تتعرض أبرز مواقع قرصنة الأفلام والمسلسلات في العالم العربي للإغلاق تباعاً، بينها منصات ذائعة الصيت، مثل “إيجي بست” و”ماي سيما”. أغلقت السلطات المصرية “ماي سيما”، ولم يعد “إيجي بست” متاحاً للجمهور، وهما أكبر موقعين لقرصنة الأفلام والمسلسلات في العالم العربي. وتطارد شركات الترفيه الكبرى مواقع القرصنة العربية، ضمن جهود يقودها تحالف يضم “نتفليكس” و“ديزني” وOSN وMBC.
وعبّر المستخدمون على مواقع التواصل عن غضبهم من اختفاء هذين الموقعين وغيرهما. “ماي سيما” موقع يستقبل أكثر من 50 مليون زيارة شهرياً، ويعرض 12 ألف فيلم و26 ألف مسلسل تلفزيوني، ما يجعله ثاني أكبر موقع قرصنة في المنطقة، بحسب موقع تحالف الإبداع الترفيهي. ويعتبر الموقع من الأكثر شهرة في مصر، إذ كان من بين أكثر عشرة مواقع زيارة في البلاد. كما حقق عدداً كبيراً من الزيارات من الدول العربية، مثل الجزائر والمغرب وتونس. وأدت طريقة عمل الموقع إلى تحقيق إيرادات هائلة من عائدات الإعلانات، لكن مالكي حقوق هذه الأعمال كانوا يعملون بجد في محاولة لإيقاف المنصة. ونتيجة للعملية الأخيرة، توقف ما يقرب من 70 اسم نطاق تابع للموقع عن العمل. ويرى الزائرون صفحة خطأ في واجهة الموقع.
ونقل موقع التحالف عن مديرة التسويق في منصة شاهد، ناتاشا ماتوس همنغواي، أن “ماي سيما” اعتُبر “كأحد أكبر مواقع القرصنة التي كانت تبث المحتوى بشكل غير قانوني. وبالطبع، هذا قد أثر على أعمالنا لأنه يؤثر على أي شركة إنتاج إعلامي في المنطقة”.
ماي سيما يستقبل أكثر من 50 مليون زيارة شهرياً، ويعرض 12 ألف فيلم و26 ألف مسلسل تلفزيوني
قاد تحالف الإبداع الترفيهي ACE الذي يضم “نتفليكس” و”ديزني” وOSN وMBC، وbeIN وغيرها من اللاعبين البارزين في صناعة الترفيه، مهمة إبلاغ سلطات إنفاذ القانون في مصر عن “ماي سيما”.
انطلق ACE من هوليوود لكنه توسع في جميع أنحاء العالم في السنوات الأخيرة. وهذا يشمل منطقة الشرق الأوسط، إذ كان لـOSN وMBC، دور في إغلاق “ماي سيما”. ولفت موقع التحالف إلى أن “ماي سيما” كان يدير عملياته من الإسكندرية. وبناءً على إحالة ACE، تمكنت السلطات المصرية من وقف عمليات الموقع خلال الأيام الأخيرة.
وتوعّد رئيس حماية المحتوى العالمي في جمعية الفيلم الأميركي، جان فان فورن، مشغلي مواقع القرصنة بأنهم سيواجهون عواقب أفعالهم، بغض النظر عن مكان عملهم. ونقل عنه موقع التحالف قوله إن “الإغلاق الأخير في الشرق الأوسط يعزز حقيقة أنه بغض النظر عن مكان وجودهم في العالم، لا يمكن للموزعين المجرمين للمحتوى المقرصن أن يختبئوا”.
“إيجي بست” هو أضخم موقع لقراصنة الأفلام والمسلسلات في العالم العربي، ولطالما كان عدواً صعب الهزيمة لشركات الترفيه، إذ أوقف عام 2019 بعد جهود شملت أيضاً جمعية الفيلم الأميركي، لكن غيابه لم يطُل. تمكن اسم الموقع من البقاء من خلال مواقع مقلدة عدة وعمليات إعادة توجيه، كما عاد نطاق Egy.best الأصلي أيضاً كلاعب قرصنة مهيمن في مصر والعالم العربي.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، وصف الممثل التجاري للولايات المتحدة موقع “إيجي بست” بواحد من أقدم بوابات قرصنة الأفلام في المنطقة. ووفقاً لجمعية الفيلم الأميركي، استقبل الموقع أكثر من 130 مليون زيارة شهرياً. ومن المثير للاهتمام أن نطاق Egy.best الرئيسي أصبح غير قابل للوصول مرة أخرى في ديسمبر/كانون الأول الماضي. ويكتنف الغموض هذا الاختفاء الأخير، ولا تزال هناك نسخ كثيرة من الموقع قيد التشغيل.
استقبل موقع إيجي بست أكثر من 130 مليون زيارة شهرياً
يتجه مستخدمو الإنترنت بشكل متزايد إلى مواقع قرصنة المحتوى لمشاهدة الأفلام والمسلسلات بشكل غير قانوني. ووفقاً لدراسة أميركية، زادت قرصنة المحتوى بنسبة 18 في المائة عام 2022، وهو وضع لم يشهده العالم منذ 2020 حين صعدت منصات البث كملجأ لتمضية الوقت خلال جائحة كوفيد-19. وكان يُعتقد أن انتشار منصات البث، مثل “نتفليكس” و”ديزني بلس” و”برايم فيديو” ونجاحها، قد حلّ مشكلة قرصنة محتوى الأفلام والتلفزيون. لكن يبدو أن الأمر ليس كذلك، وفقاً لدراسة نشر تفاصيلها موقع فرايتي.
ويمكن تفسير الزيادة العالمية في الاهتمام بالمواقع غير القانونية بالعدد المتزايد للمحتوى الحصري، ما شتت الأفلام والمسلسلات الهامة بين المنصات، والتضخم، وارتفاع أسعار الاشتراك. وتقدّر الدراسة التي أجرتها شركة موسو لبيانات القرصنة العالمية أن مواقع قرصنة المحتوى شهدت عالمياً 215 مليار زيارة في 2022، ما يعني زيادة قدرها 18 في المائة مقارنة بـ2021.
من بين المحتوى الأكثر قرصنة، تمثل المسلسلات ما يقرب من نصف الزيارات (46 في المائة)، مقابل 13 في المائة للأفلام. لكن شهدت قرصنة الأفلام قفزة في المشاهدات بلغت نسبتها 38.6 في المائة في عام واحد، إذ تجاوز نمو الأفلام المقرصنة نمو المحتوى التلفزيوني الذي نما بنسبة 8.8 في المائة مقارنة بعام 2021. تعلّق الدراسة بأن “مواقع قرصنة الأفلام والمسلسلات تسمح بالوصول الفوري إلى المحتوى، بدلاً من الاضطرار إلى انتظار نسخة مادية أو طرح الفيلم في بلد معين”. ومن بين أكثر المسلسلات التي شوهدت بطريقة غير قانونية “بيت التين” و”خواتم القوة”، بينما تصدر “توب غن: مافريك” و”باتمان” قائمة الأفلام المشاهدة بطريقة غير قانونية.
من بين أكثر المسلسلات التي شوهدت بطريقة غير قانونية “بيت التين” و”خواتم القوة”، بينما تصدر “توب غن: مافريك” و”باتمان” قائمة الأفلام المشاهدة بطريقة غير قانونية
وعلى الرغم من الاعتقاد السائد، فلا يزال مستهلكو المحتوى المقرصن ينفقون أموالهم على المحتوى القانوني. ونقلت مجلة فوربس عن الدراسة أن هؤلاء “يلجأون إلى القرصنة للوصول إلى محتوى غير متوفر في منطقتهم، أو ليس في المتناول في ذلك الوقت، لكن هذا الجمهور سيظل ينفق مبالغ كبيرة على المحتوى القانوني عندما تتاح له الفرصة”.
وتغيرت أنماط استهلاك المحتوى المقرصن، إذ في الماضي كان المشاهدون يستخدمون مواقع تورنت (منصات تنزيل الملفات الكبيرة) للحصول على المحتوى بطريقة مجانية ولكنها غير قانونية. لكن مواقع البث غير القانونية أصبحت اليوم هي المستحوذة. وصحيح أن 57 في المائة من الأفلام المقرصنة تشاهَد عبر مواقع بث المحتوى المقرصن، مقارنة بـ16 في المائة عبر ملفات تورنت، لكن 95 في المائة من المسلسلات تشاهد بشكل غير قانوني على مواقع البث، مقارنة بـ2 في المائة فقط عبر تورنت. ويعرف المستهلكون للمحتوى المقرصن كيف يصلون إلى محتواهم من دون سؤال محركات البحث. وأوضح موقع فرايتي أن ربع زيارات هذه المواقع فقط يأتي من خلال محركات البحث، بينما 65 في المائة من الزيارات تأتي مباشرة إلى الموقع.