أكد خبراء ومختصون في الأرصاد الجوية والطقس، أن الحالة الجوية التي شهدتها الدولة مؤخراً تعتبر حالة استثنائية من حيث كميات الأمطار التي سقطت خلال 24 ساعة، والتي سجلت معدلات قياسية بلغت في بعض المناطق قرابة 250 ملم، مشيرين إلى أن مثل هذه الكميات من الأمطار لا يتم تسجيلها إلا نادراً، وخصوصاً في دول الخليج العربية، وعادة ما تسجل مثل هذه الكميات أثناء حدوث الأعاصير المدارية.
وأشار الخبراء والمختصون، إلى أن استعداد الدولة مبكراً من خلال تفعيل منظومة الدراسة والعمل عن بعد واتباع المرونة وإرشادات السلامة في مواقع العمل والتنبيهات المستمرة بحالة الطقس، ساهمت في الخروج بتعامل مثالي مع الحالة، لافتين إلى أن كميات الأمطار التي سقطت خلال 8 ساعات من ذروة الحالة الجوية كانت شديدة الغزارة، وتسببت في حدوث سيل جارف للتربة وجريان أودية كانت منسية منذ عقود، كما أن كميات الأمطار التي تجمعت فاقت قدرة التربة على امتصاصها، وشكلت ضغطاً كبيراً على قنوات تصريف المياه والبنية التحتية.
وقال خبير الأرصاد عمر النعيمي، إن الحالة الماطرة التي شهدتها دولة الإمارات كانت استثنائية بكل المقاييس، حتى إن العديد من كبار المواطنين أكدوا أنهم لم يشاهدوا كميات أمطار كالتي هطلت قبل أيام. وأوضح أن الحالة الجوية وغزارة الأمطار سجلت جرياناً تاريخياً للأدوية في مختلف إمارات الدولة، وبلغ فيها منسوب المياه مستويات قياسية.
وأوضح أنه ومن قوة جريان المياه شق بعضها طرقاً مختلفة على غير المعتاد، لافتاً إلى أن الحالات الجوية يمكن الاستعداد لها وتوقع كميات الأمطار بصورة نسبية، ولكن حدوث تجمعات المياه وجريان الأودية ومساراتها لا يمكن التعامل معه إلا بعد انتهاء الحالة الجوية. في السياق، قال خبير الأرصاد فهد محمد، إنه وخلال متابعته لأكثر من 70 حالة جوية في الدولة والحالات الجوية في دول الخليج لم يرصد كميات الأمطار الغزيرة كالتي شاهدها في الحالة الجوية مؤخراً، مشيراً إلى أن غزارة الأمطار تسببت في جريان تاريخي للأدوية وجريان أودية كانت منسية لم يسبق لها الجريان ولم يشاهدها أبناء الجيل الحالي.
موجات متتالية
بدوره، قال الدكتور أحمد حبيب، خبير الأرصاد الجوية من المركز الوطني للأرصاد، إن الدولة تأثرت بحالة جوية نادرة واستثنائية، موضحاً أن السبب يعود إلى منخفض جوي متعمق قادم من الجنوب الغربي والشرقي من بحر العرب، ما أدى إلى تحرك كتلة هوائية رطبة ودافئة باتجاه عمان والإمارات، وأضاف أنه بينما تحركت هذه الكتلة في الطبقة السطحية من الغلاف الجوي، تزامن ذلك مع امتداد منخفض جوي في طبقات الجو العليا قادم من الشمال الغربي، مصاحباً كتلة هوائية رطبة وباردة نسبياً. وأشار إلى أن هذه الحالة تعد من حالات عدم الاستقرار القوية وهي استثنائية بسبب كميات الأمطار التي سقطت، وهي كمية ضخمة بالنسبة للمساحة، لاسيما مع الموجة الأكثر تأثيراً التي كانت يوم الثلاثاء.
سلامة الأفراد
وأبان أن هذه الكميات من الأمطار هي الأقوى خلال 75 عاماً، وعملت جهود المركز الوطني للأرصاد الجوية على تنبؤ بالموجة قبلها بـ 3 أيام، من خلال رسم تفصيلي لمصدر الكتل الهوائية واتخاذ الإجراءات الضرورية وإبلاغ الجهات المختصة مسبقاً لضمان تحقيق الاحترازات اللازمة، لافتاً إلى أننه وأثناء الحالة، أصدر المركز التحذيرات بالأماكن المتأثرة بالسحب الركامية والأمطار والبرد والعواصف الرعدية، لاتخاذ التدابير وضمان سلامة أفراد المجتمع.
من جهته، قال يونس الشيزاوي، خبير الأرصاد الجوية في سلطنة عمان، إن كميات الأمطار كانت غزيرة وإن التأثير وقع بشدة نسبة للكمية العالية، حيث كانت شاملة المناطق مساحياً ووقعها أكبر بالنسبة للكميات المعتادة، مبيناً أن التأثير الأكبر وقع على دولة الإمارات وشمال الباطنة في سلطنة عمان، حيث كانت الأمطار تتزايد بموجات متتالية تجاوزت 160 ملليمتر خلال 5 ساعات متتالية.
عوامل
في السياق، قال الدكتور فارس هواري، عميد كلية العلوم في جامعة ولاية جورجيا في فورت فالي بأمريكا، إن الحالة الجوية التي شهدتها دولة الإمارات، وسلطنة عمان، ناتجة عن مجموعة من العوامل المتداخلة، أدت إلى رفع منسوب مياه الأمطار التي شهدتها دولة الإمارات وسلطنة عمان.
وأوضح أن جهوزية الدولة واستباقيتها للحدث بقرار جعل الدراسة والعمل عن بعد والتنسيق مع المؤسسات المعنية مثل الدفاع المدني والشرطة والبلديات، ساهمت في الخروج بتعامل مثالي مع الحالة.
موارد مائية
ولفت إلى أن هطول الأمطار بهذه الغزارة يمثل حدثاً استثنائياً له فوائد عدة، بما في ذلك زيادة المتوسط السنوي للأمطار في الإمارات، ما يعود بالنفع على الموارد المائية، كما تسهم الأمطار الغزيرة في تعزيز مخزون المياه الجوفية في الدولة، وهذه الزيادة في مخزون المياه لا تساعد فقط في تأمين احتياجات الدولة المائية على المدى القريب، بل تساهم في تحسين الأمن المائي على المدى الطويل، ما يشكل دعامة أساسية للتنمية المستدامة في الإمارات.