بالأثواب الإماراتية التقليدية وعصي الخيزران النحيلة، جمعت فرقة “ابن ماجد للفنون الشعبية والتجديف” زوار فعاليات الدورة الـ 18 من أيام الشارقة التراثية، على أولى عروض فن العيالة الإماراتية، ليأخذوا زوار الحدث الذي يتواصل حتى 10 أبريل المقبل، في رحلة إلى أجواء الفرح وطقوس الاحتفال بالزفاف والمناسبات الوطنية الإماراتية الشعبية، لتجسد معنى الشهامة والعزة في انسجام حركاتها ووحدة صفها.
وعلى إيقاع طبول الجلد تحولت الساحة الرئيسية لمنطقة التراث في قلب الشارقة إلى ليلة من ليالي ذاكرة الآباء والأجداد الإماراتيين اللذين بنوا بقيمهم وصبرهم تاريخ الإمارات، حيث اصطف أكثر من 60 رجلاً في صفين متقابلين ليؤدوا فن العيالة الذي يجمع بين حركة المؤدين والعصي المحمولة في أكفهم من جهة، وبين القصائد المؤداة والأهازيج التي ترافقها إيقاعات طبول الراس من جهة أخرى.
وقادت الفرقة التي تمثل جانباً من تراث أهل الساحل الإماراتي جمهور الحدث المتوافد من مختلف بلدان العالم، للتعرف على ذاكرة المهن، وتقاليد الزفاف، والموسيقى، والشعر الشعبي الإماراتي، حيث تعرف الزوار إلى جانب أداء العيالة على أهم الآلات الموسيقية فيها، ومن أبرزها: “التخامير” وهي طبول صغيرة، وطبل “الراس” و”الاسماع” وهو عبارة عن إيقاع مصنوع من جلد الغنم يساعد “التخامير” بالإضافة إلى “الطوس” وهو زوج من صحني النحاس يصدر أصواتاً مثل رنين الأجراس.
وقال أحمد محمد سعيد آل علي، نائب رئيس جمعية ابن ماجد للفنون الشعبية والتجديف: “إن تعريف الأجيال الجديدة والجاليات والسياح في دولة الإمارات على تراث الإمارات هو جزء من الواجب الوطني، وتعبير عن أصالة التطلعات التي تطمح لها بلادنا، وتأكيد على أنها قائمة على جذور راسخة وعميقة كرسها الآباء والأجداد منذ سنوات بعيدة”.
وأوضح آل علي أن فن العيالة تعبير عن بعض القيم التي يتمسك بها المجتمع الإماراتي، فهي قائمة على وحدة الصف، والاتحاد، والانسجام في الحركة والإيقاع، وتظهر جمال أدائها كلما زاد أعضاء الفرقة، لافتاً إلى جانب أنها ليست فناً منفصلاً ومنعزلاً، وإنما ترتبط بها عدد من الفنون مثل فن الآهل، والإنشاد، وحتى صناعة الطبول، وصناعة الخيزران، وغيرها من الحرف.
وتشير بعض المصادر والمراجع إلى أن العيالة هو فن شعبي عربي أصيل يؤدى في دولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان، يصعب تحديد موعد نشأته ما بين القبائل العربية أو كيفية نشأته ومن المُعتقد أن العيالة كانت تُؤدَّى بصفة أساسية بعد الانتصار في الحرب وكان يقوم بها أفراد القبيلة المنتصرة وبذلك فهي عند قبائل العرب تحمل تجسيدًا لمعاني القوة والفروسية التي أهلَّت صاحبها للانتصار.
ويؤدى فن العيالة بواسطة صفين متقابلين من الرجال، ويتماسك أفراد كل صف جيدا بحيث يبدون متلاصقين فيمسك كل رجل بيد الآخر ويحيط يده الأخرى بخصره، ما يدل على التماسك والتعاون القبلي، ويتوسط الصفين فرقة تتولى الموسيقى حيث يحمل أفرادها الطبول والدفوف وغيرها، ويرأس الفرقة الموسيقية رجل يحمل طبلة اسطوانية الشكل ذات وجهين تسمى “كاسر” وهي التي تعمل على إعطاء الموسيقى الطابع الحماسي المميز للرقصة والملائم للشعر الذي يقال أثناء الرقص.