نظمت هيئة الشارقة للكتاب ضمن فعاليات معرض “كلمات من الشرق” جلسة حوارية بعنوان “حياة المخطوطات”، استضافت خلالها كل من الدكتور بسام داغستاني، رئيس قسم الحفظ والمعالجة والترميم في مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث، والسيد هوغو ويتشريك، مؤسس “أنتيكواريات إنلبريس” للكتب النادرة.
وتناولت الجلسة التي جاءت بحضور سعادة أحمد بن ركاض العامري رئيس هيئة الشارقة للكتاب، وأدارتها الإعلامية الإماراتية شيخة المطيري، دور الترميم في منح المخطوطات عمراً زمنياً أطول، وأهمية الجهود التي تقودها المراكز المتخصصة وجامعو المقتنيات الأثرية.
بعث الحياة في المخطوطات
وحول خطوات إنقاذ ومعالجة المخطوطات، أشار الدكتور داغستاني إلى أن التعامل مع هذه الكنوز يراعي تكوينها العضوي الذي يجعلها تتأثر بالرطوبة والبكتيريا، مما يتطلب عناية فائقة بها تبدأ بمرحلة التعقيم والتنظيف وصولاً إلى التجليد والتصوير والحفظ.
وعن مراحل الترميم وفقاً للتقنيات الحديثة، سرد داغستاني الخطوات مستهلاً بعملية التعقيم التي كانت تستخدم في السابق المواد الكيميائية للقضاء على الآفات البيولوجية العالقة بأوراق المخطوطات، وبعد أن اتضح التأثير السلبي للمواد الكيمائية، بدأ استخدام تقنية التعقيم بغاز النتروجين لضمان حماية أفضل للمخطوط، رغم أن التعقيم الكيميائي كان يستهلك وقتاً أقصر من التعقيم بالنتروجين.
وخلال شرحه لمراحل الترميم بالتفصيل، استعرض نماذج من صور المخطوطات قبل وبعد عملية التعقيم التي تتم في جهاز خاص، وتستمر من 3 إلى 4 أسابيع، تليها مرحلة التنظيف الجاف والعلاج الكيميائي بهدف تعديل نسبة الحموضة في جسم المخطوط، نظراً لأن الحموضة الزائدة تؤدي إلى جفاف الكتب، وخاصة المخطوطة أو المطبوعة على ورق منخفض الجودة وخالٍ من الألياف.
وبحسب الدكتور داغستاني تمر معالجة المخطوطات كذلك بإعادة نسبة من الرطوبة لضمان ليونة الأوراق التي تعتبر مادة عضوية، فإذا ما فقدت الرطوبة فإنها تتكسر، بعد ذلك تأتي مرحلة الترميم اليدوي المناسب للمخطوطات، والترميم الآلي الملائم للكتب المطبوعة، وصولاً إلى مرحلة التجليد والتصوير والحفظ. وتشمل حفظ نسخة ميكروفيلم من الكتاب، ونسخة أخرى رقمية للتداول من قبل الباحثين، ثم تخزين الكتاب الورقي سواء كان مخطوطاً أو مطبوعاً في مكان ملائم، يضمن عدم تضرره وعدم ضياع جهود الترميم من جديد.
الشغف ضمانة لحماية كنوز التراث
وتحدث السيد هوغو ويتشريك، حول امتلاك شركته لـ 50 ألف قطعة نادرة من الكتب والمخطوطات والخرائط والأعمال الفنية المتفرقة، التي عرضت مجموعة منها في المعرض، وأكد أن طبيعة عملهم تقتضي أن يكون ترميم المخطوطات جزءاً من اهتمامهم، نتيجة لأن المخطوطات والكتب النادرة تتنقل من بقاع مختلفة، وتتطلب عملية تخزين وشحن تراعي حمايتها.
واعتبر أن الشعف بالمخطوطات والمقتنيات التراثية من قبل الأفراد إلى جانب نشاط الشركات والمؤسسات المهتمة يؤدي إلى حماية الكتب النادرة، لافتاً إلى أنهم لا يتعاملون مع النسخ الرقمية من المقتنيات ولا يستنسخون طبعات رقمية لما لديهم من أعمال، لأن النسخ الأصلية في ظل الرقمنة تفقد قيمتها، ولأن المقتنيين يبحثون عن النسخ الأصلية حصرياً.