أعلنت حكومة جمهورية مالاوي، بالتعاون مع مؤسسة شراكة الاقتصاد الأخضر التي تتخذ من دبي مقراً لها، عن إطلاق أول منصة رقمية في العالم خاصة بتنفيذ اتفاقية باريس للمناخ والتي تعّد مدعومة بالكامل بالذكاء الاصطناعي، وذلك خلال “يوم التمويل” ضمن فعاليات مؤتمر المناخ (كوب 30) المنعقد في مدينة “بيليم” في البرازيل.
وتمثّل هذه المبادرة تدشين أول خزينة بيئية رقمية يتم التحقق من جميع عملياتها عبر تقنية البلوك تشين، بما يعزّز دقة تتبّع الإجراءات المناخية وقياسها والإبلاغ عنها وطرحها في المزادات.
وتعتمد هذه المنصة الرقمية الخاصة بتنفيذ اتفاق باريس على دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي والعقود الذكية وصور الأقمار الصناعية ونماذج التعلم الآلي لرصد الانبعاثات الكربونية والتحقق من المشروعات، مع توثيق كل رصيد وكل معاملة على سجل عام غير قابل للتعديل. ومن خلال هذه الخطوة، تسعى حكومة مالاوي إلى إبراز قدرة الدول الإفريقية على الوفاء بالتزاماتها المناخية، وفي الوقت ذاته بناء سوق شفاف وجاهز لاستقطاب الاستثمارات في مجال التمويل المناخي.
وتعمل منصة تنفيذ اتفاق باريس على ربط جميع مراحل سلاسل القيمة للانبعاثات ضمن منظومة رقمية متكاملة، بدءًا من إعداد الجرد المحلي وانطلاق المشروعات واعتمادها، وصولًا إلى مزادات الاعتمادات وإلغائها. وقد طُوِّرت المنصة من قبل مؤسسة شراكة الاقتصاد الأخضر وشركة TRST01 بما يلائم احتياجات مالاوي، وستُتاح مجانًا للدول النامية في الجنوب العالمي للمساهمة في تسريع تنفيذ مشروعات المادة السادسة من اتفاق باريس، وتمكينها من الوصول إلى التقنيات المناخية المتقدمة دون تكاليف مرتفعة.
وأكّد “ريتشارد بيريكامويو”، الوكيل الدائم في وزارة الموارد الطبيعية والتغير المناخي في مالاوي، أن المنصة تمكّن البلاد من متابعة كل طن من ثاني أكسيد الكربون بدقة علمية، وكل هكتار مستعاد، والعائد الاقتصادي لكل دولار يُستثمر، سواء على مستوى الناتج المحلي الإجمالي أو العائد الداخلي على الاستثمار أو فرص العمل، بما يعزّز الثقة في البيانات المحلية ونتائجنا.
ومن خلال دمج هذه التقنيات، تتيح المنصة لمالاوي التأكيد للجهات المموّلة بأن كل طن من الانبعاثات المتجنّبة أو المُزالة، وكل هكتار مُعاد تأهيله، وكل دولار مُستثمر، يخضع لعمليات قياس وتحقق تتم وفق أعلى درجات الشفافية. كما ستتولى المنصة أتمتة إعداد الجرد المحلي للانبعاثات والاستراتيجيات طويلة المدى، وربط المشروعات الموثقة بالمستثمرين في الوقت الفعلي، وتوفير مؤشرات للقدرة على المرونة وموثوقية البيانات، إضافة إلى تقديم أدلة قابلة للتدقيق أمام الجهات الرقابية والجهات المستقلة للتحقق.
وقال “إيفانو يانيللي”، المدير التنفيذي للاستدامة في شراكة الاقتصاد الأخضر: “تتعزز الشفافية في البيانات من خلال دمج الذكاء الاصطناعي وتأمينه بتقنيات البلوك تشين. والمنصة الجديدة مكنّت مالاوي من إنشاء أول خزينة بيئية في العالم، في خطوة تُعد معيارًا جديدًا للشفافية في دول الجنوب العالمي”.
كما أشارت وزيرة الموارد الطبيعية والتغير المناخي في مالاوي، السيدة جان ماثانغا، إلى “أن هذه الخطوة تؤكد أن إفريقيا قادرة على قيادة الابتكار المناخي وتطوير نماذج حوكمة جديدة تقوم على البيانات والثقة”.
وبالنسبة لمالاوي، تمثل المنصة فرصة لاستقطاب رؤوس الأموال الخضراء وفتح مسار جديد للنمو الاقتصادي. أما بالنسبة للدول النامية الأخرى، فهي تقدم نموذجًا عمليًا لتحويل الالتزامات المناخية إلى أصول موثقة وقابلة للاستثمار، دون الحاجة إلى تحمل التكاليف العالية التي عادةً ما تتطلبها هذه الأنظمة.
ومن جانبه، قال “آرثر تشيركينين”، الرئيس التنفيذي لمؤسسة شراكة الاقتصاد الأخضر: “ندعو دول الجنوب العالمي للانضمام إلى هذا النهج والاستفادة من سهولة استخدام المنصة المصممة خصيصًا لجذب استثمارات المادة السادسة وزيادة النمو الاقتصادي الوطني. والحل متاح بدون أي تكلفة، ويساعد الجهات على تسريع إصدار أرصدة الكربون (ITMOs)”.
وبعد الإطلاق الأولي، تعتزم مؤسسة شراكة الاقتصاد الأخضر تعميم استخدام منصة PAIP عبر برنامجها للتحول الرقمي المناخي في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، بهدف تمكين الحكومات في الجنوب العالمي من الوصول إلى نظام جاهز للتطبيق دون مقابل، بما يسهم في تسريع تنفيذ مشروعات المادة السادسة وضمان وصول التمويل المناخي بشفافية إلى الدول الأكثر احتياجًا.
![]()
