استضافت دبي في الفترة بين 11-13 أبريل الحالي ’المؤتمر الإقليمي للاتحاد الدولي لأمراض النساء والتوليد في الشرق الأوسط وأفريقيا‘ (فيجو) والذي ناقش مجموعة من القضايا الصحية الهامة والمتعلقة بالمرأة على مستوى العالم. ويهدف المؤتمر، الذي أقيم على مدى 3 أيام في فندق ’إنتركونتيننتال دبي فستيفال سيتي‘، إلى تسليط الضوء على الحلول التقنية والطبية والقانونية المتعلقة بأمراض النساء والتوليد، ووفيات الأمهات، واضطرابات الغدد الصماء، ومرض سكري الحوامل، وحالات الولادة المبكرة، والولادة القيصرية وغيرها من المضاعفات المرتبطة بالحمل والولادة. وجمع المؤتمر تحت مظلته أكثر من 80 هيئة طبية مرموقة من مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك وزراء الصحة من عدد من الدول الأفريقية ومصر، حيث اجتمعوا لمشاركة معارفهم القيمة حول أحدث المتطورات في الميدان الطبي مع مئات المشاركين في المؤتمر.
وخلال مناقشة القضايا المطروحة في المؤتمر على المستوى العالمي، سلّط الخبراء الضوء على التحديات المرتبطة بأمراض النساء والتوليد والخصوبة التي تواجهها النساء في البلدان النامية والبلدان ذات الموارد المحدود.، حيث أوصى الخبراء باعتماد أحدث الابتكارات المتعلقة بالتكنولوجيا والممارسات الطبية لمواجهة تلك التحديات. وانصب تركيز المؤتمر على عدد من التحديات التي تضمنت الحفاظ على الخصوبة عند الإصابة بسرطان بطانة الرحم، وإدارة مرض بطانة الرحم الهاجرة، وتقديم المشورة بشأن استخدام وسائل منع الحمل، والإصابة بالالتهابات أثناء فترة الحمل مع التركيز بشكل خاص على مرض نقص المناعة المكتسب، ومخاطر ولادة الأجنة الميتة، وأحدث الابتكارات المتعلقة بالإجهاض الدوائي، واضطرابات ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل، والصحة البيئية، والصحة الإنجابية، وتوفير الرعاية التوليدية الملائمة للنساء في المناطق الفقيرة والمحرومة وغيرها من المواضيع الأخرى. كما استعرض الخبراء المتخصصون في مجال التدخلات الجراحية البسيطة أمام الحضور أحدث التقنيات والعلاجات المستخدمة مثل أجهزة الرؤية البصرية فائقة الوضوح، والروبوتات التي يتم التحكم بها بواسطة الحاسوب، وأجهزة الطاقة الذكية لقطع وإغلاق الأوعية الدموية.
وفي معرض تعليقه حول أبرز الملامح التي يتسم بها الواقع الصحي في دولة الإمارات، قال البروفيسور سي إن بوراندير، رئيس ’الاتحاد الدولي لأمراض النساء والتوليد‘: “رغم تطورها الكبير بالمقارنة مع الدول ذات الموارد المحدودة، تواجه الإمارات المتحدة مجموعة من التحديات الخاصة بها فيما يتعلق بصحة النساء. وعلى سبيل المثال، تشير بعض التقارير التي صدرت مؤخراً إلى أن الولادات القيصرية في دولة الإمارات تزيد بنسبة 42% عن المعدل العالمي، مما يسهم في ارتفاع مخاطر حدوث المضاعفات. كما تؤدي زيادة حالات الإصابة بمرض السكري وزيادة الوزن ومتلازمة المبيض متعدد الكيسات – والتي تصيب حوالي 50 ألف سيدة في البلاد – إلى ظهور الكثير من المشاكل خلال فترة الحمل والولادة، مما يحتّم على الطواقم الطبية والداعمة التزود بالمعارف والخبرات اللازمة لمواجهة هذه التحديات. ونهدف من خلال هذا المؤتمر إلى الارتقاء بسوية معارف المجتمع الطبي، ليس في دولة الإمارات فحسب وإنما على مستوى العالم”.
كما ساهم المؤتمر في تنمية معارف الحضور حول القضايا الأخلاقية وإدارة مخاطر الرعاية الصحية. وشدد المشاركون في المؤتمر على أهمية بذل جميع الجهود الممكنة لإنقاذ حياة المرضى، والتمييز بين الإهمال من جهة، والإجراءات الطبية المعقدة وعالية المخاطر من جهة أخرى. كما أكّد المتحدثون على التأثير السلبي والخطير لإدانة وتجريم الأطباء على قطاع الرعاية الصحية والمرضى عموماً.
علاوة على ذلك، تناول المؤتمر الحاجة الملحّة للوصول إلى خدمات الولادة الآمنة والجراحين القادرين على تنفيذ العمليات الجراحية القيصرية. ونوّه المؤتمر كذلك إلى مبادرة التدريب الجراحي لمعالجة ناسور الولادة التي أطلقها ’الاتحاد الدولي لأمراض النساء والتوليد‘، والتي نجحت حتى الآن بتدريب 52 طبيباً على معالجة الجروح الناجمة عن الولادة في 19 دولة أفريقية وآسيوية. وفي هذا السياق، أشاد البروفيسور أجاي راني، رئيس لجنة معالجة الناسور في ’الاتحاد الدولي لأمراض النساء والتوليد‘ بنجاح المبادرة في إجراء أكثر من 6 آلاف جراحة حتى الآن. وقال راني: “ثمة نقص عالمي حاد في عدد الجراحين المدربين والمؤهلين لإجراء عمليات الناسور، وهنالك حاجة ماسة لتلبية متطلبات علاج الأعداد الكبيرة من النساء اللواتي يعانين من هذه الحالة. وتتضمن الحلول طويلة الأمد ضمان توفير أنظمة الرعاية بصحة الأم، بما في ذلك إجراء جراحات التوليد في الحالات الطارئة. أما على المدى المنظور، فمن المهم تدريب المزيد من الجراحين على عمليات إصلاح الناسور، وتوفير عدد أكبر من المرافق الصحية القادرة على تقديم الخدمات العلاجية الشاملة لحالات الإصابة بالناسور، بما في ذلك خدمات إعادة التأهيل والمساعدة الاجتماعية، وذلك لمساعدة النساء المصابات بهذا المرض على التعافي واستعادة حياتهن الطبيعية”.
من جانبها، قالت الدكتورة عواطف البحر استشارية أمراض النساء والعقم رئيسة طب النساء والتوليد في جمعية الإمارات الطبية: “يندرج مؤتمر ’فيجو‘ الإقليمي ضمن إطار برامج السياحة الطبية في دبي والرامية إلى استقطاب وإقامة الكثير من المؤتمرات الطبية العالمية. ومن جانبنا، فإننا على أتم استعداد لاستقبال حضور يصل تعداده إلى 10 آلاف شخص خلال المؤتمرات، فضلاً عن امتلاكنا فريق عمل ذي خبرة واسعة في إقامة مثل هذه الفعاليات. ويشكل نجاحنا في استضافة مؤتمر ’فيجو‘ الخطوة الأولى، ونحن نتطلع قدماً لاستضافة المزيد من المؤتمرات العالمية في دبي بحلول العام 2024. علاوة على ذلك، تشهد دولة الإمارات تطوراً كبيراً ومتسارعاً في قطاع الرعاية الصحية، بينما تسعى دبي لأن تصبح واحدة من المدن الرائدة عالمياً في هذا المجال. وينصب تركيزنا أيضاً على خدمات الرعاية الصحية للمرأة والطفل. وفي هذا الإطار، فإننا نعمل باستمرار على رفع سوية المعارف الطبية للأطباء والكوادر الطبية ومساعدي الأطباء في دولة الإمارات والمنطقة عموماً”.