خلصت دراسة كبرى حديثة إلى أن عدد سكان كل دول العالم تقريبا سيتراجع بحلول نهاية القرن، محذرة من أن طفرات المواليد في الدول النامية وتدهورها في الدول الغنية ستؤدي إلى تغير اجتماعي هائل.
ويشهد نصف بلدان العالم تقريباً معدل خصوبة منخفض للغاية حالياً، بما لا يتيح لها الحفاظ على حجم سكانها، وفق ما أفاد فريق دولي يضمّ مئات الباحثين في نتائج الدراسة التي نشرتها الأربعاء مجلة “ذي لانست”.
وباستخدام كمية هائلة من البيانات العالمية عن الولادات والوفيات والأسباب المحفّزة للخصوبة، حاول الباحثون التنبؤ بمستقبل سكان العالم.
وخلص هؤلاء في الدراسة التي أجراها معهد القياسات الصحية والتقييم (IHME) ومقره الولايات المتحدة، إلى أنه عدد سكان ثلاثة أرباع بلدان العالم سيتقلص بحلول عام 2050.
وتوقع الباحثون أنه في نهاية القرن، سينطبق ذلك على 97 في المئة من البلدان، أو 198 من أصل 204 دول ومناطق.
وبحسب الدراسة، وحدها ساموا والصومال وتونغا والنيجر وتشاد وطاجيكستان ستسجل معدلات خصوبة متوقعة تتجاوز مستوى الإحلال البالغ 2,1 مولود لكل أنثى في عام 2100.
خلال القرن الحالي، ستستمر معدلات الخصوبة في الارتفاع في البلدان النامية، خصوصاً تلك الموجودة في منطقة جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا، رغم تباطؤ هذه الزيادة في الدول الأكثر ثراءً وشيخوخة.
وقال كبير معدي الدراسة ستاين إميل فولست من معهد القياسات الصحية والتقييم، في بيان إن “العالم سيواجه في الوقت نفسه طفرة مواليد في بعض البلدان وكساد مواليد في بلدان أخرى”.
“تداعيات هائلة”
وقال فولست “إننا نواجه تغيراً اجتماعياً مذهلاً خلال القرن الحادي والعشرين”.
وتحدثت ناتاليا بهاتاشارجي، الباحثة في معهد القياسات الصحية والتقييم عن “تداعيات هائلة” لهذا الوضع.
وقالت “هذه الاتجاهات المستقبلية في معدلات الخصوبة والمواليد الأحياء ستعيد تشكيل الاقتصاد العالمي وتوازن القوى الدولي بالكامل، وستتطلب إعادة تنظيم المجتمعات”.
وبمجرد أن يتقلص عدد سكان كل دولة تقريباً، فإن الاعتماد على الهجرة المفتوحة سيصبح ضرورياً لدعم النمو الاقتصادي.
لكنّ خبراء منظمة الصحة العالمية حثوا على توخي الحذر بشأن هذه التوقعات.
وأشاروا إلى مواضع قصور عدة في النماذج، بما يشمل خصوصاً نقصاً في البيانات من دول نامية عدة.
وكتب خبراء منظمة الصحة العالمية في مجلة “ذي لانست” أن التواصل بشأن الأرقام “لا ينبغي أن يكون مبنياً على الإثارة، بل يجب أن يكون دقيقاً، ويوازن بين المنحى التشاؤمي والتفاؤل”.
وأشاروا أيضاً إلى فوائد محتملة من تراجع عدد السكان، بما يطال البيئة والأمن الغذائي. ولكن هناك عيوب في ما يتعلق بحجم اليد العاملة، والضمان الاجتماعي، و”الجغرافيا السياسية القومية”.
كما أكدت الباحثة في مجلس البحوث الوطني الإسباني تيريزا كاسترو مارتن، غير المشاركة في الدراسة، أن هذه الأرقام مجرد توقعات.
وأشارت إلى أن دراسة “ذي لانست” تتوقع أن ينخفض معدل الخصوبة العالمي إلى ما دون مستويات الإحلال بحلول عام 2030، “في حين تتوقع الأمم المتحدة أن يحدث ذلك بحدود العام 2050”.
وكانت هذه الدراسة بمثابة تحديث لدراسة العبء العالمي للأمراض التي أجراها معهد IHME. وأصبحت المنظمة، التي أنشأتها مؤسسة بيل وميليندا غيتس في جامعة واشنطن، مرجعا عالميا للإحصاءات الصحية.