تستمر مأساة الشعب الفلسطيني في الوجهة العربية الشرقية كصفحة مفزعة من تاريخه، حيث يتعرض هذا الشعب الصامد لما لا يُحتمل من مجازر وحروب إبادة، تُنفذ بلا رحمة أو إنسانية من جانب جيش الاحتلال الإسرائيلي.
الأمور لم تتوقف عند حدود المعركة العسكرية، بل تجاوزت إلى حد تجويع السكان وتشريد العائلات، مما ينذر بوقوع كارثة إنسانية لا مثيل لها. الصور المروعة والتقارير المؤلمة عن الوضع في فلسطين تنقلنا إلى عالم الألم والفاجعة الذي يعيشه الفلسطينيون يومًا بعد يوم، ليبرز صمود الشعب الفلسطيني وتمسكه بأرضه وكرامته، في مواجهة ما يبدو أنها عاصفة لا تنتهي من الظلم والاستبداد.
رفضا لهذا الظلم الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني، أعلنت مجموعة من الفنانين التشكيليين العرب والمصريين عن تأييدهم الراسخ لشعب فلسطين، من خلال إطلاق معرض «معنا من القاهرة». اُفتُتح المعرض في «أتيليه القاهرة»، وضم أكثر من 40 لوحة فنية من إبداع فنانين متنوعين.
حضر الافتتاح جمعٌ كبير من الفنانين والأدباء والإعلاميين والمثقفين، بالإضافة إلى بعض الشخصيات الفلسطينية المميزة.
المشاركون في المعرض يتألفون من 49 فنانًا يمثلون مختلف التوجهات الفنية. يتطلعون إلى نقل هذه الفعالية إلى مزيد من القاعات داخل وخارج القاهرة بفضل الدعم اللوجستي المتوقع. ويعكسون أملهم في تنظيم سلسلة من المعارض تحت عنوان «معا من الإسكندرية» و«معا من بور سعيد».
إحدى اللحظات البارزة خلال الافتتاح كانت كلمة مريم أبو دقة، التي استعرضت فيها مسيرتها في النضال ضد احتلال الأرض منذ صغرها، وتأكيد دعمها القوي للقضية الفلسطينية. وحازت كلمتها على اهتمام الحضور، وقدمت رؤية فريدة حول التحولات التي شهدها الرأي العام بفعل نشاطها في تسليط الضوء على قضية فلسطين.
الفنان سيد هويدي، منسق المعرض ومبتكر فكرته، أكد أن هذا الفعالية الفنية تعبر عن رأي وتضامن الأوساط الثقافية مع أحداث غزة. وتركز فكرة المعرض على دعم الحق الفلسطيني في استعادة الأرض وإقامة دولة فلسطين.
وأشار إلى أن فكرة معرض «معا من القاهرة» مفتوحة على كثير من الأوجه، وأن الفنانين المشاركين لديهم طموح في نقله إلى عدد من القاعات الأخرى داخل القاهرة وخارجها، وذلك في حالة تلقي الدعم اللوجستي من جهات داعمة للفكرة، معربا عن أمله في أن تقام سلسلة معارض لدعم فلسطين، تحت عنوان «معا من الإسكندرية» و»معا من بور سعيد».
وقال الفنان محمد برطش، المقيم في الخارج إنه يشارك في المعرض بلوحة واحدة لكنه يريد أن يوصل دعمه لشعب فلسطين، مشيرا الى أن هذه المشاركة تأتي كخطوة ثانية لمعرض يقيمه حاليا تحت عنوان «التوحيد»، والذي يخصص حصيلة بيع لوحاته لأهل غزة. وكشف الفنان محمد دسوقي قصة لوحته المعروضة ضمن مجموعة «معا من القاهرة» في «أتيليه القاهرة»، والتي تعد نسخة مكبرة للوحة أصلية اقتناها منه الرئيس الراحل ياسر عرفات.
وأضاف دسوقي أن مشاركته في عدد من المعارض لدعم القضية الفلسطينية التي يراها هما عربيا عاما، مشيرا إلى تكريمه في الاحتفال بضم فلسطين لمنظمة اليونسكو، وذلك بعد مشاركته في معرض أقيم بهذه المناسبة في المركز المصري في باريس. وحرص الفنان التشكيلي وأستاذ الإعلام الدكتور محمد شومان على المشاركة في المعرض، والذي قال عن لوحته فيه إنها احتفاء بصمود المرأة الفلسطينية، والتي تقف شامخة، رغم أهوال الحرب التي تواجهها والتي وصلت إلى الاستهداف المباشر.
وأشار إلى أن لوحته اعتمدت على عدم المباشرة في التناول، وأنها تحمل أكثر من قراءة، ولكن تظل المرأة الفلسطينية الواقفة بشموخ في قلب اللوحة هي القاسم المشترك في كل الرؤى.