طرحت الباحثة الاجتماعية والخبيرة في التراث الشعبي فاطمة المغني حزمة أفكار لإعادة بناء التصور حول دور المرأة داخل الأسرة في ضوء قراءتها للعادات والتقاليد في المجتمع الإماراتي، وأكدت أن إدراج تقاليد “السنع” (العادات) كمادة للتعليم ضمن المنهج الدراسي لا يغني عن ممارسة تلك التقاليد في الحياة اليومية، لاستيعاب أثرها في تعزيز لحمة المجتمع وزراعة الألفة بين العائلات، ودورها الأساسي في حماية الهوية والخصوصيات المحلية ذات العمق الإنساني الإيجابي.
جاء ذلك خلال جلسة حوارية، أقيمت في ركن البرنامج الأكاديمي في ساحة التراث بقلب الشارقة، ضمن فعاليات “أيام الشارقة التراثية 18″، وأدارتها نائب المدير الأكاديمي بمعهد الشارقة للتراث، الدكتورة بسمة وليد كشمولة، حيث تناولت المغني بعض أشكال العادات والتقاليد في دولة الإمارات العربية المتحدة، ورأت من خلال تجربتها الشخصية في التحصيل العلمي والتحاقها بالأعمال الوظيفية والبحثية المختلفة، أن مسيرتها حظيت بالدعم الكامل من قبل الجد والأب ثم الزوج، الأمر الذي جعلها تنظر برؤية متوازنة إلى ما يعتبرها البعض ثنائية ضدية بين الجنسين، حيث ترى أن هذه النظرة مفتعلة.
وعارضت الباحثة افتراض وجود علاقة تناقض حادة بين الرجل والمرأة، وقالت: “ينبغي أن يظل تطلع المرأة لتحقيق ذاتها بعيداً عن التأثير السلبي على وحدة كيان الأسرة ودورها المحوري في التنشئة السوية للأبناء، وكل ما يحمي السعادة العائلية، بما يمكن أفراد المجتمع من تحديد غايات نبيلة لمفهوم تحقيق الذات، دون أن يتوهم الفرد سواء كان رجلاً أو امرأة أن تحقيقه لذاته يقوم على الصدام مع الأسرة أو التخلي عنها”.
وأشارت المغني في ردها على سؤال حول مشاريعها البحثية، إلى تفاصيل رحلتها في التراث الشعبي الإماراتي، وإلى تجربتها كمدربة في مجال تعلم العادات والتقاليد في “برنامج السنع الإماراتي”، وأوضحت الكثير من طقوس الترحيب بالضيف واحترام الأكبر سناً، وأولوية جهة اليمين في كل طقوس الترحيب، مروراً بعادات سائدة في طقوس الخطوبة والزواج في البيئات الإماراتية المختلفة، وعادات استقبال المولود، وشيوع الخوف قديماً على المواليد الذكور من الحسد، الأمر الذي كان يدفع العائلات في السابق إلى إخفاء جنس المولود في شهوره الأولى.
وحول تجربتها في توثيق التراث الشعبي، نصحت فاطمة المغني الباحثات الشابات بالتحرر من النمطية، والانفتاح على كل المعلومات المتاحة ثم غربلتها وتصنيفها، وعدم التقيد بما يمكن أن يخلق جداراً يحول دون فهم لوحة الموروث الشعبي وطبيعة التداخل بين التقاليد في البيئات الإماراتية الأربع (البحرية والزراعية والجبيلة والبدوية).
وعبرت الباحثة عن شعورها بالأسف لخسارة مجتمع الشارقة تحديداً بعض الحرف التقليدية القديمة، نتيجة للتحولات الاجتماعية التي دفعت عائلات الحرفيين إلى التخلي عن كثير من المهن التقليدية، وذكرت منها صياغة الذهب وصناعة البشوت وصناعة القوارب، وأوصت بإطلاق ورش تدريبية لإعادة إحياء الحرف التي اندثرت.
يذكر أن الباحثة فاطمة المغني أسست متحفاً في منزلها يضم مقتنياتها من التراث، وكانت عضواً في المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة بين 2004 و2007، ولها العديد من الأبحاث في التراث الشعبي، كما تولت رئاسة مجلس سيدات أعمال الشارقة بين 2007 و2009، وعملت أميناً عاماً مساعداً لـ”الجمعية العربية للتنمية الإدارية والاجتماعية والنفسية” في مصر، وحصلت على العديد من الجوائز.