
في وسط الزحام ظلت الأم موزة بنت سالم جالسة على كرسيها المتحرك الذي تستعين به معظم الوقت، تترقب من بعيد بنظرات شاردة مختلطة ومشاعر دافئة بين السعادة الغامرة ودموع الفرح، ركن التوقيعات الذي يتوسط الردهة الرئيسية في معرض الشارقة للكتاب، وتنتظر دورها في طابور التوقيعات وهي تحتضن بين يديها كتاب “التنوع الثقافي في مشهد الفن الإماراتي المعاصر “ابنتها الدكتورة وضحى حمدان الغريبي، وبشجن ودموع لم تفلح في أن تخفيها، قالت: “جاية اليوم من العين لأحضر توقيع كتاب بنتي اللي أفتخر فيها، فرحتي بيها ما يوصفها أي كلام”.
جاءت الأم عبر رحلة استغرقت ساعات واحتملت مشاق الطريق، ولم تلتفت كثيراً لحالتها الصحية التي قد تكون عائقاً بينها وبين زيارتها لمعرض الشارقة الدولي للكتاب، ولم تكترث للمسافة التي تبدو طويلة بالنسبة لها بين مدينة العين حيث تقيم وبين الشارقة التي تحتضن ذلك العُرس الذي يضوع أريجه بعطور المعرفة والثقافة والنور، بل واستجمعت قواها وقامت للحظات لتحتضن ابنتها وتشاركها احتفالها بإنجازها وإصدارها المعرفي، عبر توقيع كتابها الأول الذي يحمل في طياته مضامين فكرية متعددة، ومفاهيم عن التعددية، الثقافية، والتواصل الثقافي والفني مع الدول الغربية وأثره في التنوع في الفن التشكيلي الإماراتي.
وصمتت الوالدة موزة لتعاود الحديث بصوت هادئ، وهي تستعيد مشاهد من زمن مضى، وقالت: ” لاحظت تكون بوادر مواهبها منذ طفولتها، فهي تسعى بإرادة بالغة إلى إثبات الذات، وبالرغم من أنها واجهت بعض الصعوبات في البدايات، إلا أنها تجاوزتها بإصرارها وعزيمتها، وها نحن اليوم نحتفل بخروج مؤلفها إلى النور”.
اختتمت الوالدة موزة سالم حديثها بكلمات تحمل كل الشكر والثناء والفخر بوجود معرض الشارقة للكتاب الذي يحتضن المواهب الشابة الإماراتية، ويقدم كل ما هو متميز ومتفرد من الإصدارات والعناوين المفيدة للقراء، ويلقي بأضوائه على العقول لينيرها من خلال العروض والفعاليات والأعمال أدبية والمسرحية.