أطلق بابا الفاتيكان لاون الرابع عشر رسالة سلام وأمل في رحلة تاريخية إلى لبنان، في أول زيارة خارجية له بعد تركيا.
وصل البابا لاون الرابع عشر إلى مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت عصر الأحد، قادماً من تركيا، حيث أقيم له حفل استقبال رسمي بمشاركة رئيس الجمهورية جوزاف عون، ورئيس الحكومة نواف سلّام، ورئيس البرلمان نبيه بري، وبدأ البابا لاون الرابع عشر أولى محطات جولته اللبنانية، أمس، باجتماع عقده مع عون في قصر بعبدا الجمهوري قبل أن يستكمل لقاءاته الرسمية مع بري، فسلّام، ومن ثم مع ممثلين عن المجتمع المدني والسلك الدبلوماسي.
من أقصاه إلى أقصاه، بدا لبنان أمس «مستنفراً» لملاقاة قداسة بابا الفاتيكان في زيارته التاريخية، التي وضعها تحت عنوان «طوبى لفاعلي السلام»، وذلك بعدما حطّت طائرته البابوية في مطار بيروت الدولي بعد ظهر أمس، مسجّلاً أول رحلة خارجية يقوم بها لتركيا ولبنان بعد انتخابه خلفاً للبابا الراحل فرنسيس، وبداية رابع زيارة بابوية للبنان منذ ستينيات القرن الماضي، وإن وسط اختلاف الظروف وتبدّل خريطة المنطقة.
ووسط الانتشار الكثيف للعناصر الأمنية والعسكرية على طول الطريق الذي سلكه موكب الزائر الاستثنائي، بدأت الأيام البابوية في لبنان، وكانت البداية من طريق المطار وصولاً إلى القصر الجمهوري في منطقة بعبدا، حيث افتتح كلمته بعبارة «طوبى لفاعلي السلام»، وذلك في رسالة تتقاطع مع مبادرة الرئيس جوزيف عون، حول المفاوضات كسبيل لوقف الحروب والصراعات، وتحمل مؤشرات واضحة حول المسار المراد إرساؤه في المنطقة، ويتطابق مع الشعارات التي رفعت في مختلف المناطق اللبنانية وعنوانها «بابا السلام».
وتأتي زيارة البابا لاون الرابع عشر، التي تستمر حتى الثلاثاء، وهي الرابعة لبابوات إلى لبنان، في توقيت حساس يعيشه لبنان، بفعل تواصل الضربات الإسرائيلية على أراضيه، وارتفاع حدة التهديدات بتصعيد العمليات العسكرية في حال لم تسارع السلطات اللبنانية إلى نزع سلاح «حزب الله»، خصوصاً مع نهاية العام الجاري، علماً أن أجواء كثيرة تشاع أيضاً بأن إسرائيل قد تستأنف تكثيف اعتداءاتها بعد مغادرة البابا الأراضي اللبنانية.
ويُعوّل اللبنانيون كثيراً على زيارة البابا، لما يمكنها أن ترتدّ سلاماً على وطنهم، بعد أزمات عدة مروا بها، خصوصاً منذ عام 2019، مع الانهيار النقدي والمعيشي، فانفجار مرفأ بيروت، وأزمة كورونا، والحرب الإسرائيلية الأخيرة، كما ينتظرون الرسائل التي يمكن أن يوجهها لهم، وتحديداً إلى العالم، في إطار الدعوة إلى وقف الصراعات وتثبيت الاستقرار، والتشديد على أهمية لبنان ودوره في المنطقة، ربطاً بالوصف التاريخي للبابا السابق يوحنا بولس الثاني، بأن «لبنان رسالة».
في المقابل، كثفت إسرائيل تسريباتها وتهديداتها التي وصلت إلى حد نقل رسائل بأنه في حال لم يُسحب سلاح «حزب الله» فإنها ستوسع من عملياتها العسكرية، وستطال ضرباتها مناطق جديدة لم تستهدفها من قبل. ومن بوابة نبرة التهديدات الإسرائيلية بالحرب، والتي لم تستكن، أفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن التقديرات السياسية والأمنية لا تزال تشير إلى تعزيز «حزب الله» وجوده، وتؤكد الاقتراب من تصعيد أكبر في لبنان.
وما بين المشهدين، يترقب لبنان اندفاعة دبلوماسية واسعة، وجرعة معنوية تمنحه إياها زيارة البابا لاون الرابع عشر، يليها اجتماع لجنة مراقبة وقف إطلاق النار، وزيارة الموفدة الأمريكية مورغان أورتاغوس، إضافة إلى انتظار زيارة وفد بعثة الأمم المتحدة التي تضم ممثلين عن الدول الـ15 الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، للاطلاع على الأوضاع عن كثب، وفي محاولة لتجنب التصعيد.
وعليه ارتفعت الرهانات اللبنانية الرسمية على تدخل دول مؤثرة للجم احتمالات التصعيد، وذلك في ضوء المعلومات التي أفادت أن بعثة من سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي ستصل إلى بيروت آتية من سوريا، ليل الخميس المقبل، على أن تجري الجمعة لقاءات مع الرؤساء الثلاثة تباعاً، وقائد الجيش، وتتوجه السبت إلى الجنوب لإجراء جولة تفقدية والاجتماع مع قيادة القوات الدولية ولجنة «الميكانيزم» (لجنة مراقبة وقف إطلاق النار).
![]()
