
FILE - A monument that represents justice stands in front of towering grain silos that were gutted in the massive August 2020 explosion at the port that killed more than 200 people and wounded over 6,000, in Beirut, Lebanon, Aug. 4, 2021. Families of victims of the Beirut port blast gathered Thursday outside Lebanon's courts of justice to protest continued obstruction of the national probe into the devastating explosion 15 months earlier. Their message was: "We are sick of waiting." (AP Photo/Hussein Malla, File)
أعاد القضاء اللبناني بعث النبض في شرايين العدالة، في ملف انفجار مرفأ بيروت، آخذاً بيدها ليضرب بمطرقتها كل محاولات التهويل والتهديد الهادفة لتدجين القضاء خلف قضبان السلطة، مؤكداً أنه سيد نفسه، مع ما يعنيه الأمر من كونه براء من دم منظومة النيترات وتسوياتها السياسية والحكومية لوأد تحقيق انفجار المرفأ، وتعالت الإشادات بالقضاة وحماية سلطتهم من هجمات المنظومة، وقطعهم أرجل المتسللين لعصمة أقواسهم وميزان عدالتهم، والمتسلّقين سياج المؤسسة، التي تُبنى على أعمدتها الأوطان، وارتفع منسوب الكلام عن أنّ الانتفاضة القضائية المشرفة أعادت خلط الأوراق، وأسقطت المسارات الملتوية، التي كانت المنظومة تسلكها لإعادة التقليع بالعمل الحكومي.
وبين حدي سيطرة السياسة على القضاء، أو أن يكون لبنان بخير لأنّ قضاءه بخير، وفي ضوء الحرب المعاكسة، التي خاضتها المنظومة، التي غطّت عملية تخزين نيترات الأمونيوم في مرفأ بيروت، ونامت على خطرها، حتى حصل الانفجار الكبير، ومنهم من كان يعلم ويغطّي أو كان يسكت ويخاف، أتى وقْع قرارات الهيئة العامة لمحكمة التمييز بالإجماع رد طلبات مخاصمة الدولة والقضاة ثقيلاً على المُدّعى عليهم في جريمة 4 أغسطس، لا سيما أن الهيئة فرضت نفسها المرجع الصالح المختص بالبت بطلبات رد المحقق العدلي، ورفضت بهذه الصفة كف يد القاضي طارق البيطار، بالتزامن مع رد محكمة التمييز دعوى الارتياب المشروع المرفوعة ضده، الأمر الذي أنصف صرخة أهالي ضحايا المرفأ، لاستعجال البت في طلبات الرد، ودعم استمرار المحقق العدلي في مهمته، وأصاب في المقابل المرتابين بالبيطار والمتضررين من تحقيقاته بنكسة مزدوجة، قضائية وحكومية، ربْطاً بربط النزاع، الذي يفرضه حزب الله بين الساحتين.
منحى تصاعدي
ووفق المؤشرات الأولية، بات واضحاً أنّ معركة حزب الله مع التحقيق العدلي في جريمة المرفأ بدأت تأخذ منحى تصاعدياً، يضعها على فالق مذهبي خطير، لا سيما مع تصويرها على أنّها معركة التصدي لمظلومية في القضية، بدءاً من شق صفوف أهالي الضحايا وفرزهم مذهبياً، وصولاً إلى حد اتهامات طالت القاضي البيطار.
وفي المحصلة، فإنّ في المقلب الداخلي البحت كلاماً عن أنّ الألغام توضع في وجه المحقّق العدلي في تفجير المرفأ، والسكاكين تُشحذ للإجهاز على كل الجسم القضائي، وإرساء قضاء يرضي حزب الله، ويحمي المنظومة السياسية، وعن أنّ البيطار أصبح شبه وحيد في غابة سياسية شرسة، يواصل عملية حفره جبل لغز انفجار المرفأ بإبرة المعدّات المتوافرة بين يديه لكشف الحقيقة، التي لم تُكشف بعد عن انفجار بات يُدرّس في معاهد الغرب، فيما العصي السياسية والأمنية تنهال عليه من كل حدب وصوب