تتمثل وظيفة شبكية العين في استقبال الضوء، وإرسال الإشارات إلى الدماغ من خلال عصب يقع في مؤخرة العين، وفي بعض الحالات يمكن أن تُصاب الشبكية باعتلال نتيجة زيادة معدل السكر في الدم على المدى الطويل، ما يؤدي إلى انسداد الأوعية الدموية الصغيرة والدقيقة في العين، وينجم عنه تسرب أو نزيف دموي يُضعف الرؤية، ويمكن أن يتسبب في الفقدان الكامل للنظر، وفي السطور القادمة يتحدث الخبراء والاختصاصيون عن هذا الموضوع تفصيلاً.
يقول الدكتور موهيت جين أخصائي طب وجراحة العيون: إن اعتلال الشبكية السكري هو اضطراب ناتج عن ارتفاع مستوى السكر في الدم، ما يتسبب في إصابة الأوعية الدموية الموجودة في الطبقة الخلفية «شبكية العين» بترسب دموي وانسداد، كما تحدث هذه الحالة أيضاً لمن يعانون من زيادة معدل الكولسترول في الدم، وتستهدف السيدات المصابات بسكري الحمل، وتصيب مرضى السكرى من النمط الأول في مرحلة مبكرة في العقد الثالث أو الرابع من العمر، وتكون لديهم فرصة أكثر من غيرهم لظهور المضاعفات الشديدة، ولذلك يحتاج المصابون إلى فحص شبكي دوري، وعلاج مناسب لمنع حدوث المزيد من المخاطر التي تؤدي مع الوقت إلى فقدان النظر، وتكوّن أوعية دموية جديدة، والنزيف الزجاجي وانفصال الشبكية الجر، حيث إن حالات صغار السن، يكون لديهم الجل الزجاجي سميكاًَ جداً وثابتاً، وبالتالي فإن الإدارة الجراحية لهم تكون صعبة نسبياً، مقارنة بالكبار في العمر والمصابين بالنوع الثاني من داء السكري.
فحوص واختبارات
يذكر د.موهيت أن تشخيص اعتلال الشبكية السكري يكون عن طريق الأعراض التي تظهر عادة في المراحل المتقدمة من المرض، وبعد تلف العين بفترة طويلة، والتي تصاحبها أيضاً تغيرات مفاجئة وازدواج في الرؤية وخاصة الليلية، وبقع سوداء مثل خيوط العنكبوت أمام العين، وآلام في العين، ويتم الفحص في عيادة الطبيب المختص، بعد وضع القطرات الموضعية، وإجراء اختبارات خاصة مثل: التصوير المقطعي البصري، تصوير الأوعية بالفلوريسين بعد حقن صبغة في وريد ذراع المريض، ومن ثم التقاط صور لشبكية العين لمراقبة المرض بمرور الوقت، ويجب التنويه بضرورة الفحص الدوري السنوي للمصابين بداء السكرى، حتى لا تتفاقم المضاعفات.
فئة مستهدفة
توضح الدكتورة سومان ناير أخصائية طب وجراحة العيون أن اعتلال الشبكية السكري يستهدف على الأكثر الأشخاص الذين يعانون ارتفاع السكر في الدم لفترة طويلة أو غير المنضبط، ما يؤثر في الأوعية الدموية الصغيرة داخل العين، وينجم عنه تسرب من الأوعية الدموية للشبكية مسبباً الاعتلال، ويظهر هذا التسرب بشكل غير طبيعي للهيم أو الدهون أو السوائل الموجودة في الأنسجة، ما يؤدي إلى عدم قدرة الشبكية على معالجة الضوء، واضطراب شديد في الرؤية، ويمكن أن يتسبب في فقدان النظر إذا ترك دون علاج، كما تشمل عوامل الخطر الأخرى الاستعداد الوراثي، فقر الدم، ارتفاع ضغط الدم، واعتلال الكلى، فرط الكولسترول، أمراض الغدة الدرقية، والحمل.
أعراض الإصابة
تلفت الدكتورة سومان ناير أخصائية طب وجراحة العيون إلى أن الإصابة باعتلال الشبكية السكري يظهر في المراحل المبكرة بدون أعراض، ولذلك توصي الأكاديمية الأمريكية لطب العيون بفحص مرضى السكري من النمط الثاني بشكل دوري. أما المصابون بالنمط الأول فيمكن إجراء الاختبار بعد 5 سنوات من بداية المرض، ويرافق الاعتلال في المراحل المتأخرة مجموعة من العلامات مثل: ضبابية الرؤية، وتحول عوامات مرئية في المجال البصري، كما يعاني المريض فقداناً للرؤية لا رجعة فيه كلما تقدمت الحالة.
أنواع الإصابة
تبين د.سومان أن اعتلال الشبكية السكري يقسم إلى نوعين وهما: غير التكاثري الذي يظهر عادة مع الإصابة بتمدد الأوعية الدموية الدقيقة ونزيف نقطي ونضح خفيف، والنوع التكاثري الذي يتسم بأنه مرض أكثر عدوانية ويترافق على الأغلب مع مضاعفات الأوعية الدموية بما في ذلك النزيف الشبكي واسع النطاق وانفصال الشبكية الجر، ولذلك تتطلب الحالة فحصاً توسعياً للشبكية في عيادة الطبيب المختص، عن طريق إجراء تصوير داخلي مُفصل باستخدام الكاميرات، ليساعد على تحديد مناطق النزيف والنضح والوذمة داخل شبكية العين، ويمكن إجراء فحوص إضافية للمرضى الذين يعانون المراحل المتقدمة باستخدام التصوير المقطعي البصري، وتصوير الأوعية الدموية بالفلورسين للشبكية، والموجات فوق الصوتية للعين.
مضاعفات ومخاطر
يشير الدكتور أنوراغ ماثور أخصائي طب وجراحة العيون إلى أن اعتلال الشبكية السكري يتسبب في أضرار تؤثر تدريجياً في شبكية العين وتعمل على إضعافها، وتُعرض المريض للعديد من المضاعفات مع ارتفاع معدل السكر في الأوعية الدموية الدقيقة، والذي يؤدي مع الوقت إلى تلف الشبكية ويُحدث تسرباً أو نزيفاً، وتبدأ العين في تكوين أوعية دموية جديدة، ويطلق على هذه الحالة «اعتلال الشبكية السكري التكاثري» وتعد المرحلة الأكثر تقدماً من المرض، حيث إن الأوعية الدموية الهشة الجديدة غالباً ما تنزف في الجسم الزجاجي وهو (الهلام الشفاف الذي يساعد في وضوح الرؤية والحفاظ على شكل العين). وكلما زاد النزيف ارتفعت نسبة انسداد الرؤية، بالإضافة إلى تشكّل نسيج ندبي تنجم عنه مشاكل في البقعة أو انفصال الشبكية.
إدارة المرض
يلفت د.أنوراغ إلى أن إدارة داء السكري من أهم الإجراءات التي تساهم في الحد من ظهور المضاعفات الشديدة لاعتلال الشبكية السكري، ويتم ذلك عن طريق اتباع العناية بالنظام الغذائي وتناول الأدوية التي يحددها الطبيب المعالج، ويمكن أن يؤدي التحكم الجيد في السكر إلى استعادة بعض الرؤية، والحفاظ على صحة الأوعية الدموية في العين.
علاجات حديثة
يؤكد د.أنوراغ على أن علاج التخثير الضوئي بالليزر للوذمة البقعية السكرية يمكن أن يقلل من خطر فقدان البصر بمعدل يصل إلى 50٪، كما يمكن لاستئصال الزجاجية استعادة الرؤية المفيدة لبعض المرضى الذين يعانون اعتلال الشبكية السكري الشديد والنزف الزجاجي مع أو بدون انفصال الشبكية المصاحب للجر.
توسع الحدقة
يعتبر فحص توسع حدقة العين من أهم الاختبارات التي يجب أن يقوم بها مريض داء السكري بشكل دوري سنوياً، ليساهم في منع تطور اعتلال الشبكية، ووذمة البقعة الصفراء السكرية، والتنكس البقعي المرتبط بالعمر، وإعتام عدسة العين، والمياه الزرقاء، وهو مجموعة من الإجراءات يجب الخضوع لها جميعاً، وتبدأ باختبار مخطط العين الذي يحدد قدرة المصاب على الرؤية لمسافات مختلفة، ثم التحقق من الضغط داخل العين عن طريق «نفخة الهواء»، ويليهما فحص الشبكية والعصب البصري الذي يربط العين بالدماغ بعد وضع القطرات الدوائية التي تساعد على تمدد بؤبؤ العين، ثم التصوير المقطعي البصري لالتقاط صور للشبكية، ويجب الانتباه إلى أن فحص توسع الحدقة يمكن أن يتسبب في وجود حساسية نحو الضوء.