نجحت هيئة سياحة فيينا، خلال جلسة خاصة لتعليم إعداد القهوة أقامتها في دبي بالتعاون مع يوليوس مينيل تحت عنوان “مقتطفات من المذاقات الفيينية”، في تسليط الضوء على ثقافة المقاهي وكيف تساهم في تحسين جودة الحياة في المدينة.
تضمنت الجلسة تجربة تذوق القهوة وخلالها ناقش الحضور كيفية اختيار وتحميص حبوب البن الخضراء كجزء من تجربة التعليم. وقد أظهر خبراء صناعة القهوة المدربون تدريباً عالياً في يوليوس مينيل كيفية تحضير إحدى أصناف القهوة التي تشتهر بها فييها، الفينير ميلانج، وعرضوا كيفية طحن الحبوب وقياسها وصنعها باستخدام مجموعة متنوعة من الطرق المختلفة.
فمع ما يقرب من 2200 مقهى في فيينا، بدءًا من المقاهي التقليدية الأنيقة إلى الحانات الصغيرة مع أماكن مخصصة للوقوف، ومن المطاعم الواسعة إلى مقاهي الحلويات ذات الأجواء الحميمية، تلهم ثقافة المقاهي في فيينا، الفنانين والضيوف من حول العالم.
واعترافاً منها بأن ثقافة المقاهي في فيينا تؤدي وظيفة اجتماعية لا تُقدر بثمن، فقد أضافتها منظمة اليونسكو إلى قائمتها الخاصة بالتراث الثقافي غير المادي في عام 2011. ففي جميع أنحاء فيينا، يلتقي الناس في المقاهي لتبادل الأحاديث والاسترخاء والتأمل وقراءة الصحف والتعرف على الآخرين، فضلاً عن لعب البلياردو والشطرنج وإجراء النقاشات مع الأصدقاء والغرباء على حد سواء.
وفي هذا الصدد، يقول ماتياس شفيندل، مدير العلاقات الإعلامية لسوق الشرق الأوسط في هيئة سياحة فيينا: “تُعرف بيوت القهوة الفيينية في جميع أنحاء العالم بأجوائها الممتعة والبعيدة عن التكلّف، مما يجعلها أشبه بواحة لطلب الراحة. وفيها، يتمّ تقديم كيكة الغوغنهوف وكيكة زاخر، وغيرها من أنواع التارت والحلويات التي تغوي محبي المذاقات الحلوة اللذيذة. كما تتبنى فيينا اتجاهات القهوة الدولية حيث تقدّم النكهات المختلفة وتعتمد طرق التحضير الجديدة والقديمة، من التحضير البارد إلى اعتماد الفلاتر التي تسمح بتنقيط القهوة، فضلاً عن دمج موضوع الاستدامة والاعتماد على المكونات الطبيعية النقية والالتزام بمبدأ التجارة العادلة والتجارة المباشرة”.
وخلال الحدث نفسه، تطرقت هيئة سياحة فيينا إلى الأسباب المختلفة التي أدّت إلى أن تتمتع فيينا بأعلى مستوى من جودة الحياة والعيش في العالم. ويضيف شفيندل: “تلعب ثقافة المقاهي في فيينا دوراً مهماً في تعزيز عامل قابلية العيش في المدينة. ونحن فخورون بأن يُطلق عليها لقب المدينة الأكثر ملاءمة للعيش في العالم للمرة الثالثة خلال السنوات الخمس الماضية. وبما أنها توفر المزيد من فرص العمل، وتجسّد وتعكس الطابع المحلي وتساهم في جعل فيينا مدينة نابضة بالحياة، تُعدّ ثقافة المقاهي عنصراً أساسياً في ثقافة مدينتنا. فبالإضافة إلى كونها أماكن للترفيه والعمل، فهي تعزز أيضاً الروابط وتمكّن المجتمعات المحلية”.
ومن ناحية ثانية، تتأثر ثقافة القهوة ونوعية الحياة في فيينا بشكل كبير بنقاء المياه المتوفرة في المدينة. فمياه فيينا تنبع من جبال الألب النمساوية- وتحديداً من منطقة ستيريا السفلى، وتتدفق مباشرةً إلى العاصمة عبر زوج من خطوط أنابيب ماونتن سبرينغ. وقد تم افتتاح أول خط أنابيب لجبال فيينا في عام 1873 – وهو العام الذي أُقيم فيه معرض فيينا العالمي – بهدف منح السكان إمكانية الوصول إلى مياه الشرب الآمنة والعذبة. وأكبر دليل على ذلك، يكمن في كوب الماء المعتاد الذي توفره المقاهي مع كل طلب لارتشاف فنجان من القهوة. وقد بدأ تقليد تقديم كوب من الماء في المقاهي، حتى يتمكن الضيوف من وضع معالقهم فيها بعد تقليب القهوة وخلطها من السكر، ومع مرور الوقت، تم استخدام كوب الماء لعرض جودة المياه المستخدمة في صنع القهوة.
يُذكر أن التصنيف السنوي لأكثر المدن ملاءمة للعيش في العالم والصادر عن وحدة الاستخبارات الاقتصادية (EIU) ، اختار مدينة فيينا لتكون في المركز الأول وذلك للمرة الثالثة في عام 2022، مع احتلالها المرتبة الأولى في عامي 2019 و 2018 على التوالي. فبالإضافة إلى معايير مثل الرعاية الصحية والتعليم والبنية التحتية والثقافة، سجلت فيينا نتائج جيدة بشكل خاص في مجالات السلامة والاستقرار.
من ناحية ثانية، تمّ تصنيف فيينا كأكثر المدن ملاءمةً للعيش للمرة العاشرة على التوالي بحسب دراسة المقارنة الدولية التي أنجزتها شركة ميرسر. ويقوم المسح الذي أجرته الشركة، على المقارنة بين المدن فيما يتعلق بالمناخ السياسي والاجتماعي والاقتصادي والرعاية الطبية والتعليم والبنى التحتية، مثل النقل العام والطاقة وإمدادات المياه. كما يتناول المطاعم والمسارح ودور السينما والمرافق الرياضية والسلع الاستهلاكية والطبيعة والظروف البيئية. وقد حصلت فيينا على درجات عالية لخدمات الرعاية الطبية الممتازة التي تقدمها ومجموعة من الأنشطة الثقافية والترفيهية بالإضافة إلى خدمة الرعاية الطبية الممتازة فيها.
وأخيراً، لا بدّ من الإشارة إلى أن هيئة سياحة فيينا تكرّس جهودها للحفاظ على تراث وتقاليد ثقافة المقاهي في فيينا والترويج لها نظراً لأنها تلعب دوراً حيوياً في تعزيز طبيعة الحياة في المدينة جنباً إلى جنب مع الميزات الأخرى التي لا تُعد ولا تُحصى والتي توفرها المدينة.