
عمود صحفي بقلم الأستاذ بدر راشد البلوشي، رئيس مجلس إدارة شركة الخليج العربي للعقارات
تمّر دولة الإمارات بمرحلة تحوّل حضري واسعة النطاق، آخذة في الاعتبار الارتفاع في عدد السكان القادمين للعمل وتنامي مستوى العيش الفاره المدعوم ببنية تحتية وشبكة اتصال قلّ نظيرهما في العالم. وفي ظلّ هذا الواقع، يشهد القطاع العقاري تطوراً كبيراً من حيث الرؤية وآليات التطوير العمراني.
وفي السابق، ارتبط تقييم أداء المطوّرين العقاريين بحجم المشاريع المنفّذة. أما اليوم، فقد أصبح التركيز مُنصبًا على جودة التخطيط، وملاءمته للمتغيرات المجتمعية، ومدى توافقه مع احتياجات السكان الفعلية. والنمو الحضري المقبل يتطلب تطوير بيئات معيشية تركز على الإنسان، وتستند إلى مبادئ الاستدامة، والتصميم الذكي، والتخطيط بعيد المدى.
وقد وضعت خطة دبي الحضرية 2040 إطارًا طموحًا لمدينة مترابطة ومُستدامة، ترتكز على المجتمعات. وتنفيذ هذه الرؤية يستدعي شراكة فعلية مع القطاع الخاص، بما يشمل المطورين والمصممين والمخططين والمشغلين، الذين تقع عليهم مسؤولية إدماج مفاهيم النمو المتوازن والتصميم الشامل في كل مرحلة من مراحل المشروع.
وتعتمد شركتنا في رؤيتها للتنمية الحضرية على ثلاث ركائز أساسية:
- 1. أولوية المجتمعات المتكاملة
لم يعد السكان اليوم يبحثون عن مساكن فحسب، بل يتطلعون إلى أحياء متكاملة يسهل التنقل فيها، وتتميز بالتنوع والحيوية. وينبغي أن تشمل المشاريع العمرانية مكونات تتجاوز السكن والاعمال، لتضم عناصر ثقافية وتعليمية وصحية وترفيهية، بما يضمن نمط حياة متكامل. كما أنه أصبحت قابلية العيش معيارًا أساسيًا، وليست ميزة إضافية.
- التكيف مع التحولات في أنماط الحياة
تشهد أنماط المعيشة تغيرًا ملحوظًا نتيجة انتشار العمل عن بُعد وتغير بنية الأسر. ويتطلب ذلك من المطورين اعتماد نهج مرن في تصميم المساحات والخدمات والمرافق. وسواء تعلق الأمر بمناطق مجتمعية متعددة الاستخدامات أو نماذج خدمية تعتمد على الحلول الرقمية، فإن التخطيط يجب أن يتماشى مع واقع الحياة المتغير.
- 3. المجتمع السكني كأصل استراتيجي طويل الأمد
إن أنجح المشاريع هي تلك التي توفر بيئة يشعر فيها الأفراد بالانتماء والمشاركة. ويتطلب ذلك الاستثمار في بناء هوية مكانية واضحة، تشمل المساحات الخضراء، وحلول التنقل المتقدمة، ودعم الاقتصاد المحلي الذي يتيح للمشاريع الصغيرة ورواد الأعمال النمو والازدهار. وإن القيمة العقارية أصبحت اليوم مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالقيمة الاجتماعية التي توفرها للمجتمع.
والقطاع العقاري يشغل موقعًا استراتيجيًا يؤهله للإسهام الفاعل في مسيرة التنمية الشاملة لدولة الإمارات. ومن خلال التخطيط الرشيد والتنفيذ المدروس، يمكن لهذا القطاع أن يؤدي دورًا جوهريًا في تحسين جودة الحياة وتحقيق الرؤى الوطنية نحو مدن متقدمة، مستقرة، ومستدامة.
فالمدن التي يتم تطويرها اليوم ترسم ملامح الحياة في المستقبل. والتخطيط الواعي في الحاضر هو ما يصنع جودة المعيشة في الغد.