تجسد الأعمال الفائزة بجائزة الشيخ زايد للكتاب كل عام إبداعات فكرية لمجموعة متميزة من الكتاب والأدباء والمفكرين من مختلف أنحاء العالم.
وتشهد الجائزة إقبالاً كثيفاً من المشاركين من مختلف العالم، ما يدل على القيمة الدولية التي تحملها هذه الجائزة والدور الذي تؤديه في تحفيز الإنجازات والابتكار.
وبلغ عدد المترشحين للجائزة خلال ال17 عاماً الماضية أكثر من 25 ألفاً ينتمون إلى 71 دولة حول العالم تم تكريم 120 فائزة وفائزاً في تاريخ الجائزة في فروعها التسعة.
وثمن الفائزون بالجائزة في تصريحات لوكالة أنباء الإمارات «وام» أهمية الجائزة ودورها في تشجيع المفكرين والموهوبين لطرح رؤيتهم وأعمالهم وإبداعاتهم لتكون نبراساً ثقافياً، وأعربوا عن فخرهم واعتزازهم بالفوز بها باعتبارها أهم الجوائز العربية على الإطلاق وحلماً يراود كل أديب ومثقف.
من جانبها قالت الدكتورة جليلة الطريطر من تونس: «فوزي بجائزة الشيخ زايد المرموقة في فرع الفنون والدراسات النقدية عن كتابي «مرائي النساء دراسات في كتابات الذات النسائية العربية» شرف كبير لي افتخر واعتز به».. مشيرة إلى أن هذا الفوز تتويج لمسيرتها الإبداعية وتكريم لشخصها علمياً وهو أمر بالغ الأهمية لكل باحث يتم الاعتراف بجهوده من خلال مؤسسة ذات مصداقية عالية.
وأضافت أن جائزة الشيخ زايد ترسم منذ استحداثها بجدارة كبيرة خارطة الإبداع العربية في كل فروعها.. لافتة إلى أن كتابها الفائز يعد من الدراسات الجادة في حقل السيرة الذاتية النسوية لما يتميز به من منهجية علمية وقدرة على قراءة السير الذاتية لمبدعات عربيات وطبيعة الهوية الخاصة بهن في سياق المجتمع العربي ويفتح مجالات أوسع للباحثين في المرايا الخاصة بإبداعات المرأة.
وأكدت جهود دولة الإمارات ودعمها للثقافة والإبداع.. مشيرة إلى أن تنظيم معرض أبوظبي للكتاب يعتبر مظهراً من أهم مظاهر التطور الذي يراهن على الفكر والمفكرين في تحقيق التقدم عربياً وعالمياً وأصبح له اليوم صيت عربي وعالمي من حيث الجودة الإعلامية والتنظيم المحكم وارتبط عضوياً بالمتوجين بجائزة الشيخ زايد فاستفاد إشعاعاً من حضورهم الفكري والإبداعي.
رصانة علمية
من جهته قال الشاعر العراقي علي جعفر العلاق بمناسبة فوز كتابه بجائزة الشيخ زايد للآداب: «إنها مناسبة استثنائية في حياة أي كاتب حين يرى كتابه يتوج بجائزة مرموقة كجائزة الشيخ زايد للآداب لما عرفت به لجانها التحكيمية وهيئتها العلمية ومجلس أمنائها من موضوعية ورصانة كبيرتين»
وأضاف أن كتابه «إلى أين أيتها القصيدة؟ سيرة ذاتية» يعيد حياة ماضية عاشها بكل مراحلها العمرية وما حفلت به من تنوع في مجال الكتابة الشعرية والأدبية والنقدية والأكاديمية منذ طفولته مروراً بهجرته مع العائلة إلى بغداد في أوائل خمسينيات القرن العشرين وحتى هذه اللحظة.
وأوضح أن الكتاب جسد غربته – التي بدأت منذ 1991 حيث التدريس في جامعة صنعاء ثم جامعة الإمارات العربية المتحدة، 1997- 2015 – وهي فترة عاش فيها غزارة شعرية ونقدية لافتة خلال عمله في التدريس الجامعي وشهدت حضوراً فاعلاً له كناشط ثقافي في الحياة الثقافية في صنعاء أولا ثم في المشهد الثقافي والشعري في الإمارات.
د. جليلة الطريطر
وذكر أن الجائزة أصبحت علامة ثقافية وأدبية بارزة ومؤثرة في المشهد الثقافيّ العربي وهي توقظ روح التنافس الخلاق والحيوية الإبداعية في الحياة الثقافية.
وأكد أن لدولة الإمارات بشكل عام بكل مؤسساتها الثقافية والبحثية واتحادات الكتاب وبيوت الشعر ومؤسسات النشر فيها كما كان لجائزة الشيخ زايد بشكل خاص الأثر الكبير في دعم الأدباء والفنانين والمفكرين العرب وتعزيز مكانتهم الرمزية والثقافية والاقتصادية في بلدانهم المختلفة.. مشيراً الى أن دور معرض أبوظبي الدولي للكتاب في تعزيز الحياة الثقافية والأدبية وإشاعة المعرفة بين أفراد الشعب وتغذية الذخيرة المكتبية بمصادر المعرفة المتنوعة من كتب وموسوعات ومعاجم من جهة ومن جهة أخرى أثره الكبير في تعميق حركة نشر الكتاب وتوزيعه وإيصاله إلى الناس.
قيمة إبداعية
من جهته قال الكاتب الجزائري سعيد خطيبي: «عندما سمعت خبر فوزي غمرني شعور بالفرح لاسيما أن هذه المرّة الأولى التي أترشّح فيها لهذه الجائزة المرموقة».. مشيراً إلى أن جائزة تحمل اسم شخصية شكّلت حالة استثنائية في عصره إنه الشّيخ زايد – طيّب الله ثراه – الذي كرّس قيّم التّسامح والتّصالح مع الذّات ومع الآخر وظلّ وفياً لقناعاته مدافعاً عن مبادئ الحرية والإنسانية حيث استطاعت هذه الجائزة الحفاظ على أفكاره الحضارية فقد أثبتت نزاهتها وفرضت مكانتها على الصّعيدين العربي والعالمي فباتت حدثاً سنوياً ينتظر مخرجاته القرّاء إلى جانب المثقّفين والكتّاب إدراكاً منهم لأن ما يحكم هذه الجائزة هو القيمة الإبداعية والمعرفية للكتب الفائزة تلك الكتب التي ينتعش إقبال النّاس عليها عقب الإعلان عن الفائزين.
وأوضح أن روايته «نهاية الصحراء» رواية بوليسية تاريخية تدور وقائعها في ثمانينيات القرن الماضي وتنطلق من واقعة حقيقية، وأكد جهود مركز أبوظبي للغة العربية في الإبداع والثقافة وهو واحد من مراكز الإشعاع الذي تجتمع فيه العقول المستنيرة في عالمنا العربي واستطاع أن يخلق ديناميكية متميزة تصب كلها في صالح الإبداع.
أدب عالمي
أما التونسي شكري السعدي الذي فاز عن فرع الترجمة عن العمل المترجم «العبارة والمعنى: دراسات في نظرية الأعمال اللغويّة» لجون سيرل، فقد عبر عن فوزه وسروره مقدماً جزيل الشكر للقائمين على الجائزة ولدولة الإمارات العربية المتحدة التي ما فتئت تحتضن المفكرين والمبدعين العرب وتشجعهم وتحفزهم وتستنهض هممهم في سبيل الرقي بالعلوم والآداب والثقافة العربية إلى مستوى التفكير والإبداع العالميين.
ولفت إلى أن كتاب «العبارة والمعنى» الذي فاز بجائزة الشيخ زايد للكتاب كتاب مترجم من اللغة الإنجليزية يتناول قضايا تهم الباحثين في اللسانيات وفلسفة اللغة والبلاغة وتحليل الخطاب ويعتبر من المصنفات الكبرى في موضوع «الأعمال اللغوية» التي تسمى أيضا «أفعال الكلام» وهو كتاب اختتم به مؤلفه فيلسوف اللغة الأمريكي جون سيرل الحلقة اللغوية من تفكيره الفلسفي قبل أن ينتقل إلى مرحلة أخرى تتعلق بفلسفة الذهن ويقوم هذا الكتاب على فكرة رئيسية يلخصها السؤال التالي: كيف يمكن أن يقول المتكلم شيئاً ويعني شيئاً آخر؟ ومعنى ذلك أن موضوعه يتعلق بالاختلاف بين المعنى الذي تفيده الجملة والمعنى الذي يقصده المتكلم ويتجلى هذا الاختلاف الذي سعى سيرل إلى تحليله وتفسيره في مظاهر لغوية وبلاغية عديدة منها التخييل والاستعارة والتهكم والأعمال اللغوية غير المباشرة.
وقال إن ما يميز جائزة الشيخ زايد أنها لا تقيد المترجمين بلغة من اللغات فهي منفتحة على اللغات العالمية الكبرى التي تكتب بها الأعمال العلمية المؤثرة والآثار الأدبية الراقية.
وفي العاصمة أبوظبي تكرم الجائزة الفائزين في دورتها السابعة عشرة خلال حفل يعقد في مركز أبوظبي الوطني للمعارض (أدنيك) بالتزامن مع انطلاق فعاليات الدورة ال 32 من معرض أبوظبي الدولي للكتاب في 23 مايو الحالي.