تتعرض الحياة البرية لتهديد غير مسبوق من النشاط البشري، لكن، تشير الأبحاث إلى أنه مع مراعاة المكان والزمان، حتى الأنواع الحيوانية والنباتية المهددة بالانقراض قد تعود مجددًا.
وكشف تقرير صادر في عام 2022، بتكليف من منظمة “Rewilding Europe” غير الربحية، عن أن العديد من أنواع الطيور والثدييات الأوروبية كانت تتكاثر مجددًا “ما يسلط الضوء على ميل الحياة البرية إلى الانتعاش والاستعمار عندما تتاح لها الفرصة”.
وفي بعض الأحيان، يمكن أن تتمثل هذه الفرصة ببساطة بمغادرة البشر لمكان ما، الأمر الذي يسمح للطبيعة بغزوه.
تا بروهم، كمبوديا
استُخدم هذا المعبد كخلفية بفيلم “لارا كروفت: تومب رايدر” للممثلة الأمريكية أنجلينا جولي في عام 2001. يقع شرق أنغكور توم، العاصمة القديمة لإمبراطورية الخمير.
وشُيّد في أواخر القرن الثاني عشر كدير بوذي وجامعة، وكان يعيش في محيطه أكثر من 12500 شخص يخدمون المعبد، بالإضافة إلى 80 ألف آخرين في القرى المجاورة. وتم التخلي عن المعبد والمناطق الحرجية المحيطة به بعد ثلاثة قرون، عندما نقل الملك عاصمة الإمبراطورية بعيدًا عن أنغكور.
منذ ذلك الحين، تُرك المعبد ما سمح للأشجار بالنمو في جميع أنحاء المجمع، وأكثرها شهرة على “إنستغرام”، أشجار التين العملاقة، والبانيان، والكابوك، التي تغلف جذورها جدران المعبد.
هوتووان، جزيرة شينغشان، الصين
فاق عدد سكان قرية الصيد هذه 3 آلاف نسمة سابقًا، غير أنّ موقعها البعيد على جزيرة شينغشان التي تشكل جزءًا من أرخبيل تشوشان، صعّب إمكانية التعلّم، والعمل، والحصول على الغذاء، ذلك أن الوصول إلى البر الرئيسي يحتاج إلى السفر لأكثر من خمس ساعات.
هذا الواقع حث الناس على النزوح في تسعينيات القرن الماضي، وبحلول عام 2002، أصبحت القرية مهجورة تمامًا.
وسمح ذلك للطبيعة باستعادة الأرض، حيث غطّت النباتات المتسلّقة الخضراء كل ما خلّفه الناس.
وادي مانغابوروا، نيوزيلندا
بعد الحرب العالمية الأولى، عُرضت الأرض الواقعة بوادي مانغابوروا في الجزيرة الشمالية لنيوزيلندا على الجنود العائدين من الخدمة العسكرية. افتتحت المستوطنة في عام 1919، واستوطنها 40 جنديًا مع عائلاتهم، وسعوا لمحاولة العيش على الأرض، غير أن بعد الوادي وضعف التربة الزراعية أدّى إلى هجره بالكامل بحلول منتصف أربعينيات القرن المنصرم، ما سمح للغابة بالنمو مجددًا وعودة الحيوانات المحلية.
السفينة البخارية يونغالا، أستراليا
بعد غرق سفينة “يونغالا SS” قبل أكثر من قرن في قاع البحر، أصبحت أكبر حطام لسفينة في أستراليا وأكثرها سلامة، نظامًا بيئيًا يوفر موطنًا لبعض أروع الكائنات في المحيط.
في عام 1911، قبل عام واحد من إبحار سفينة “تايتانيك”، أغرق إعصار ياسي السفينة في المنتزه البحري للحاجز المرجاني العظيم، ما تسبّب بفقدان جميع الركاب وأفراد الطاقم البالغ عددهم 122 شخصًا في البحر. لقد كانت واحدة من أكثر الكوارث البحرية مأساوية بتاريخ أستراليا، وبعد البحث الأولي الذي دام سبعة أيام تبيّن أنها فارغة. ولم تُكتشف السفينة حتى تم التعرف عليها في عام 1958.
يبلغ طول بقايا الحطام 109 أمتار، ويغطيها السجاد المرجاني ذات الألوان الزاهية، وتشكل موطنًا لمئات الأنواع المختلفة، من السلاحف ضخمة الرأس، والشفنينيات الرخامية، وأسماك القرش الثور، وثعابين موراي.
إلها دا كويمادا غراندي، البرازيل
تقع قبالة ساحل ساو باولو في جنوب شرق البرازيل، وهي جزيرة تحيط بها المنحدرات وتغطيها الغابات الاستوائية المنخفضة والمراعي. لكن إذا كنت تعتقد أنها وجهة مثالية لقضاء العطلات، فقد تغير الحياة البرية المحلية رأيك.
ورغم صغر حجمها، إلا أن إلها دا كويمادا غراندي تُعتبر موطن أكبر عدد من الثعابين الذهبية في العالم التي يقدر عددها بحوالي 2000، ما أكسبها لقب جزيرة الثعابين. وبصرف النظر عن الثعابين، تشمل حيوانات الجزيرة الخفافيش، والسحالي، ونوعين من طيور الجواثم المقيمة (طائرا النمنمة والموز)، بالإضافة إلى العديد من الطيور المهاجرة والطيور البحرية، مثل طائر الأطيش البني الذي يزور الجزيرة.
وقال مارسيو مارتينز، أستاذ علم البيئة بجامعة ساو باولو، لـCNN إن الجزيرة كانت ذات يوم جزءًا من الجرف القاري البرازيلي، لكن انخفاض منسوب سطح البحر وارتفاعه تسبب بعزلها تمامًا بمياه البحر منذ حوالي 11000 عام.
المنطقة منزوعة السلاح في كوريا
بعد مرور 70 عاماً على نهاية الحرب الكورية، ظلّت المنطقة منزوعة السلاح التي يبلغ طولها 160 ميلاً (257 كيلومتراً)، وتفصل بين كوريا الشمالية والجنوبية، منطقة محظورة.
كانت هذه المنطقة ذات يوم مركزًا للصراع، ولا تزال القرى السابقة موجودة والمعدات العسكرية، وقد سمح عدم التدخل البشري للأرض بأن تصبح ببطء ملاذاً للحياة البرية.
تُعد المنطقة الآن موطنًا مزدهرًا لأكثر من 6000 نوع من النباتات والحيوانات. وبين 267 نوعًا مهددًا بالانقراض في كوريا، يعيش 38% منها في المنطقة المجردة من السلاح، وفقًا لما ذكره المعهد الوطني للبيئة. وتشمل، السحلية المنغولية التي تعيش على ضفاف الرمال وتحت الصخور، وثعالب الماء التي تسبح على طول النهر الذي يمتد بين كوريا الشمالية والجنوبية، وغزال المسك المهدد بالانقراض، وأسماك السلمون المرقط المنشوري.
قرية المدام، الإمارات العربية المتحدة
عندما تتخيل أن الطبيعة تسيطر عليك، فيحتمل أن يتبادر إلى ذهنك اللون الأخضر. لكن في قرية المدام تتبدّى لك الطبيعة باللون الأصفر.
تبعد قرية المدام 70 كيلومترًا (43 ميلًا) عن مدينة دبي في دولة الإمارات، وهي عبارة عن “مدينة أشباح صغيرة” أصبحت في السنوات الأخيرة منطقة جذب سياحي.
تتميز القرية بصفين من المنازل المفروشة، ومسجد أنيق، ويبدو أنّ الناس تخلّوا عنها على عجل، وخلفوا مستوطنات تستعيدها الصحراء الآن.
ليس هناك من إجابة محدّدة حول سبب هجر القرية، لكنّ يشير الباحثون إلى ظهور مدن مثل دبي والشارقة، حيث ذهب الناس بحثًا عن فرص أفضل وظروف معيشية أسهل.
ستاك روك فورت، ويلز، المملكة المتحدة
تقع قبالة ساحل بيمبروكشاير، غرب ويلز، وهي عبارة عن كبسولة زمنية على شكل حصن شُيّد على جزيرة، وهُجر منذ فترة طويلة.
بُني حصن “Stack Rock Fort” في خمسينيات القرن التاسع عشر للحماية من الغزو البحري. لكن استخدامه تراجع على مرّ السنين.
منذ ما يقرب من 100 عام، تم استصلاح الحصن ببطء من قبل النباتات والحيوانات.