
«المستقبل لا يأتي إلينا بل نحن من نستشرفه، ونشكله ونمسك زمام المبادرة في ابتكار تقنياته وتوظيفها لتحقيق التنمية والتطور وبناء اقتصاد قائم على المعرفة».
تلك المقولة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، مثلت نهجاً ثابتاً في الإمارات في تخطيطها لأولوياتها الوطنية، وفي مساهماتها الكبيرة في بناء المستقبل الأفضل للبشرية، إذ أكد سموه كذلك أن الإمارات لا تقف في موقع المتفرج، وإنما تختار لعب دور الفاعل والمؤثر في دوران عجلة المستقبل لتشكل تلك المقولة المرتكز الأساس في اانجازات والنجاحات المتواصلة للقمة العالمية للحكومات.
على مدى عقد كامل، ومنذ انطلاقتها في عام 2013، خرجت القمة العالمية للحكومات بنتائج مبهرة، من خلال مساهماتها غير المسبوقة في تعزيز قدرة الحكومات على استباق التغيرات المتسارعة والاستعداد لها، وما أثمرته حوارات القمة ومنتدياتها وتقاريرها من تحليلات لأحدث التوجهات المستقبلية، والفرص والتحديات التي تواجهها البشرية، وصياغة الحلول الاستباقية والمبتكرة لها، ما جعل من القمة بحق، المساند الأقوى للإنسانية في التقدم نحو غدها الأفضل، برؤى واضحة، وتوجهات قادرة على توليد فرص عظيمة للازدهار. اللافت أن القمة، وعبر هذه الإنجازات المتواصلة، استطاعت أن ترسخ لنفسها نموذجاً متفرداً، لطرح القضايا والأفكار الاستباقية الخلاقة، بشكل يواكب أحدث التغيرات العالمية المتسارعة، بل ويسبقها في كثير من الأحيان، وهو النموذج الذي تقوده الرؤية الاستثنائية لقيادة الإمارات، التي عُرفت بفكرها الاستشرافي والاستباقي، ومدرستها المتفردة في التخطيط والتنفيذ، وكفاءة إدارتها للتحديات وتحويلها إلى فرص.
وهو أيضاً النموذج الذي جعل من دبي، التي أصبحت عنواناً للمستقبل وصناعته، بفضل قيادة وفكر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي.. جعل منها قبلة العالم ومنصة حواراته، ومظلة تجمع قادته وصناع القرار وأصحاب الفكر من جميع دوله، وفي جميع قطاعات التنمية والتقدم الحيوية.
تظهر قراءة سريعة لأجندة القمة في دوراتها السابقة هذا النموذج بجلاء، كما تظهر الدور الجوهري الذي لعبته القمة في كثير من المراحل والتطورات العالمية، فقد ضمت أجندة القمة في الدورات السابقة، استشرافاً فاعلاً ومؤثراً للتحديات والفرص الواعدة في العديد من القطاعات المستقبلية، والقضايا الملحة التي تهم البشرية جمعاء، وفي مقدمها: التغير المناخي، والأمن الغذائي، والذكاء الاصطناعي، وتصميم وتطوير مدن المستقبل، والأصول الرقمية، وعالم الميتافيرس، والأمن السيبراني، وغيرها.
تنبؤ يعزز الجاهزية
وبرزت أهمية هذا النموذج الاستشرافي بشكل أكبر خلال الدورة السابعة من القمة في عام 2018، والتي جاءت دليلاً على الأهمية العظيمة لهذا المحفل العالمي الاستثنائي، من خلال تنبؤ القمة بتفشي وباء عالمي، ودعوتها إلى التعامل الاستباقي مع مثل هذه الظروف، والجاهزية الكاملة لها، حيث توقعت منظمة الصحة العالمية من منصة القمة، إمكانية تفشي وباء يقتل الملايين، ويتسبب بخسائر اقتصادية فادحة، وبالفعل، هذا ما استذكره العالم سريعاً عند تسجيل أول إصابة بجائحة «كوفيد 19»، في العام التالي لتلك الدورة في 2019، ليشكل الاستشراف والاستباقية في تعزيز الجاهزية للتحديات، العامل الأبرز في قدرة الحكومات ونجاحها في التعامل مع الجائحة.
وفي ظروف الجائحة ذاتها، مثلت الدورة الثامنة من القمة، التي نجحت في جمع حكومات العالم في ختام «إكسبو 2020 دبي»، أهمية مضاعفة، كونها جاءت كأكبر حدث عالمي شامل، في ذلك التوقيت الحاسم، يجمع الحكومات والمنظمات الدولية، ونخبة من رواد الأعمال والشركات الكبرى والقطاع الخاص على منصة واحدة، لتشكيل منظومة الفرص المستقبلية، ودعم الجهود العالمية للخروج من مرحلة جائحة «كوفيد 19»، واستعادة النمو والانتعاش في الاقتصاد والتنمية، وكامل دورة الحياة بكل قطاعاتها الحيوية.
فتح الأبواب أمام الفرص
إن التحليل للمحاور النوعية التي كانت تطرحها أجندة القمة في كل دورة، تكشف عن الأثر الكبير الذي تركته القمة بفتحها الأبواب أمام الفرص الواعدة لمختلف القطاعات الوليدة، عبر منتديات متخصصة، وتقارير دقيقة لتحليل واستشراف هذه الفرص، وتوجهات العالم الجديد، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فقد شهد الذكاء الاصطناعي بكل مجالاته ومستقبل المدن الذكية والحكومات الذكية وأمنها السيبراني، اهتماماً خاصاً على أجندة القمة في مختلف دوراتها، ونحن نشهد اليوم التطورات المذهلة والمتسارعة في هذه المجالات، والتي احتاجت بالفعل إلى هذا الدور المبكر الذي قامت به القمة، لتمكين الحكومات في التعامل معه، كما يدلل على ذلك مجال الميتافيرس، الذي وضعته القمة على أجندة دورتها الماضية، بمنتدى متخصص، ركز على أهم معالم القطاع خلال العقد المقبل، وهو ما يتنظر أن يحدث اختراقات وتحولات كبيرة في جميع مجالات العمل والحياة في المستقبل القريب.
كما كان للقمة سبق جوهري في دعوتها، من خلال أحد تقاريرها، إلى ضرورة تنظيم العملات والأصول المشفرة، وتحقيق التوازن بين دورها في النظام المالي، مقارنة مع العملات التقليدية والعملات الرقمية للمصارف المركزية، وتسليطها الضوء على ما توفره تقنية البلوك تشين من فرص استثمارية كبيرة، وتركيزها على ضرورة التعاون لتطوير منظومة تشريعات داعمة لهذا المجال الحيوي، وضمان استمرار نموه وازدهاره. وهذه المجالات وجدت اهتماماً مبكراً من القمة، منذ دورتها في عام 2016، لتواصل بعد ذلك تقديم المساهمات النوعية في استشراف تحديات وفرص هذه القطاعات المتنامية.
أما في قضية التغير المناخي، فقد انطلق الاهتمام الخاص بها من القمة العالمية للحكومات، من الإيمان الكبير لقيادة الإمارات بأن مواجهة التغير المناخي، هو المعركة المصيرية الأهم، والأكثر إلحاحاً أمام البشرية، خلال هذه المرحلة، وتمثل هذا الاهتمام بوضع التغير المناخي في مقدم القضايا الرئيسة للقمة، التي دعمت هذه القضية بالحوارات والمنتديات والتقارير الخاصة، والدعوات المتسمرة، ووضع الحلول المبتكرة لتبني الاستدامة والطاقة النظيفة، والتعامل السريع والجذري مع هذه القضية الملحة.
أجندة ترسم الأولويات
رسخت القمة العالمية للحكومات، عبر دوراتها السابقة، تاريخاً من النجاحات المهمة، عبر نموذجها الاستشرافي، وأجندتها السباقة على التغيرات والتحولات العالمية، لتتمكن من خلال هذه النجاحات، من رسم الأولويات الأهم لحكومات العالم التي تنشد التطور لها ولمجتمعاتها، وتواصل القمة اليوم، عبر نموذجها المتفرد، والفكر الذي يقودها، صياغة هذه الأولويات والتوجهات، لتحقيق الغاية الأولى والأسمى، وهي خدمة الإنسان وحضارته وتقدمه وتطوره الدائم، حيث تحفل أجندة الدورة الحالية، بمحاور رئيسة غاية في الأهمية، تشمل: مستقبل المجتمعات والرعاية الصحية، وحوكمة المرونة الاقتصادية والتواصل، والتعليم والوظائف، كأولويات الحكومة، وتسريع التنمية والحوكمة، واستكشاف آفاق جديدة، وتصميم واستدامة المدن العالمية.
7
تقدم الدورة الحالية من القمة العالمية للحكومات 7 جوائز عالمية، إذ يتم توزيعها تقديراً لوزراء الحكومات وممثلي القطاع الخاص والمبتكرين والمبدعين لمساهماتهم الاستثنائية في بناء مجتمع أفضل للبشرية.
وتشمل الجوائز: جائزة أفضل وزير في العالم، وتحدي الجامعات العالمي لاستشراف حكومات المستقبل، وجائزة ابتكارات الحكومات الخلاقة، والجائزة العالمية لفن عرض البيانات، وجائزة التميز الحكومي العالمي، والجائزة العالمية لأفضل التطبيقات الحكومية، و«هي تربح».
80
تشهد الدورة الحالية من القمة العالمية للحكومات 80 اتفاقية ثنائية واجتماعاً رئيسياً وستتيح القمة الفرصة لصناع القرار من حول العالم لترسيخ التعاون لخير الشعوب وتبادل النظرة المستقبلية حول العمل الحكومي الذي تتفوق فيه الفرص على التحديات.
مضاعفة الفرص
استشراف مبكر لقطاعات الأصول الرقمية والميتافيرس والذكاء الاصطناعي ضاعف الفرص
حلول ملحة
أجندات القمة حفلت بحلول لقضايا عالمية ملحة مثل التغير المناخي والأمن الغذائي
قمة حاسمة
أهمية مضاعفة للقمة في ختام إكسبو دبي بجمعها العالم في وقت حاسم لتشكيل منظومة الانتعاش
قطاعات حيوية
قدمت القمة استشرافاً مبكراً لقطاعات حيوية مثل الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين وفرصها اللا محدودة