علي ضوء المستويات غير المسبوقة في مقاومة المضادات الحيوية في الدولة، دعا مجموعة من الخبراء في المنطقة على هامش مشاركتهم في ورشة عمل مكثفة نظمتها شركة باير في دبي على مدار يومين، إلى أهمية تطوير مضادات حيوية جديدة بعد أن كشفت الدراسات مؤخراً إرتفاع مستويات مقاومة المضادات الحيوية في الدولة.
هذا وضمت ورشة العمل مجموعة جلسات تركّزت على تحديد الحاجات غير الملباة في إدارة انتشار الأمراض وخيارات العلاج، وحضر الحدث الذي استمر على مدى يومين نخبة من الأطباء في علم الأمراض وعلم الأحياء الدقيقة من دول المنطقة، واستمع الحضور إلى مشاركات الخبراء واستفادوا من تجارب زملائهم، كما مثّلت ورشة العمل منصةً جمعت المتخصصين في مجال الرعاية الصحية واتاحت لهم فرصة التفاعل مع عدد من أبرز الأطباء في المنطقة بهدف تحقيق التغيير في الممارسات الطبية خلال السنوات القادمة.
وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن ورشة العمل قد سلّطت الضوء على المعدلات المتزايدة لانتشار الأمراض في منطقة الشرق الأوسط والحاجة الطارئة لمضادات حيوية جديدة، وأطلعت فيها الأطباء على نتائج دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية كشفت بموجبها عن 12 عائلة من ’الجراثيم الفائقة‘ والتي تتطلب الحاجة الماسة لتطوير نوعٍ جديدٍ من المضادات الحيوية، وذلك في إطار الجهود لتلبية الأسس التي أشارت إليها منظمة الصحة العالمية لمكافحة تزايد انتشار الأمراض الناجمة عن مقاومة المضادات الحيوية.
وعلى الرغم من استخدام المضادات الحيوية للوقاية والعلاج من الأمراض، إلا أن مقاومة المضادات الحيوية تحدث عند حصول تبدل أو تغير في البكتيريا نتيجة لاستخدام هذه الأدوية بشكل غير صحيح[1]، إذ تعد مقاومة المضادات الحيوية أمر شائع الحدوث، والآلاف من المرضى في الإمارات العربية المتحدة يتأثرون بهذه الحالات كل عام.
وفي وقت سابق من هذا العام، نشرت منظمة الصحة العالمية أول قائمة على الإطلاق حول “الممرضات التي تحظى بالأولوية” وهو بمثابة كتالوج يضم 12 عائلة من الجراثيم التي تشكل الخطر الأكبر على صحة الإنسان. وتحدث حالات مقاومة المضادات الحيوية نتيجة لعدد من الأسباب، والسبب الأكثر انتشاراً هو قرار المرضى التوقف عن تعاطي المضادات الحيوية من تلقاء نفسهم قبل انتهاء الجرعة الموصوفة، كما أن تعاطي المضادات الحيوية في حالات الإصابة بالعدوى الفيروسية مثل نزلات البرد أو الزكام له دور أيضاً في زيادة خطر تطوّر حالة مقاومة المضادات الحيوية عند المريض.
وتضم قائمة منظمة الصحة العالمية أنواع البكتيريا متعددة المقاومة والتي تشكل خطراً كبيراً على المستشفيات ودور التمريض والمرضى ممن هم بحاجة إلى أجهزة طبية مثل أجهزة التنفس، حيث يمكن لهذا النوع من البكتيريا القاتلة أن يتسبب بأمراض شديدة وقاتلة مثل أمراض مجرى الدم بسبب قدرتها على مقاومة مجموعة واسعة من المضادات الحيوية، بما فيها الكاربابينيمات والجيل الثالث من السيفالوسبورينات، وهي المضادات الحيوية التي تعدّ الأفضل في علاج البكتيريا متعددة المقاومة.
تمثل ورشة العمل هذه منصةً للخبراء للتباحث في انتشار الأمراض وخيارات العلاج في منطقة الشرق الأوسط ومشاركة خبراتهم حول عائلات الجراثيم الـ12 التي نشرتها منظمة الصحة العالمية، وتتزايد أعداد المرضى في الشرق الأوسط بشكل مستمر بسبب قدرة الأمراض على مقاومة عدد أكبر من الأدوية، وهو ما يفرض الحاجة الماسة للتوصل إلى خيارات علاج جديدة للاستمرار في علاج المرضى وتجنب المزيد من الانتشار للأمراض بين الأفراد.
يذكر أن مقاومة المضادات الحيوية تسجل تنامياً مستمراً، وهناك شحٌ ناجم عن نفاد خيارات العلاج أمام العلماء بسرعة. وعلى الرغم من حملات التوعية المتنوعة، ما تزال الإمارات العربية المتحدة والمنطقة بأسرها تشهد زيادة تنذر بالخطر في معدلات انتشار البكتيريا متعددة المقاومة لتصبح بشكل متسارع مشكلة صحية عامة. وللمساعدة على مواجهة مثل هذه التحديات، تبذل حكومة الإمارات بالتعاون مع العلماء جهوداً كبيرة للتغلب على هذا النوع من المقاومة وتثقيف الأطباء حول أفضل الأطر العامة في وصف المضادات الحيوية. حيث يمكن لحملات التوعية مساعدة الأفراد على فهم الحاجة لإتمام جرعة العلاج الموصوفة من قبل الطبيب وتجنب الاستخدام غير المسؤول للمضادات الحيوية.
ويمكن لخبراء الرعاية الصحية المساهمة في تجنب انتشار مقاومة المضادات الحيوية من خلال حث المرضى على استخدام الدواء بحسب التعليمات، ومن الضروري أن يقدّم مزودي الرعاية الصحية المضادات الحيوية للمرضى عند الحاجة فقط، وعلى الأطباء أن يصفوا النوع المحدد من المضادات الحيوية لعلاج المشكلة الصحية التي يعاني منها المريض.