تحقيق: راندا جرجس
يتكون القلب بشكل أساسي من العضلة التي تسمح بضخ الدم إلى الجسم، ويحدث فشل العضلة على الأغلب نتيجة المشكلات القلبية المزمنة، مثل: مرض الشريان التاجي، ارتفاع ضغط الدم، خلل عمل صمامات القلب أو التهاب عضلة القلب، الأزمات القلبية، وبعض أنواع العدوى الفيروسية، وتؤدي هذه الإصابة إلى نقص في ضخ الدم والأكسجين إلى الأعضاء والأجهزة المختلفة، ما ينتج عنه فشل تدريجي لوظائفها، وتصبح عضلة القلب متضخمة بشكل غير طبيعي ومن ثم تكون عاجزة عن ضخ الدم، ومن الممكن أن ينتهي بالوفاة في حال عدم التدخل الطبي المناسب سواء بالأدوية أو بعض العمليات التداخلية أو الجراحية.
يقول د. براجيش ميتال أخصائي أمراض القلب التداخلية إن الأعراض الأكثر شيوعاً للإصابة بفشل عضلة القلب تتمثل في: ضيق التنفس والإرهاق الجسدي عند بذل الجهد، ويتطور مع الوقت ويحدث أثناء الراحة والنوم، كما يصاحبه الشعور بالتعب والضعف والوهن وانعدام الشهية والخفقان والغثيان، تورم الساقين أو الكاحلين، السعال المستمر أو الصفير مع البلغم الممزوج بالدم، آلام في الصدر، تسارع وعدم انتظام ضربات القلب، وزيادة الحاجة إلى التبول ليلاً، تورم البطن (الاستسقاء)، صعوبة التركيز، وزيادة سريعة في الوزن بسبب احتباس السوائل.
يتابع: لا يمكن للطبيب المعالج تشخيص السبب المباشر للعديد من الحالات، ويتم التشخيص عن طريق الفحص الطبي والاستناد إلى الأعراض، وإجراء تخطيط صدى القلب لتأكيد الإصابة باعتلال عضلة القلب، ويمكن التقييم بوسائل متطورة أخرى مثل: تصوير القلب بالرنين المغناطيسي.
يذكر د.ميتال أن فشل عضلة القلب يتفاقم تدريجياً ويتسبب في تدهور جودة الحياة لدى الأفراد، وتشمل مضاعفات الإصابة استمرار تراجع وظيفة عضلة القلب فيما يستمر القلب في التضخم، ما يؤدي إلى التدهور الدائم في وظيفة القلب، وينطوي اعتلال عضلة القلب وتضخم القلب على مخاطر حدوث تسرع حاد وقاتل في نبض القلب، ولذلك يظل المريض في حاجة مستمرة ومنتظمة لأخذ الأدوية اللازمة وزيارة الطبيب بشكل دائم، وتلزم الحالات القصوى عملية زراعة قلب.
أسباب وعوامل
يقول د. تامر طه استشاري أمراض القلب: إن الإصابة بفشل عضلة القلب يمكن أن تستهدف جميع الفئات العمرية، إلا أن هذه الحالة تنتشر على الأغلب بين كبار السن نظراً لارتفاع معدل الإصابة بالشريان التاجي وارتفاع ضغط الدم، وهما من أكثر الأسباب الشائعة التي تؤدي إلى فشل عضلة القلب، وتتمثل بعض العوامل الأخرى في: ضيق أو ارتجاع شديد بالصمام الميترالي أو الأبهر، والتسارع الشديد في ضربات القلب، مشكلات الجهاز التنفسي وخاصة انقطاع التنفس أثناء النوم، الأمراض المناعية كالذئبة الحمراء، وبعض الحالات الوراثية التي تتسبب في تمدد عضلة القلب وضعف الكفاءة، والفيروسات والالتهابات.
يشير د.طه إلى أن الحد من حدوث مضاعفات فشل عضلة القلب، يمكن أن يتم من خلال السيطرة على عوامل الخطورة، واتباع نمط حياة صحي، والابتعاد عن الأملاح والأطعمة الغنية بالدهون، تناول الأدوية بانتظام، إدارة الأمراض المزمنة كارتفاع ضغط الدم، ومستويات السكر بالدم، الامتناع عن التدخين وتجنب الأفراط في تناول المشروبات الكحولية، ممارسة النشاط البدني، ومتابعة المستمرة مع الطبيب مع عمل الفحوصات بصفه دورية.
طرق التداوي
يلفت د. نافيد أحمد، أخصائي أمراض القلب التداخلية، أن فشل عضلة القلب يُصنف ضمن أهم الأسباب الشائعة لحالات دخول المستشفيات لمرضى القلب والأوعية الدموية الذين تتجاوز أعمارهم ال 60 عاماً، وعلى الرغم من الإنجاز الطبي الكبير الذي تم تحقيقه على مدار العقود الثلاثة الماضية، إلا أن هذه المشكلة المرضية ما زالت أحد المسببات الرئيسية للوفيات والأمراض في البلدان المتقدمة، ويتمثل الهدف من المعالجة الدوائية لمرض فشل عضلة القلب في تحسين معدلات النجاة وخفض نسبة اعتلال الصحة، والدخول المتكرر للمستشفى وتخفيف الأعراض مع تعزيز قدرة المرضى الوظيفية وجودة حياتهم.
يوضح د.أحمد أن العلاج الجهازي لفشل عضلة القلب المزمن يعتمد على استخدام جهاز علاج إعادة مزامنة القلب، وجهاز مقوم نظم القلب ومزيل الرجفان القابل للزراعة، الذي أثبت نجاحه وفعاليته في علاج المرضى المصابين بقصور في البطين الأيسر.
أما الخيارات الجراحية المتاحة للمرضى المصابين فهي تسهم في تحسين نوعية الحياة وزيادة معدل النجاة على المدى الطويل، وتشمل: معالجة فشل القلب الاحتقاني، بجراحة مجازة الشريان التاجي، جراحة صمام القلب، جراحة غفر البطين الأيسر الجزئي، رأب عضلة القلب، زرع العضل، وعملية زرع القلب.
4 طرق تُخفض خطر الإصابة بفشل القلب
على الرغم من تصنيف فشل عضلة القلب، ضمن أهم المسببات الرئيسية للوفيات والأمراض في البلدان المتقدمة، إلا أن الأبحاث العلمية الحديثة أثبتت إمكانية خفض مخاطر الإصابة، عن طريق اتباع بعض الخطوات والإرشادات في وقت مبكر، ومن بينها ما يلي:
- الحفاظ على وزن صحي ومثالي وتجنب السمنة، عن طريق تناول الوجبات الغذائية التي تحتوي على الفاكهة والخضراوات والبقوليات والحبوب الكاملة، والحد من الدهون والسكريات والبروتينات قدر الإمكان، وتخفيف الاملاح حتى لا تتراكم السوائل داخل الجسم، وترفع ضغط الدم وتؤدي إلى تورم الساقين والقدمين.
- الحرص على ممارسة الرياضة بانتظام، والابتعاد عن الخمول والكسل، وتفيد الدراسات بأن التدريبات والتمرينات الهوائية، والمشي بشكل يومي، من أهم طرق الوقاية من الإصابة وتعمل على تقوية عضلة القلب.
- تجنب القلق والضغط النفسي والتوتر الذي يتسبب في سرعة ضربات القلب وضيق التنفس وارتفاع ضغط الدم، والحرص على أخذ قسط من الراحة وقت الظهيرة، والحصول على ساعات النوم الكافية ليلاً، بحيث لا تقل ساعات النوم عن 8 ساعات، ووضع وسادة أو اثنتان تحت الرأس عند الاسترخاء، وتغيير مواعيد الأدوية، وخاصة مدرات البول للحد من زيادة التبول والقلق أثناء النوم.
- تجنب تناول الكحوليات، لأنها قد تتفاعل مع أدوية علاج فشل عضلة القلب، والإقلاع عن التدخين وهو من أهم أسباب الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية 4 مرات، وتشير الإحصائيات إلى أنه يتسبب في قتل أكثر من 8 ملايين شخص سنوياً حول العالم.
![]()
