أعلنت جامعة نيويورك أبوظبي عن نجاح باحثيها في تطوير مسبارٍ صغير الحجم وغير تلامسي متعدد الخواص الفيزيائية، يتيح جمع عينات السيتوبلازم من خلايا الأورام المفردة دون التأثير على مواقعها ضمن الأنسجة الأصلية. كما يمكن استخدام المسبار لإضافة مواد إلى خلايا مُختارة داخل الأنسجة لتعديل تركيبها الوراثي، ما يساهم في دعم الدراسات المتقدمة التي يمكن أن تدعم فهمنا الحالي لمُسببات أمراض عديدة مثل السرطان والزهايمر، فضلاً عن تطوير علاجات جديدة وفعالة. كما يحمل هذا المسبار الجديد إمكانات قوية في في مجال بيولوجيا الخلايا الجذعية وإعادة برمجة الخلايا.
وستدعم التقنية الجديدة وعالية الدقة مشروع “أطلس الخلايا البشرية”، والذي يعد المبادرة العالمية الأكثر طموحاً لتصنيف الخلايا، عبر تمكين آلية تعديل التسلسل الجيني باستخدام طرقٍ غير باضعة ومُتعددة الإرسال، والحصول على “الخزعات” من المكونات الخلوية باستخدام أداةٍ واحدة.
وتسهم القدرة على تحليل الخلايا المفردة والحفاظ على تشكيلها المكاني على حاله في الورم الأصلي بشكل كبير في فهم تنوع الخلايا ومدى عدم تجانسها ضمن الأورام. ويُعد تطوير أدوات مخصصة لفحص الخلايا المفردة وتحليلها وسط بيئتها الطبيعية أمراً بالغ الأهمية.
وطوّر فريق من الباحثين المسبار الجديد بإشراف محمد قسايمة، الأستاذ المساعد في الهندسة الميكانيكية والطبية الحيوية في جامعة نيويورك أبوظبي والباحث الرئيسي في مختبر الموائع الدقيقة والأجهزة المصغرة المتطورة لدى الجامعة. واستعرض قسايمة وفريقه عملية تطوير التقنية الجديدة من خلال دراسة بعنوان “استخدام المسبار غير التلامسي ومتعدد الخواص الفيزيائية لتعديل وتحليل الخلايا المفردة الخاضعة لتغيّرات مكانية وزمانية”، والتي نشرتها مجلة سمول العلمية. واعتمد الفريق في الابتكار الجديد على أبحاثهم السابقة حول مسبارات الموائع الدقيقة المصنوعة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، ونجاحهم مؤخراً في تطوير مسبار الموائع الكهربي الدقيق الذي يُستخدم لفصل الخلايا وتحديد أنماطها. ويتميز المسبار غير التلامسي ومُتعدد الخواص الفيزيائية بتصميمٍ مُصغّر ومتطوّر، يتيح تعديل الخلايا المفردة، وإنجاز العمليات على المكونات الخلوية، فضلاً عن احتوائه على مكونات كهربائية مخصصة لتحفيز الخلايا المفردة.
وتعليقاً على هذا الموضوع، قال أيولا بريمو، المؤلف الأول وطالب الدكتوراه السابق وعضو فريق الأستاذ محمد قسايمة: “يقوم المسبار غير التلامسي ومتعدد الخواص الفيزيائية بما يشبه جمع عينات الدم من المرضى دون أي اتصالٍ أو تلامس بين الإبرة والجلد، لكن الخلايا السرطانية في هذه الحالة تلعب دور المريض؛ بينما تكون الإبرة أكثر نحافة من شعرة الإنسان بمقدار خمس مرات، مع استخدام إشارات كهربائية لثقب غشاء الخلية دون أي وخزٍ للجلد”.
وساهم استخدام أدوات الطباعة ثلاثية الأبعاد المتقدمة في مساعدة الفريق على توفير أكثر من 200 نموذج أولي، كما سهّل إدراج أقطاب كهربائية دقيقة ثلاثية الأبعاد في طرف المسبار. ويوفّر المسبار طريقة فعالة لاستخلاص الحمض النووي الريبوزي من الخلايا السرطانية المفردة، وإدخال الحمض النووي الاصطناعي (البلازميدات) فيها، مع الحفاظ على موقع الخلايا ضمن التكوين الشبيه بالأنسجة ودون المساس بالخلايا المجاورة الأخرى.
ومن جهته، قال الأستاذ محمد قسايمة: “يفسح المسبار الذي طورناه المجال لإجراء مزيد من التحليلات الوراثية المُعمقة للخلايا المفردة، كما يُساعد على اكتساب فهم أكثر شمولاً للسرطان وغيره من الأمراض المعقدة. ويهدف بحثنا المستقبلي إلى زيادة إنتاجية المسبار الجديد، وتحسين الدقة في استهداف المكونات الخلوية. ونتوقع أن تساعد هذه التقنيات المبتكرة في توفير معلومات وتحليلات غير مسبوقة حول أبرز آليات العمل الداخلية الأساسية لجميع أشكال الحياة”.