوماتية والسيبرانية.
ساحة للتنافس
يؤكد الكتاب أن المعلوماتية أصبحت ساحة التنافس، وفي خضم هذا التقدم التقني والإلكتروني الذي أوجدته التكنولوجيا والمعلوماتية، تحولت أغلب الدول والمنظمات والمؤسسات والشركات إلى منتجة ومستخدمة للقوة الإلكترونية المعلوماتية وحداثة السيبرانية بشكل كبير، والتي عملت بدورها على إحلال الأنظمة الرقمية الإلكترونية من هواتف محمولة وحواسب متطورة وشبكات إنترنت وأنظمة تشغيل، مكنت الدول من أن تحدث نقلة في معيار ما تمتلكه من قوة تمكنها من مواصلة الاستجابة والتحدي مع فلك تأثير القوة المعلوماتية أو السيبرانية وميدانها بيئة الفضاء السيبراني.
يوضح الكتاب أن التنافس وصل إلى حــــــدته بين الــــولايات المتـــحدة الأمريكية، ولاشك أن هذه القوة المعلوماتية والسيبرانية قد أدخلت الدول في فوضى مفاهيم ومخرجات المعلوماتية والسيبرانيــــــة ومكـــــامن قوتها وعناصرها، فضلاً عن طرق توظيفها بين ما هو مفيد أو مسبباً للضرر، بالرغم من أن أغلب الدول تجمع على أنه لم يعد بالإمكان التخلي عن التقنيات الحديثة التي دخلت في شتى المجالات، وشكلت البنية التحتية لأغلب الدول المتقدمة، والتي انتشرت بشكل غير مسبوق نظراً لسهولة الاستخدام وقلة التكاليف، ومن هنا بات جلياً لدى الدول أن من يمتلك آليات توظيف البيئة المعلوماتية والسيبرانية يصبح في عالم اليوم الأكثر قدرة على تحقيق التأثير في سلوك الفاعلين المستخدمين لهذه البيئة.
يرى الكتاب أن التنافس سمة لازمت العلاقات الدولية بين القوى الكبرى، وفي ظل الاعتماد على التكنولوجيا والمعلوماتية ودخولها في كافة المستويات، التزمت كل من أمريكا والصين بأن تحقق سبق التنافس المعلوماتي، وقد بدا واضحاً من خلال سعي الطرفين لأن يكون مهيمناً على سلم امتلاك وتأثير المعلوماتية والقدرات الإلكترونية في ظل التوجه الدولي نحو أتمتة كل أدوات وأساليب التفوق فضلاً عن تحقيق التوجه نحو الفضاء السيبراني.