يبدأ الاستعداد لشهر رمضان الفضيل، بترتيب ما تحتويه الموائد الرمضانية، من الأطعمة والمشروبات والحلويات وغيرها، ما يؤدي في بعض الحالات إلى مشكلات صحية تؤثر بشكل سلبي في الجسم، نتيجة التغييرات المفاجئة التي تطرأ على عادات الأكل والنوم، وفي السطور القادمة يسلط الخبراء والاختصاصيون على العادات الصحية التي يجب اتباعها خلال فترة الصوم وأثناء تناول وجبتي الإفطار والسحور.
يعتقد البعض أن الصيام عن الطعام والشراب يمكن أن يسبب اضطرابات هضمية، ولكن الحقيقة على العكس تماماً، بل إن الصوم لساعات يلعب دوراً هاماً وله تأثير إيجابي على صحة الجهاز الهضمي والمعدة، أما المشكلات التي تحدث فهي تكون ناتجة عن التغييرات الجذرية في روتين الطعام المعتاد، أو السلوكيات الغذائية غير السليمة عند تناول وجبة الإفطار، وتؤدي إلى حدوث اضطرابات في حركة الأمعاء، وفقاً للدكتور خلدون الشاهين استشاري أمراض الجهاز الهضمي والباطنية.
ويضيف: إن اضطرابات الجهاز الهضمي من المشكلات الشائعة في شهر رمضان المبارك، مثل: آلام البطن، عسر الهضم، الإمساك، الإسهال، الانتفاخ، وترتبط هذه الأعراض بشكل أساسي بالعادات الغذائية الخاطئة التي يمارسها الصائمون أثناء تناول وجبة الإفطار أو السحور، غير مدركين أن فترة ساعات الصوم التي تقترب من 13 ساعة، وهي راحة للجهاز الهضمي وتساهم في التخلص من الآثار السلبية التي تتراكم في الجسم خلال السنة، ويجب الالتزام بالعادات الغذائية السليمة.
ويحذر د. الشاهين من السلوكيات الخاطئة التي يعتاد عليها الصائمين والتي تتسبب في مشكلات صحية واضطرابات هضمية والالتزام ببعض النصائح التي تتمثل في:
* الإفراط في تناول كميات كبيرة من الطعام أو الماء، حتى يشعر الشخص بالتخمة بعد يوم طويل من الصيام، وعدم توزيع كمية الماء اللازمة للجسم على الساعات المتبقية حتى السحور.
* إهمال تواجد طبق السلطة الخضراء والفواكه على المائدة الرمضانية، ما يتسبب في نقص معدل الفيتامينات والمعادان والألياف في الجسم، ويساعد على حدوث الإمساك.
* الإفراط في استهلاك المشروبات الغازية إلى الإصابة بارتجاع المريء وارتفاع معدلات حموضة المعدة، واستبدالها بالفواكه والعصائر المحضرة منزلياً.
* النوم مباشرة بعد تناول وجبة الإفطار وقلة ممارسة الرياضة، ما يساعد على زيادة الوزن ويؤدي إلى كسل في حركة الجهاز الهضمي.
ينصح د.الشاهين بكسر الصيام بتناول حبة تمر لأنه يحتوي على كمية بسيطة من السكريات تمد الجسم بالطاقة، ويحفز المعدة على إفراز إنزيمات هضمية استعداداً لوجبة الإفطار، مع أخذ كوب من الماء، ووجبة خفيفة بطبق الشوربة لتعويض الجسم عن السوائل المفقودة خلال فترة الصيام، ثم نمنح المعدة وقتاً للراحة حتى الانتهاء من صلاة المغرب.
ويحذر من وجود بعض المأكولات على مائدة الإفطار، مثل:- الأطعمة الدسمة والمقليات الغنية بالدهون، وخاصة إذا تم تناولها بشكل يومي، وتنصح بالتخفيف منها وتجنب العصائر المحلاة واستبدال الفواكه والعصائر المحضرة منزلياً بدلاً منها، ويُفضل تقسيم الوجبة على أكثر من مرحلة، حيث أن تناول الكميات الكبيرة يسبب سوء الهضم ومشكلات المعدة.
أساسيات السحور
يؤكد د. شمشير كوتي استشاري الجهاز الهضمي على ضرورة تناول وجبة السحور في الشهر الكريم، مع الحرص على تواجد الأطعمة الأساسية في المائدة، ويعد الأرز البني وخبز دقيق القمح الكامل خياراً جيداً، لأنه يقلّل من التقلبات في مستويات السكر في الجسم، كما يُوصى بالخضر والبيض والكسكس ودقيق الشوفان والفواكه غير الحمضية كالبطيخ والموز والتفاح والأجاص.
ويضيف: يجب الحرص على شرب المياه لإبقاء الجسم رطباً خلال ساعات الصيام، ويمكن أن يؤدي تناول المكسرات كاللوز والجوز إلى عدم الشعور بالجوع لساعات طويلة خلال فترة النهار، ويمكن أن تكون بضع حبات من التمر مناسبة للأشخاص غير المصابين بداء السكري.
ويلفت د.كوتي إلى تقليل كمية المأكولات التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون، وتجنب المأكولات المجمدة والمعالجة بشكل كامل، والإفراط في الأكل حتى التخمة وتناول الطعام ببطء، بحيث نملأ ثلث المعدة بالطعام والثلث ماء والثلث المتبقي للهواء، كما يجب على الأشخاص الذين يعانون من الحموضة، الحد من المشروبات التي تساهم في تفاقمها كعصير الليمون والبرتقال والأناناس، والمشروبات الغازية والقهوة والشوكولاتة.
حلويات وسكريات
تقول د. لبنى الدلاني اختصاصية التغذية، إن صيام شهر رمضان له فوائد صحية متعددة، فهو يساعد في تحسين مستوى السكر في الدم، ويعزز عملية التمثيل الغذائي، ويدعم فقدان بعض الوزن الزائد، ولكن لا يحدث ذلك للجميع، حيث أن البعض يأكل أكثر من متطلباته وبالتالي يتعرض لمشكلات واضطرابات تؤثر في الصحة العامة للجسم،
وتضيف: لا تخلو المائدة الرمضانية من الحلويات، وهي تحتوي على دهون وسكريات وليس لها قيمة غذائية، ولذلك فإنها تؤدي في بعض الحالات ارتفاعاً حاداً في مستويات السكر، وتخزين الدهون وزيادة الوزن، ومن المعتقدات الخاطئة أن الأطعمة السكرية وسيلة كافية للحفاظ على النشاط طوال ساعات الصيام، في أنها تزود الجسم بدفعة مفاجئة من الطاقة تتحول لاحقاً إلى انهيار السكر، ولذلك يجب الاعتدال في تناولها وتضمينها في نظام صحي ومتوازن.
جفاف الفم
يوضح د. سانوب جورج طبيب الأسنان، إن قلة استهلاك السوائل أثناء ساعات الصيام تؤدي لدى بعض الأشخاص إلى الإصابة بجفاف الفم الذي يزيد على نحو كبير من خطر تعرّض الصائم لمشاكل في الأسنان وأنسجة اللثة، كما يوفر أرضية خصبة لنمو البكتيريا، ما يقود إلى التسوس وغيرها من الأمراض الفموية المعدية الأخرى، ويتسبب أيضاً في انبعاث رائحة كريهة من الفم.
ويضيف: من أهم هذه العادات السيئة التي ينبغي الانتباه إليها عدم تنظيف الأسنان بالفرشاة، إذ يتعين على الأشخاص الصائمين تنظيف أسنانهم مرتين يومياً باستخدام المعجون بالفلورايد التخلّص من الطبقة البيضاء التي تغطي اللسان، واستخدام خيط اللثة بشكل منتظم بعد الإفطار والسحور من أجل الحيلولة دون تراكم البكتيريا.
يوصي د.جورج بشرب كميات وفيرة من المياه، وتناول الفواكه والخضر، وتجنب الأطعمة الحارة والمالحة خلال وجبتي الإفطار والسحور، لتفادي التعرض للجفاف خلال ساعات الصيام، وانبعاث رائحة كريهة من الفم، ويمكن أيضاً استخدام غسول الفم المضاد للبكتيريا، وينبغي اعتبار شهر رمضان التوقيت المثالي لتجنب التدخين لكونه لا يؤثر فقط في أنسجة الفم، بل وأيضاً يعتبر من المسببات الرئيسية لرائحة الفم الكريهة ووقوع الأسنان.
ويضيف: يُفضل تجنب تناول أطعمة مثل: الثوم والبصل في وجبة السحور، لتفادي رائحة الفم الكريهة، مع ضرورة الحد من المأكولات الحارة والمالحة خلال وجبتي الإفطار والسحور، من أجل عدم تعرض الجسم للجفاف خلال ساعات الصيام.
سلوك غذائي
تشير اختصاصية التغذية علاجية سلفانا سيدهم إلى أن صيام شهر رمضان هو فرصة لتغيير السلوك الغذائي والتخلص من العادات الخاطئة التي تشكل خطراً على الصحة ابتداءً من الإسراف في تناول الطعام وعدم التحكم بالشهية إلى التركيز على أنواع الأطعمة ذات السعرات الحرارية المنخفضة والغنية بالفيتامينات، والمعادن، والألياف، والأطعمة المنخفضة بالسكريات والأملاح، وتبني نظام صحي وسليم، والتخلص من العادات الغذائية الخاطئة.
وتؤكد سيدهم أن الصيام يساهم في تعزيز صحة التمثيل الغذائي، فعندما يمتنع الجسم عن الطعام يتحول من استخدام الجلوكوز (السكر) للحصول على الطاقة إلى استخدام الدهون بدلاً من ذلك، ما يؤدي إلى تحسين حساسية الأنسولين وانخفاض مستويات السكر في الدم وتحفيز الجسم على خسارة الدهون الزائدة.
وقد أظهرت الدراسات أن الصيام خلال شهر رمضان يمكن أن يساعد الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الثاني على التحكم في مستويات السكر في الدم، وتؤكد بعض الأبحاث أن الصيام يساهم في خفض ضغط الدم ويقلل الالتهاب ويحسن خصائص الدهون في الدم، ويمكن أن تقلل هذه التغييرات من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والحالات المزمنة الأخرى.