دبي محطة إثراء وإلهام مهمة في مسيرة حياة الأدباء والشعراء والكتاب والمثقفين، إذ أتاحت بيئتها الحافلة بالفعاليات والأنشطة والمهرجانات وجوائز الشعر والأدب، للمبدعين فرصة إغناء مواهبهم وتقديم أفضل النتاجات ورفد الوسط الثقافي بنتاجات أدبية بشكل دائم ومستمر، مرسخة مكانتها بذلك حاضرة دافعة للإنجاز والإبداع في مختلف الميادين، حيث باتت مع هذا التوجه أرضاً خصبة لاحتضان المبدعين مهما تنوعت إبداعاتهم، فهي تدعم المواهب وتوليها اهتماماً، من خلال إقامة المهرجانات والفعاليات والأنشطة التي تتيح الفرصة للالتقاء بمزيد من هؤلاء المبدعين حول العالم لتبادل الخبرات. وقد تحدث الشاعرة العراقية ساجدة الموسوي، والكاتبة اللبنانية هدى حرقوص، عن تجربتهما في مجالي الشعر والقصة في دبي، وتأثير الزخم الثقافي الذي تعيشه الإمارة على نتاجاتهما الأدبية.. مؤكدتين أن المدينة قصيدة عابقة بألوان الجمال والثراء الإبداعي، قوافيها ذهبية ومعانيها تنبض بحكايات الإنسانية جمعاء.
المدينة الساحرة
قالت ساجدة الموسوي: كثيراً ما كنت أقول إن المدن كالنساء، لكل منهن جمالها والمغرمون بها، ولبعض المدن خاصية السحر والإلهام، ولقد زرت العديد من عواصم ومدن العالم، باريس، لندن، نيويورك، مكة، المدينة، تونس، الرباط، دمشق، القاهرة، نيروبي، بكين، وغيرها، ولكل مدينة ما تركته في نفسي من ذكريات لا تنسى، أما حين تسألينني عن دبي وما هو أثرها على شعري، فأقول إن كل إمارة من إمارات الدولة فيها من الجمال والسحر ونعمة الأمان ما يلهم الشعراء، ولأنني أقيم في دبي فأقول إن دبي هي الساحرة الملهمة التي كتبت لأجلها القصيدة البانورامية التي أطمح تجسيدها مسرحياً، والتي أقول في مقدمتها:
أناخت على رملها أنجمٌ واستراحت
وتلك النخيل بأعذاقها قد أضاءت
سليلةُ جودٍ وما مثلها في الوجود
تنام العيون على زندها آمنات
وأعينها سهرت ما استراحت
وتصف الشاعرة العراقية ساجدة الموسوي دبي بأنها أميرة من أميرات هذا الزمن، ما جعلها تتنافس مع أهم مدن العالم في التقدم الحضاري والعلمي والسياحي، فقد ضمّت بين جوانحها الماضي والحاضر وتبني المستقبل، جميلة ليست في عمرانها الشامخ فحسب، بل وفي شوارعها المحفوفة بالورد والنرجس، وفي أكبر حديقة للورد في البلاد العربية، فهي ساحرة ببحرها الهادئ وحدائقها وطيورها وصمتها الذي يتكلم بكل لغات العالم، وفي دبي أقرأ وأكتب وأكون سعيدة بكل الحراك الثقافي الذي تشهده منتدياتها وبيوتها التراثية وأريج صباحاتها الندية، وفيها أنام قريرة العين وواثقة أن غداً أجمل، دبي ضمدت بعض جراحي عن العراق عندما تركتني أكتب له عن بعد وفي عينها دمعة لما جرى ويجري اليوم، وأحاطتني بعدد من الصديقات الأصيلات، ووجدت فيهن طيب المقام، فشكراً دبي، سأظل أحبك أيتها الأميرة الشامخة.
طموح وتقدم
من جانبها، قالت الكاتبة هدى حرقوص: بالنسبة لي دبي مدينة تسابق الزمن، تصنع المستقبل وتشجع على العمل والإبداع، إنها مدينة لا تعذر المتخاذلين، تعلمنا بازدهارها ونموها الإيجابي أن نستمر بالطموح والتقدم والعمل، وألا نراوح مكاننا. هذا التدفق الاجتماعي إلى جانب تركيبة دبي السكانية الحاضنة للعديد من الثقافات ينعكسان بشكل كبير على أداء الكاتب، ويشكلان بيئة ملهمة جداً بتنوعها واختلافها وتعدد قصص النجاح فيها. وقياساً على المثل الشعبي «الحي يحييك» فإنه من غير الممكن أن يكون المبدع في بيئة تحيطه بكل فرص العطاء والإنجاز ولا ينجز! على المستوى الشخصي فتحت دبي أمامي آفاقاً كثيرة إلى جانب عملي في مجال الإعلام والكتابة، فأنا أعمل منذ فترة على إنجاز كتاب حول التربية الثقافية، كما أنني أقدم العديد من القراءات القصصية، وورش العمل في ثقافة الطفل، وتعزيز اللغة العربية بين أوساط الأطفال والشباب، وهذا كله ما كان ليتوفر لولا أنني أعيش في مجتمع حيّ يعطيني من الخبرات والتجارب ما يصقل تجربتي، وبالتالي يفتح لي الآفاق لتقديم ما لديّ. وأضافت: نجد الثقافة بكل ما يحيط بنا في دبي، فالأنشطة الأدبية والفنية من أمسيات شعرية أو معارض، ومسارح للعروض المحلية والعالمية أو صالونات أدبية تنعقد لمناقشة الأفلام والكتب، كلها أمور بديهية ومتداولة في دبي بشكل كبير ومتاحة لكل من يرغب في الحضور، وهذا من شأنه أن يشحن الكاتب نفسياً وفكرياً، ويسهم في دفعه للإنجاز والتقدم.