تشهد دولة الإمارات نقلة نوعية في حجم الاستثمارات في قطاع الذكاء الاصطناعي، إذ أصبحت مسيطرة على كل الصناعات والمجالات، والأنشطة الرئيسية في الحياة اليومية، بعد أن أطلقت حكومة الدولة استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي- وفقاً للرئيس الأكاديمي لكلية الرياضيات وعلوم الكمبيوتر في جامعة «هيريوت وات» دبي ستيفن جيل، الذي أضاف أنّ هذه المبادرة تمثل المرحلة الجديدة بعد الحكومة الذكية، التي ستعتمد عليها الخدمات والقطاعات والبنية التحتية المستقبلية في الدولة، مشيراً إلى أنّ الدولة أثبتت اهتمامها البالغ بالاستثمار في هذا المجال.
وأكد جيل أن دراسات عالمية متخصصة أشارت إلى أنّ حجم الاستثمار في قطاع الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي في المنطقة العربية والشرق الأوسط سيتجاوز 320 مليار درهم حتى 2030، فيما ستستفيد الإمارات منها بـ100 مليار درهم، كما تشير تقديرات «برايس ووترهاوس كوبرز»، إلى أن منطقة الشرق الأوسط ستستحوذ على 2% فقط من الفوائد العالمية للذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030، أما الإمارات ستتمتع بأكبر قدر من النمو، حيث يمثل الذكاء الاصطناعي 13.6% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2030.
وأوضح أنّ تطبيقات الذكاء الاصطناعي أصبحت متطورة ومتخصصة وشديدة التعقيد، كما أدت الجائحة إلى تسريع معدل استخدام تطبيقات وحلول الذكاء الاصطناعي في مجالات عدة، خصوصًا مع الإغلاق والإجراءات الاحترازية بما فيها التباعد الاجتماعي، كما أصبح هناك اعتماد أكبر على التكنولوجيا وبات الذكاء الاصطناعي يحل محل الوظائف البشرية المتكررة.
ونوّه بأن الذكاء الاصطناعي أصبح قيد الاستخدام على نطاق واسع، وأدى هذا الاستخدام إلى تعزيز القدرات البشرية، بل وتجاوزها أحيانا، وذكر بعض الأمثلة على التطبيقات التي تستخدم، حاليا، منها التعرف على الأصوات التي تساعد هذه التكنولوجيا في التشخيص الطبي على سبيل المثال، حيث تساعد بعض البرامج في تشخيص أمراض مثل الاكتئاب من خلال نبرة الصوت، والتعرف البيومتري والذي يمكن من خلاله فتح الهواتف باستخدام وجه المستخدم ككلمة مرور، وتوقع نمط الحياة للمستخدمين، والتي تقترح منصات وسائل التواصل الاجتماعي موضوعات تهمك ومنتجات والمزيد بناءً على أنماط الاستخدام.
وتابع جيل: «في المستقبل سنرى العديد من حالات الذكاء العاطفي الاصطناعي تنتقل إلى مجالات وصناعات جديدة تمامًا، ما يساعد المؤسسات على إنشاء تجربة عملاء أفضل عبر التحليلات التنبؤية والخدمات الآلية؛ لتحقيق توفير حقيقي في التكاليف».
القطاع الصناعي
وعن توظيف الذكاء الاصطناعي في القطاع الصناعي، أوضح جيل أنه تمّ الاستفادة من هذه التطبيقات في كثير من المجالات خصوصاً في السنوات الأخيرة، مشيراً إلى أنّ «ماكينزي» توقعت أنه بحلول 2030، يتم أتمتة 45% من الأعمال في الشرق الأوسط، حيث أصبحت تقنيات الذكاء الاصطناعي قادرة على إحداث تحول جذري وإيجابي في شتى المجالات، وخصوصاً بالقطاع الصناعي، فقد ساهم الذكاء الاصطناعي على خفض تكاليف التشغيل، وزيادة الأرباح والإنتاجية، وتطوير أساليب عمل جديدة أكثر كفاءة، وإيجاد حلول لبعض التحديات.
وذكر أنّ الذكاء الاصطناعي له مميزات كثيرة في هذا القطاع، حيث ساعد في تطوير الأعمال وجعلها أكثر أماناً، وفي تسهيل العمليات المعقدة، إضافة إلى التصدي لمخاطر الأمن السيبراني التي تعاني منها كثير من المؤسسات والشركات، موضحاً أنّه من إحدى طرق توظيف الذكاء الاصطناعي في القطاع الصناعي.. تستطيع التكنولوجيا تحليل كميات هائلة من البيانات، ما يساعد في تحسينات وتطور سلاسل التوريد، واتخاذ القرار فيما يتعلق بتخصيص الموارد وتوزيع المهام وتطوير العمليات والخدمات، ما يؤدي إلى زيادة الإنتاجية ورفع الكفاءة التشغيلية.
أتمتة الوظائف
وقال جيل إنّ هناك استيعاباً متزايداً لأهمية الذكاء الاصطناعي، حيث أصبح الآن جزءاً من الحياة يظهر تأثير هذا من نواحٍ كثيرة، وعلى سبيل المثال، تقدر دراسة الذكاء الاصطناعي العالمية لشركة PwC أنه بحلول عام 2035، قد تكون 30% من الوظائف معرضة لخطر الأتمتة.
واستكمل: «هنا يأتي الطلب المتزايد على المهارات لتلبية المتطلبات المتغيرة بسبب التطور في مجالات الذكاء الاصطناعي الذي نشهده.. يمكن للناس الاستعداد والتصدي لفجوة المهارات من خلال تطوير المهارات التي ستساعدهم على البقاء والحفاظ على وظائفهم بل وتساعدهم على إتمام مهامهم الوظيفية بكفاءة وسلاسة».