“صور الحياة البرية الجميلة تجعل الناس يهتمون بالطبيعة، لكن الحكايات التي تحملها هذه الصور هي التي تبني علاقة وثيقة بيننا وبين العالم وطبيعته “.
هكذا شرحت “كاثي موران” نائب مدير قسم التصوير في ناشيونال جيوغرافيك علاقة الحوار بين المصور والصورة من ناحية وبين هذه الأخيرة وجمهورها من ناحية ثانية، وذلك على منصة المهرجان الدولي للتصوير “إكسبوجر” 2019 في إمارة الشارقة.
ووصفت موران كيف انتقلت من آلية تقديم جمال الطبيعة بشكل محايد، إلى تسليط الضوء على قضايا البيئة وحماية التنوع في الحياة البرية، وقالت: “علاقتي الطويلة مع الطبيعة حملتني رسالة لكل فرد في هذا العالم مفادها: إنك مسؤول عن الحياة بكافة أشكالها أينما كنت”.
وتابعت موران: ” التصوير أصبح دليلاً على الانتهاكات ومرجعية لكل من يريد أن يتخذ خطوة إيجابية تجاه الحد منها، فالتجارة التي تستهدف الحيوانات بهدف تنشيط السياحة وجذب السياح، تدر أرباحاً كثيرة تجعل من وقفها عمليةً في غاية الصعوبة والتعقيد وتحتاج للكثير من الجهود والتعاون بين أطراف عدة”.
وتوضح موران أن المعتقدات الطبية الخاطئة دخلت قائمة المخاطر التي تهدد الحياة البرية، وبينت أن تفنيد هذه المعتقدات لا يحتاج إلى حملات توعوية فقط، بل إلى توفير العلاج للملايين من البائسين الذين يطاردون الخرافات ويقتلون الحيوانات بحثاً عن الشفاء”.
واستعرضت موران مسيرة تطور آليات سرد قصص الحيوانات والحياة البرية في “ناشونال جيوجرافيك” وقالت: “على الرغم من أن التغيير في السرد بدأ مع إحدى القضايا التي تناولناها في 2007 وكانت بعنوان “من أباد جبل الغوريلا” في غابات فيرونغا، إلا أن القفزة النوعية الحقيقية في طريقة تناولنا لهذا النوع من القضايا جاءت في عام 2013، مع حكاية عن أسود “سيرنجيتي” وكيف تقف في مواجهة المتغيرات الديموغرافية التي يحدثها زحف المدن باتجاه موطنها وأماكن صيدها”.
وأضافت: “عندما يلتقي البشر بالأسود، فلا شك أن الطرفين سيتعرضان للمخاطر والمعاناة وليس طرفاً واحداً، لذلك قدمنا من خلال روايتنا المدعمة بالصور طبيعة العلاقة المعقدة بين الطرفين، وكيف أن البشر الذين يتفوقون على الأسود في قدرتهم على التفكير والتدبر، هم المسؤولون عن ضبط هذه العلاقة ووضعها في إطار احترام التنوع وحق جميع الكائنات في العيش بسلام”.
ومن بعد قصة أسود “سرينجيتي” تناولت ناشونال جيوجرافيك حكاية البانغولين ، وهي كائن مدرع مغطى بالقشور، حيث اعتبرته موران أكثر الكائنات المهددة بالانقراض على وجه الأرض بسبب الاعتقاد بأن للحمه فوائد طبية لا يمكن توفرها في أي مصدر آخر، وأشارت موران إلى أن رواية ناشونال جيوجرافيك هذه، أثمرت عملية انقاذ 25 من هذه الكائنات في فيتنام وتم نقلها إلى البرية الآمنة التي تشكل بيئة عيشها الطبيعي.
النجاحات التي حققتها ناشونال جيوجرافيك في حماية الأسود وإنقاذ حياة “البانغولين” دفعتها إلى إصدار تقرير خطير حمل عنوان ” التكلفة الخفية لسياحة الحياة البرية”، وبحسب موران، وثقت ناشونال جيوجرافيك في هذا التقرير محنة فيل وقع في أسر الصيادين في تايلاند، حيث استجاب العالم لمحنة هذا الفيل وشنت مواقع التواصل الاجتماعي حملات مكثفة بهدف إنقاذه، وختمت موران حكايتها بالقول: “انتصرت الصورة للفيل الرضيع وتم تحريره من أسره ونقله إلى ملجأ آمن، فلنؤمن بالصورة والفن ولنثق بقدرتهما على إنقاذ الحياة”.